الأردن: البقاء والمصالح والتوازن
«قلة الحيلة» لا يمكنها أن تكون «استراتيجية وقائية» عميقة تحافظ على «البقاء والمصالح والتوازن».
مضمون اللغة الحكومية الرسمية الأردنية على النحو التالي: المساعدات عبر الطائرات «رمزية»… الانضمام إلى قضية محكمة العدل العليا ضد الكيان «لفتة دبلوماسية»… التقدم بـ»مرافعة خبراء» خطوة لم تكتمل… عشية شهر رمضان المبارك «الدعاء لأهل غزة» و… «قواعد الاشتباك مع العدو مستمرة».
فوق ذلك: «الجسر البري» لضمان» نقل المساعدات لضحايا العدوان» والسماح بـ «تصدير الخضار» للكيان خطوة تهدف لمنع حكومته اليمينية المتطرفة من «وقف ضخ الغاز».
و»تجميد» مراجعة مجلس النواب لاتفاقيات التطبيع تقرر بعد اكتشاف «أخطاء وكوارث» وقع عليها مفاوضون بالماضي قد تعود بـ»خسائر اقتصادية مكلفة» خلافا لأن البقاء بمستوى التطبيع «ضمانة» لسعر «الدينار» وعدم إقامة «أي علاقة» مع فصائل المقاومة سببه تصنيفات القوانين الفيدرالية الأمريكية والحرص على الاحتفاظ بمليار ونصف المليار من المساعدات سنويا.
يمطرنا المتطرفون سلميا بما هو «أكثر خطورة»: السلام مع إسرائيل «عقيدة وتجارة واستثمار»… الشعب الأردني «مسالم ويحب السلام»… «نحن لسنا السعودية ولا مصر» حجما ومالا ومساحة ودورا.
تلك عناوين عامة لأهم موقف نسبيا تتخذه الدول العربية وهو موقف نبيل ويتميز بالفروسية لكنه بكل بساطة «مش كفاية» في ظل استمرار وجود «صنبور الغاز والطاقة» ثم «حنفية المياه» عند «الجار الإسرائيلي المجرم».
وفي ظل تكبيل الأذرع الأردنية بـ13 اتفاقية يشهد من فاوضوا من أجلها ووقعوها بأن الجانب الآخر لم يلتزم إطلاقا بأي منها حتى في عهد الحكومات العلمانية «الصديقة».
تلك السردية لا تصلح لإقناع أصغر مواطن اليوم، وبكل حال لا يمكنها أن تشكل استراتيجية حقيقية لفداء وإنقاذ الذات ولا للحفاظ على ما تبقى من دور أو وظيفة إقليميا.
تلك حكاية تروى في فنون «قلة الحيلة» مع يقين الأردنيين جميعا بأن لدى مملكتهم أوراق قوة جذرية وعميقة كفيلة بإحالة كل «محنة» إلى «منحة» وكل أزمة إلى «فرصة» خصوصا مع الإسرائيليين الذين يمكن بالحد الأدنى «إقلاق راحتهم» وإزعاجهم و«خدش» عملاقهم الإرهابي الدموي ليس تضامنا مع الشعب الفلسطيني بل مع «حق الشعب الأردني» بالبقاء والكرامة.
تبدو بعض تلك السرديات والألغاز مضحكة وبكل حال غير مقنعة أو أقرب إلى صيغة «فبركة تصور» لأسباب تبريرية أو «دعائية».
تكبيل الأذرع الأردنية بـ13 اتفاقية يشهد من فاوضوا من أجلها ووقعوها بأن الجانب الآخر لم يلتزم إطلاقا بأي منها حتى في عهد الحكومات العلمانية
أحسن صنعا هؤلاء الذين اجتمعوا الأسبوع الماضي في منزل الوزير الاسبق أمجد المجالي عندما طرحوا المعادلة التي تقول بـ»أكلنا يوم أكل الثور الأبيض» ومضمونها «الصمت اليوم على ذبح الشعب الفلسطيني معناه مجازر سترتكب لاحقا أو في المرحلة اللاحقة ضد الشعب الأردني».
أحسن صنعا من اقترح أمامي بخبرته «العسكرية العميقة» بأن كل من ينكر أن مصالح مستقبل المملكة اليوم مرتبطة بـ»صمود الحفاة المجاهدين من أبناء المقاومة في غزة» لابد من فحص أهليته العقلية.
وأبدع بالتأكيد مخضرم من وزن أحمد عبيدات بعدما حذر من اللحظة الأولى لانطلاق صبيحة يوم 7 أكتوبر المجيد من أن مصالح الأردنيين مع المقاومة، الأمر الذي يعني أن وضع حزام أمني استراتيجي لحماية العاصمة عمان بمنازلها المرفهة وأحيائها البائسة وأهلها يتطلب الآن صمود أهالي بيت لاهيا والحفاظ على المدرج الروماني لم يعد ممكنا إذا سمح بسقوط «مخيم جباليا». لم يخطط المقاوم الفلسطيني لذلك على الأرجح. ولم تفكر به يوما الدولة الأردنية.
لكنه بكل بساطة يحصل اليوم وسيحصل غدا.
وجزء أساسي من «عبقرية الأمن والاستقرار وتشبيك المصالح» يتطلب بعد 7 أكتوبر تحصين الذات ضد المشروع الصهيوني والإسرائيلي الذي يوظف المفاهيم الدينية لكن في جذره استعماريا استعباديا ناهبا للثروات ويدعم عصابات، والأهم لا يؤمن بوجود دولة على الخارطة اسمها «الأردن».
حتى «قلة الحيلة» يمكن استعمالها كورقة منتجة بدون مجازفات ومغامرات انتحارية حيث لا مبرر حقا اليوم لـ«تصغير أكتافنا «كأردنيين فنحن نمثل التاريخ والجغرافيا وببيوت الخبرة و«نهر الأردن» بدلا من تحويله لحاجز يسمح بتصدير الأزمة لنا يمكنه أن يصبح جسرا وبكل بساطة لتأزيم العدو وإرباكه.
الجغرافيا مع الأردن ولم يعد لائقا أن نستمر بالإصغاء لتلك الأصوات المرتجفة التي لا تمثل لا جوهر المؤسسة ولا حقيقة شعب النشامى ومكوناته.
يهددنا الإسرائيلي بالتهجير… حسنا لدى الدولة الأردنية أكثر من 4 ملايين لاجئ لهم «حق العودة» المكفول بالقانون الدولي ويمكن أن تفتح لهم الحدود… نعم لدينا ورقة «الهجرة المعاكسة» وهنا أجزم دون تردد بأن نصف الشعب الأردني سيهاجر في هذه الحالة بلا تردد وطوعا ونصفه الثاني سيتوجه إلى فلسطين للزيارة والجهاد.
يهددنا بحجب الغاز… ثمة بدائل في الأسواق العالمية أهمها في الجزائر وبأسعار يمكن تحملها وكل المطلوب قرار سياسي جريء بفتح المجال أمام الغاز المستورد.
يهدد بالسيطرة أمنيا حتى حدود الأغوار… لدينا بجرة قلم قدرة على اتخاذ قرار بإجراء اسمه «فك الارتباط» بالضفة الغربية ولدينا نص دستوري يحدد ويرسم «أرض المملكة».
يلوح بحجب المياه مستعدون لجمع المال اللازم من الأردنيات لتحلية مياه العقبة.
البقاء في حالة رفض للعدوان والمطالبة بوقفه «تصريحات جريئة» لكنها «لا تكفي».