Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اراء و مقالات

«إجراءات تخاطر باستقرار الأردن»: عبارة أمريكية بالتزامن مع «خرائط جديدة» ومخاوف «ضم بالتجزئة»

عمان- «القدس العربي»: يمكن وضع عدة خطوط سياسية وأمنية وراء العبارة القصيرة التي وردت في رسالة وقعها 178 عضواً من الكونغرس الأمريكي من أصل 212 عضواً عن الحزب الديمقراطي وتم توجيهها لبنيامين نتنياهو لإظهار موقف حاد تجاه إجراءات الضم الأحادي لأي أرض في الضفة الغربية أو في قطاع غزة.
عددت الرسالة نقاط الخلاف والتجاذب في مسألة الضم.
لكن الخطوط الأردنية تحديداً يمكن وضعها تحت العبارة التي وردت في الرسالة ذاتها، وتقول: «إجراءات الضم الأحادي تخاطر باستقرار الأردن».
تلك فقرة في الرسالة يقترح الناشط السياسي الأمريكي الفلسطيني الدكتور سنان شقديح، على الأردنيين التوقف عندها ملياً؛ لأن الموقعين على تلك الرسالة يمثلون بقايا أصدقاء عمان في الماضي في الكونغرس من مخضرمي الحزب الديمقراطي الذي لا يحكم.
لا بل تنطبق عليه تلك المعايير التي وصفها يوماً وزير الخارجية الأسبق الدكتور مروان المعشر، عندما قال إن الولايات المتحدة اليوم ليس فيها لا حزب ديمقراطي ولا محافظ من الصنف الذي كان يعرفه الجميع في الماضي.
في سياق التزامن الملموس، تحذر رسالة أعضاء الكونغرس من المخاطرة الإسرائيلية باستقرار الأردن، في الوقت الذي تعود فيه مؤسسة إسرائيلية أرشيفية تسمى المكتبة الوطنية الإسرائيلية لاعتماد خريطة جديدة لإسرائيل الكبرى.
الخريطة الجديدة تتجاوز ما رسمته خريطة الوزير الإسرائيلي سيموريتش الشهيرة في باريس قبل أكثر من عامين. وتوضح بأن كامل حدود المملكة الأردنية هي جزء من إسرائيل الكبرى، ما يعيد التذكير بما سبق أن قاله علناً عدة مرات لـ «القدس العربي» السياسي الأردني المخضرم الدكتور ممدوح العبادي، تحت عنوان استغرابه من المستغربين لاعتماد مثل تلك الوثائق.
مجدداً، يذكر العبادي بأن الخرائط جزء من الموروث الثقافي لحزب الليكود، والمجرمون الذين يرتكبون المذابح الآن ضد الأهل في قطاع غزة انتخبهم جمهورهم الإسرائيلي أصلاً بناء على ذلك الأرشيف وتلك الخرائط، ما يجعل المواجهة المباشرة آتية لا ريب فيها.
السلطات الرسمية أو على الأقل الحكومية، تحتفظ بتقدير مختلف، فيما يبدو فكرته أن إسرائيل المنبوذة والمعزولة دولياً والتي يحاكم قادتها جنائياً في المجتمع الدولي الآن ليست يصدد إقامة مشروع إسرائيل الكبرى، ومن ثم ليست بصدد تهديد الأردن. كرر خطاب من هذا القبيل قبل 3 أيام رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان، عندما حاول طمأنة الأردنيين على هامش اجتماع وزاري جنوبي البلاد، مشيراً إلى الجهد الذي ساندته المملكة في مشروع الاعتراف الدولي الكبير بالدولة الفلسطينية.
قال الدكتور حسان في جملة سياسية هي أقرب إلى فقرة على هامش اجتماع، إن الشعب الأردني ومصلحة الدولة هما الأولوية، وكرر بعض العبارات التي يفهم منها أن حكومته في اشتباك، وإسرائيل تدفع كلفة النبذ الدولي، والبطولات والتضحيات تدار بصمت.
لم يحدد الخطاب ما هي البطولات التي تديرها الحكومة بصفة خاصة في سياق التصدي لمشروع إسرائيل الكبرى، ولا حتى الخطة للمواجهة، ولم يكشف عن حقائق الاتصالات.
المبادرات الآن يقوم بها أعضاء كونغرس في تشخيص المخاطر وليس مسؤولون أو معارضون أو شعبويون أردنيون.
العبارة الأخيرة لو تبناها أو نشرها معلق ما، كان يمكن قبل أسابيع أن يصطاده قانون الجرائم الإلكترونية. لكن عندما يقولها الصديق الديمقراطي الأمريكي الموالي في الأساس لإسرائيل، يصبح لزاماً على الأردنيين جميعاً فتح الأعين والمراقبة ووضع الخطوط، حيث اليمين الإسرائيلي -وهو ما لاحظه في حوار مع «القدس العربي» أيضاً الناشط السياسي محمد الحديد- يضيف يوماً بعد آخر لبنة في بناء متدرج اسمه فرض الوقائع الجيوسياسية على الأردن بضم الضفة الغربية والأغوار.
الحكومة لا تبدو قلقة لا من تعبير الأردنيين العارم في وقفاتهم مع مشاعر القلق والتوتر، ولا من سردية الضم كما يعلنها اليمين الإسرائيلي في منابره الإعلامية.
والانطباع في عمان بعد ورشة عمل شرعنة الدولة الفلسطينية في نيويورك، هو أن الرئيس دونالد ترامب في طريقه لصد أو إحباط خطة اليمين الإسرائيلي بضم الضفة الغربية والأغوار، وأن تلك الخطة ليست جدية أو لم تعد كذلك، خصوصاً بعد التحذيرات العلنية لدول أوربية كبيرة، ومقاطعة غالبية الوفود لخطاب بنيامين نتنياهو في الأمم المتحدة، وأيضاً بعد رسائل في الاتجاه المعاكس متعددة من أعضاء الكونغرس.
مستوى الاسترخاء البيروقراطي هنا لا يجيب عن سؤالين سياسيين:
الأول: ترامب سيصد مشروع الضم.. هل هذه معلومة أم انطباع وتقدير؟
والسؤال الثاني: لماذا يزج 178 عضواً في الكونغرس برسالتهم ضد إجراءات الضم بالعبارة التي تشير للمخاطر على استقرار الأردن؟ أغلب التقدير أن خطاب البطولات السرية الحكومي لا يجيب عن مثل هذه الأسئلة، ولا يضع نقاطاً فوق الحروف المنتشرة كالنار في الهشيم، وفقاً لشقديح وآخرون وفي كل الأروقة الأمريكية والدولية؛ لأن مشروع الرئيس ترامب في صد خطة ضم الضفة الغربية يقابله تسريبات بعنوان تمكين نتنياهو وطاقمه من تجزئة خطة الضم بصيغة تحول دون تنفيذ الخطة كاملة إلى إنجاز يفترض أن يصفق له العرب والفلسطينيون والأردنيون.
معنى ذلك، أن نتنياهو مقابل تجنب إعلان الضم الكامل، قد يحصل على تفويض أمريكي يسمح بضم بعض المناطق وبتثبيت خطط استيطانية جديدة.
الأهم أردنياً، أن نتنياهو قد يحصل على ضوء أخضر لضم الأغوار، الأمر الذي يبقي مصالح الدولة الأردنية العليا وثوابتها على الحافة تماماً، لا بل يصنفه أردنيون خبراء من بينهم نضال أبو زيد وأنيس القاسم، بـ «إعلان حرب» حقيقي.

 

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading