استقالات في غرفة «صناعة عمان» وأزمة «تذمر» القطاع الخاص «تتدحرج»… وألغام بالجملة في أقرب مربع من الرزاز
«المركزي» يطمئن الجميع «الدينار الأردني بخير»
ما الذي دفع كبير السياسات النقدية والمالية في الدولة الأردنية الدكتور زياد فريز للخروج للإعلام وطمأنة الجميع «وضع الدينار بخير ولا مبرر للقلق، والاحتياطات النقدية متوفرة، والسيولة متوفرة بكثافة في البنوك، والجهاز المصرفي يعمل بكفاءة».
فريز، رئيس البنك المركزي الأردني، أحد عناصر الاطمئنان العام في المسألة المالية مرحلياً، والإجراءات التي يتخذها «منطقية وإيجابية ومنتجة دوماً»، كما فهمت «القدس العربي» مباشرة من وزير المالية الدكتور محمد العسعس. لكن فريز تحدث مع الإعلامي هاني البدري مع أنه قليل الكلام وزاهد تماماً بكل الأضواء، وإن كان هناك جدل له علاقة بوضع الخزينة وكلفة مواجهة فيروس كورونا والمسألة الاقتصادية عموماً.. دفعه للتحدث وبالاختصاص فقط.
عملياً، يخفف مثل هذا الضغط عن وزير المالية الدكتور العسعس الذي كان أول مسؤول في الدولة عشية فرض حظر تجول تام يعلن معادلة الانحياز لـ»صحة المواطن الأردني» على حساب الأرقام والوضع المالي وبقية الاعتبارات الاقتصادية.
وهي معادلة لم تعجب أطرافاً عدة حتى اللحظة، وإن كانت تعكس ضمنياً تفكير واتجاه نخبة رجال «القصر الملكي» في المسار نحو الاحتواء الصحي للفيروس قبل بقية الاعتبارات ومن دون حسابات رقمية ومالية مرحلياً على الأقل إلى أن انتهى المشهد بتوجيه ملكي مباشر للحكومة بالاستعداد لمرحلة ما بعد فيروس كورونا وحماية الاقتصاد الوطني.
ما يقوله العسعس لا يعجب مثلاً رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب خالد البكار، الذي يضغط على الحكومة بمقترحات تحاول «الانتباه» لوضع الخزينة بعد كورونا وإثر تعطيل الإنتاج، خصوصاً على صعيد «عوائد الضريبة»، متوقعاً أن لا تضخ نحو أربعة مليارات دينار مقررة ضمن الميزانية التي مررتها لجنته. لا يعجب الأمر أيضاً وزير الاقتصاد الأسبق سامر الطويل، الداعي إلى إعلان القوة القهرية وقرارات جريئة من الوزن «التأميمي» للحفاظ على القطاع الخاص المعرض للانهيار الآن، خصوصاً بعد تعطل نظام «مياومات الإنتاج» للشركات المتوسطة والصغيرة التي «تترنح» فعلاً الآن.
وأيضاً لا يعجب رجل الأعمال ورائد الملكية الفكرية المعروف طلال أبو غزالة، الداعي إلى معادلة متوازية بين الحفاظ على «حماية الأرواح» مع الحفاظ على التشغيل والوظائف والأرزاق. وتتزاحم الآراء والاجتهادات فجأة في الأردن تحت رسم «السؤال الاقتصادي..»ماذا بعد احتواء أو عدم احتواء فيروس كورونا؟».
الحكومة لا تطرح جواباً مباشراً وواضحاً حتى الآن، وكل ما تنشغل به «احتواء الفيروس» حتى لا يضرب بقوة في عمق المجتمع وتتهم الحكومة بالتراخي. لكن الاضطراب بدأ يصيب بعض أوتار ومفاصل مؤسسات القطاع الخاص؛ فقد حصلت «القدس العربي» على نسخة من «استقالة» عضوين في مجلس صناعة غرفة عمان العاصمة من كبار ممثلي القطاع الصناعي، وفي نص الاستقالات «اعتراض بالجملة» على إدارة الغرفة وعلى «سلوكيات» وزارة الصناعة والتجارة وتلميحات عن «لوبيات» وتمييز وإقصاء وضعف بنية ودور الغرفة.
لا يبدو القطاع التجاري بحال أفضل في ظل حظر التجول وما تردد عن «فوضى التصاريح» التي يقال إنها منحت لمحظيين دون غيرهم من الصناعيين والتجار، وبصورة دفعت حتى القصر الملكي لجملة اعتراضية نقدية ينبغي أن يتأملها جيداً رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز، وتتحدث بصيغة «لا أحد فوق القانون».
موجة الاضطراب المرتبطة بالسؤال الاقتصادي وبعد معالجة الثنائي فريز-العسعس للسؤال المالي بطريقة مقنعة وصلت حتى مقر رئاسة الوزراء، حيث تدار الجوانب «العملياتية» في تطبيقات الحظر والعزل والتجول والتباعد الاجتماعي، ووصلت أيضاً إلى مفاصل الخلايا الوزارية، وحتى في عمق «مجموعات إدارة الأزمة» والطاقم الاقتصادي الذي يدير العملية الإنتاجية في ظل الأزمة العميقة، حيث مساجلات وملاحظات وتسريبات عن سحب استقالات وزارية لها علاقة بوزيرين على الأقل في الحكومة معنيين بأزمة «التصاريح والمحسوبيات».
على صعيد الاشتباك مع الفيروس، لا يبدو أن وزيري الزراعة والعمل، إبراهيم شحاحده ونضال بطاينة، بمعزل عن الجدل العنيف في مقر رئاسة الوزراء، وليس فقط في الشارع أو منصات الإعلام، ولا يبدو أيضاً أن الأمور «مريحة» أو بقيت مريحة في العلاقة ما بين الوحدة التي يقودها باسم رئاسة الوزراء الوزير سامي الداوود، وبين بعض المؤسسات السيادية.
ذلك تماماً آخر ما يحتاجه المشهد العام في الحالة المحلية أثناء المعركة مع فيروس كورونا، خصوصاً بعد النجاحات المؤثرة والعميقة لمؤسستي الجيش والأمن، وللقطاع الصحي، في إدارة الصف الأول في الاشتباك مع التفاصيل.
وما يمكن أن تعاني منه حكومة الرئيس الرزاز وقريباً جداً إذا لم يستدرك رئيسها ويعالج بجرأة الانقسامات الداخلية ويبدل في الرموز ويتخذ إجراءات.. هو حالة استحقاق سياسية وطنية يصبح معها الإجراء القاسي -مهما كان نوعه- جزءاً حيوياً وأساسياً من مواجهة كورونا نفسها وظروفها.