Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اراء و مقالات

الأردن: ارتياب الموظف بـ«المستثمر»

الاستثمار ينتعش في ظل تعزيز استقلالية القضاء ووجود مسطرة قانونية تطبق على الجميع وفي ظل حريات عامة مكفولة واحتكام دستوري

الجدل الذي أثاره أحد المستثمرين في الأردن وهو يتحدث عن «مضايقات ابتزازية» تعرض لها يعيد النقاش في ملف الاستثمار تحديدا إلى المربع الأول حيث السؤال القديم الكلاسيكي: ما هو المطلوب من المستثمر- أي مستثمر- حتى يقنع الموظف العام- أي موظف- بأن تسهيل مهمة الأول عموما يعود بالنفع المباشر والمكاسب ليس على الدورة الاقتصادية بل على تعليم وصحة أولاد وعائلة الثاني؟
مسافة الإجابة «أقصر بكثير» من السؤال لأن الثقافة البيروقراطية العامة لا تزال وسط الموظفين هي ثقافة «الارتياب» بالمستثمرين ورجال الأعمال والاعتقاد مسبقا بأن هدفهم تحقيق الأرباح على أكتاف الوطن.
المستوى المؤسساتي لا ينظر للمستثمرين باعتبارهم «شركاء».. تروى بين الحين والآخر قصص وروايات عن كيفية تلاشي وذوبان مشاريع ريادية تحت أقدام الترهل أو اجتهاد صغار الموظفين أو نزق مسؤول هنا أو هناك.
وما نقترحه أن تجمع تلك الروايات في صندوق واحد وتقرأ ثم تدرس بحياد للتوصل إلى خلاصات مفيدة بدلا من بقاء لهجة تبادل الاتهامات والتلاوم.
ذات الثقافة العامة لا تزال في الموقع القديم حيث ظروف ومتطلبات ومناخات وطنية وأخرى متكلسة تجعل الأولوية «للأمني» على حساب «الاستثماري» عندما يتزاحمان وسط جدلية كلاسيكية تسأل: أيهما يحمي الآخر؟
والأصل هنا أن تتفاهم المؤسسات الرسمية وتقرأ الخسائر والمكاسب في أي استثمار ثم يتخذ القرار على الصعيد المؤسسي بمعنى مراجعة المشاريع وتعديلها مع أصحابها بدلا من طردهم أو إغلاق ملفاتهم.
جذب الاستثمار لا يبدأ لا من تأسيس وزارة باسم «تشجيع الاستثمار».
ولا من تعيين وزير يصبح الوصول إليه مهمة شبه مستحيلة ويبدع في إغلاق الأبواب أو يركز على ممارسة قناعاته الشخصية فقط.
الاستثمار يبدأ عندما تتعمم الثقافة التي تفترض أن الموظف العام واجبه حماية الاستثمار والسهر من أجله وليس «حراسة الوطن من أوغاد المال والأعمال» فتلك الوظيفة واجب عدة مؤسسات لديها القدرة على التقدير وجلب المعلومة وإجراء التحليلات التي تحافظ على المصالح الوطنية.
طوال الوقت يتحول موظفون وبالمناسبة نتحدث هنا عن موظفين صغار في الرتبة الإدارية إلى حراس لمصلحة الوطن لديهم سلطات تقديرية موسعة أو ليست مفصلة ويمكنهم الادعاء بالحرص على المصالح أكثر حتى من الحكومة والوزير المختص في بعض الأحيان.

الاستثمار ينتعش في ظل تعزيز استقلالية القضاء ووجود مسطرة قانونية تطبق على الجميع وفي ظل حريات عامة مكفولة واحتكام دستوري

خلافا للانطباع السائد الاستثمار ينتعش في ظل تعزيز استقلالية القضاء ووجود مسطرة قانونية واحدة تطبق على الجميع وفي ظل حريات عامة مكفولة ومصونة واحتكام دستوري شديد متصلب ومتزمت عندما يلزم الأمر وسياسات إنصاف على المستوى البيروقراطي وحريات تعبير مضمونة.
ينتعش الاستثمار عندما يستمع المستثمرون في الغرف المغلقة لخبرة زملائهم قدامى المحاربين والشركاء في القطاع الخاص، وعندما تتحول الشراكة مع القطاع الخاص إلى «استراتيجية عمل وطنية» وليس مجـرد «لعبة» يتسلى بها وزير بين الحين والآخر.
دون ذلك يخاف ويتردد الاستثمار الحقيقي وينتعش ويزحف ويتحرك أدعياء الاستثمار أو رموز الأعمال المزيفين والطارئين.
نحسب وأمرنا إلى الله أن قوة القانون وسلطة القضاء والمناخ الحرياتي العام والانتخابات النزيهة هي العناصر الأولى التي يستفسر عنها أي مستثمر حقيقي.
ونحسب أن دورات منتجة ينبغي أن تعقد لشرائح الموظفين الذين تتطلب مهام وظائفهم وواجباتهم الاحتكاك بالمستثمرين بهدف ترويج عقيدة إدارية مستجدة يفهم معها الموظف العام بأن المستثمر «صديق وشريك» ولا يتربص لا بالبلاد ولا بالعبادة وليس سرا أن المطلوب في المقابل «تقليل عدد» الذين يمارسون الادعاء بأنهم يمثلون مراكز القوى الحكومية في الأحاديث الجانبية مع «مستثمرين محتملين».
كنا قبل وقت قصير مع «وزير» كان يبلغ الجميع بأن الأنفع للبلاد والعباد هو المستثمر الجدي الملتزم النزيه وليس الباحث عن صفقة أو تربح أو «ضربة حظ» أو شبكة شللية تحمي مصالحه.
بتنا قبل أسابيع فقط مع مسؤولين يعلنون زميلهم المشار إليه لا بل يطالبون بسجنه دون توضيح حول الخلفيات والأسباب.
قبل أسابيع أيضا غادر الحكومة وزراء راهن عليهم الجميع بدون معرفة الأسباب التي رحلوا من أجلها في رسائل واضح أن المستثمر يقرأها ويعلم ما الذي تعنيه.
تقلب المسؤولين عن القرار الاقتصادي والاستثماري وكثرة عدد التغييرات الوزارية وتعيين ثم زحلقة وزير اقتصادي فجأة لا يسمح لأي مستثمر بالاسترخاء وتلمس جدية أي حكومة.
إضافة لذلك يمكن القول إن الإفراط بـ«الدلال» لأحدهم معادلة تحقق عكس المطلوب فيما الاسترسال في إصدار قرارات «إدارية» تعيد تفسير النص القانوني هنا وهناك مع كثرة التعديلات الوزارية والتشريعية من عناصر المشهد التي تقرأ عند المستثمر الحقيقي.
أي شريك اقتصادي خارجي يرغب في الاستثمار في الأردن يبدأ بالسؤال التالي: لماذا يغادر مستثمرون أردنيون من الطبقة الوسطى بلادهم إلى دول مجاورة؟
لا تريد الحكومة لا طرح هذا السؤال ولا الإجابة عليه لكن مستويات جذب الاستثمارات تتطلب جرأة في التشخيص وفهم الأسباب التي لا تدفع الحكومة للاهتمام حقا بجذب أو «توطين» رأس المال الاستثماري المحلي بدلا من التشفي هنا أو هناك بمن أخفق أو فشل في الخارج.

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading