اراء و مقالات

أحزاب الأردن الجديدة وأول الانطباعات: «مسرح دمى» و«سمك لبن تمر هندي»

مفردة «رفيق» في عمق البادية

عمان- «القدس العربي»: «سمك لبن تمر هندي».. «بدايات هزلية».. «مسرح دمى».. «حزب دوار الشعب».
تلك عينات فقط من أوصاف وعبارات استخدمها نخبة من الإعلاميين والوزراء السابقين في التعليق على مسار الخريطة الحزبية التي بدأ مخاضها في الحالة الأردنية الحالية تحت عنوان تحديث المنظومة السياسية والحزبية بالإعلان عن أولى الخطوات، وهي التقدم بطلب ترخيص حزب الميثاق، حيث وقع على طلب الترخيص هنا عشرات الوزراء السابقين وأعضاء مجلسي الأعيان والنواب في مفارقة توقف عندها كثيرون.

ترحيب «ساخر»

الترحيب حار، لكن من زاوية ساخرة هذه المرة وتحت عناوين «تصنيع» التجارب الحزبية أو أحزاب الأنابيب. ومن يتابع منصات التواصل الاجتماعي الأردنية، يعلم مسبقاً أن الرأي العام لا يلتقط، بإيجابية، التجارب التي تم الإعلان عنها حتى الآن، على الرغم من وجود بعض المحطات التي يمكن القول إنها مضيئة سياسياً، لكنها تحت كل التفاصيل.

مفردة «رفيق» في عمق البادية

ولأن حزب الميثاق كان المبادر الأول للإعلان عن هيكله القيادي، حظي بالحصة الأوفر بالمقابل من رمي السهام والنقد وأحياناً التشكيك والتجريح، مما دفع قياديين فيه مثل طلال الشرفات والوزير السابق حديثة الخريشا وغيرهما، إلى الرد والتوضيح والاشتباك، وإلى الوعد بأن مستقبل الوطن السياسي في اتجاه تجربة حزبية وسطية منطقيه ومتزنة وتراعي المصالح العامة.
حزب الميثاق الذي يظهر مبكراً باعتباره حزب السلطة الأقرب أو التجربة الحزبية الجديدة الأقرب للسلطة، كان نجماً لأول عملية التقاط لبيان تأسيس حزب جديد؛ فقد لجأ بعض النشطاء إلى طرح تساؤلات حول عبارة واحدة وردت في البيان التأسيسي للحزب، فكرتها عن حماية المواطن الأردنية الراسخة وعدم القبول بالشراكة معها.
سأل مراقبون بالجملة عبر وسائط التواصل وحتى في مهامسات ومجالسات الصالونات السياسية: ما المقصود بمفردة «راسخة» عندما تلصق في بيان تأسيس حزب له علاقة بتحديث المنظومة عند محاولة تعريف المواطنة؟
السؤال الثاني: كيف وعلى أي أساس لا تقبل المواطنة الشراكة؟ ما المقصود في هذا الكلام؟
طبعاً، طرحت هذه الأسئلة أيضاً بعجالة، مع أن الحزب لم يتأسس بعد في إطاره الهيكلي، ولم يقل كلمته في السياقات.
لكن لوحظ بأن نشاط الحزبيين المفترضين وصل إلى مستويات متقدمة على نحو مفاجئ، فالأب الروحي والمؤسس لحزب زمزم المنشق بأغلبية قياداته في الواقع عن الإخوان المسلمين، حظي بحزمة أضواء وسط منصات التواصل وبعض المواقع الإعلامية، والحديث هنا عن الشيخ إرحيل الغرايبة، وهو يستقبل في بيته جلسة سياسية ناقشت المستقبل السياسي للمملكة بحضور رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عمر الرزاز.
طبعاً، لا توجد علاقة لا سياسية ولا فكرية، يمكن أن تجمع بين الشيخ الغرايبة والدكتور الرزاز.

ظهور الرزاز

لكن ظهور الرزاز في مشهد من هذا النوع وبهذا التوقيت وبعد طول غياب، مؤشر على دعم رجل هو آخر رئيس وزراء رحل عن الحكومة قبل تحديث المنظومة، وداعم للخط الجديد. وفي الأثناء كان رئيس اللجنة الملكية لتحديث المنظومة سمير الرفاعي يتنشط هو الآخر في مدينة معان جنوبي البلاد، وهو يحث الأردنيين على العمل الحزبي، مقترحاً على الشباب والمتقاعدين تجهيز أنفسهم للمشاركة بتجارب حزبية وتبادل الخبرة معهم.
الجديد في خطاب الرفاعي أنه تحدث هذه المرة عن ضمانات، من بينها أن القانون يوفر الحماية للنشاط الحزبي، وأن زمن استهداف النشاط الحزبي انتهى.
طبعاً، بقية أعضاء نادي رؤساء الوزارات لم يظهر أي منهم في إطار مشاورات لتشكيل أحزاب سياسية.
في الوقت نفسه، لاحقت الأضواء أكثر من تجربة، فهذه تسريبات تتحدث عن احتمالية التوجه لتأسيس حزب عقائدي فكري، يبدو أنه على نمط الحزب القومي الاجتماعي الشهير، والتجربة هنا مرتبطة بنشاط عضو البرلمان السابق ورئيس نادي الوحدات سابقاً، طارق خوري.
لكن التفاصيل مجهولة، إلا أن عضو البرلمان السابق أيضاً علي السنيد، أفصح -حسب صحيفة عمون، المترصدة بكل المحاولات الجديدة- عن نيته إجراء مشاورات يجريها مع فعاليات وطنية وسياسية في محافظة مأدبا لتشكيل حزب باسم حزب العمل الوطني.
ملاحظ هنا تكالب أعضاء البرلمان في السابق وحالياً على المبادرات الجديدة، رغم حذر وضعف يقين وثقة الرأي العام عموماً.
وذلك مؤشر -في رأي المراقبين- على أطماع انتخابية في مقاعد برلمانية، ولاحقاً في حكومات يمكن أن تشكلها كتل برلمانية أو حزبية. وبناء عليه، الحساب الانتخابي حتى هذه اللحظة هو الأساس على الأقل في التجارب الحزبية التي ظهرت أو تم التعبير عنها حتى الآن، وتلك مسألة تستحق التأمل؛ لأن النشاط المتعلق بتأسيس أحزاب جديدة يشغل شريحتين حتى الآن في المجتمع، هما أعضاء البرلمان سابقاً وحالياً، وأصحاب المطامح والمطامع في الترشح للانتخابات.
وهذا يعني أن التجارب بوضعها الحالي، على الأقل المعلنة حتى اللحظة، لا تتوفر لها حاضنة اجتماعية عميقة في المجتمع.

إشارات

في المقابل، إشارات هنا أو هناك متفرقة على صعيد حالة المخاض، التي وصفها المفوض السابق لملف حقوق الإنسان في رئاسة الوزراء باسل الطراونة، بأنها أحزاب أسماء وليس برامج حتى الآن، مقترحاً أن مصلحة الوطن تريد السرعة في إعداد البرامج وليس التسرع في تأسيس أحزاب.
لكن ثمة إضاءة يمكن أن يكون بطلها وزير العمل الأسبق نضال البطاينة، الذي يجري اتصالات علنية مع نخب في عدة محافظات ومدن على أمل تشكيل حزب سياسي يكون ثقله هذه المرة في مدينة إربد شمالي البلاد، وليس في مدينة مأدبا جنوبي العاصمة عمان، كما هو الحال مع حزب العمل الوطني الجديد تحت التأسيس.
لم يوضح المهتمون والمنشغلون بتيارات العمل المدني مواقفهم وبوصلتهم حتى الآن.
ولم تقل الأحزاب اليسارية العريقة التي تتشكل من تجارب غنية وثرية، موقفها في إطار التشكيل الجديد للخارطة الحزبية.
لكن الانطباعات تشير، في المقابل، إلى أن ناشطة في إحدى قرى شمالي البادية لفتت الأنظار وهي تعلن عن تنظيم لقاء لتعريف حزبها الجديد بجمهور القرية والناحية التي تقيم فيها، وهي الناشطة أسماء السردي.
والحديث عن الحزب الديمقراطي الاجتماعي الأردني قيد التأسيس، وما لفت النظر في السردي أنها تخاطب عبر وسائل التواصل من يناقشها باعتباره «الرفيق فلان»، وهذا يعني أن كلمة رفيق ولأول مرة قد تدخل في إطار مجالسات محلية لها علاقة ببعض قرى البادية الشمالية في الأردن بمحاذاة الحدود مع سوريا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى