اراء و مقالات

اتهامات للبرلمان الأردني والحكومة بـ «افتعال» أزمة بين الشعب والدولة

عمان – «القدس العربي»: الانطباع اليوم في المشهد السياسي الأردني الداخلي واضح وحاد الملامح، وعلى أساس الفكرة التي تقترح بأن الطريقة التي أقر فيها مجلس النواب تعجيل القانون المعدل الجديد للجرائم الإلكترونية استفزت شرائح وقطاعات ومكونات كبيرة في المجتمع الأردني، فيما يبدو أن حملة شعبية تحتج على القانون تواصل التصدر وأعلنت أنها في حالة مواجهة مع هذا القانون بصرف النظر عن اعتماده وإقراره من جهة مجلس الأعيان، في خطوة إقرار القانون الدستورية الثانية بعدما اعتمده مجلس النواب.
البيان الصادر مساء الأحد باسم بعض النخب والرموز في عشيرة العبيدات، التي تعدّ من العشائر الأساسية شمالي البلاد، يختصر الرسالة التي تفيد بأن مجلس النواب اصطنع أزمة ما بين الدولة والشعب. اتهم البيان باسم عشيرة العبيدات أعضاء مجلس النواب بأنهم أقروا صيغة استبدادية في القانون تتصادم مع حقوق المواطنين الأردنيين، كما اتهموا اللجنة القانونية في المجلس بالخفة والارتجال، منتقدين إقرار قانون يثير كل هذا الضجيج ويتميز بكل هذه الأهمية في جلسة سريعة وبدون مشاورات مع الخبراء وخلال خمس ساعات فقط.
في عيون كثير من الأردنيين، وقد قيل ذلك في اجتماعات تنسيقية للجنة، شكلت ضد القانون المشار إليه تلميحات بالجملة تتهم مجلس النواب بافتعال أزمة، خصوصاً أن الطريق المتسارعة التي تم إقرار القانون فيها من عند مجلس النواب احتاجت عملياً لمراجعة تشريعية مهنية الآن.
خلال جلسة واحدة للجنة القانونية لمجلس الأعيان، برزت فرملة ما بالصياغة، حيث استبدل الأعيان وبنسبة 90% حرف “الواو” في صياغة النواب بحرف “أو”، الأمر الذي يعني إعادة إنتاج عملية وضمنية ونصية لكل تصورات النواب الخاصة بالجمع بين عقوبتين فيما يختص بالجرائم الإلكترونية.
ولم يعرف بعد الموقف الذي سيشكله النواب من إعادة الأعيان لنص القانون إليهم، فقد أسس النواب استراتيجيتهم أصلاً على تقبل فكرة تمكين المحكمة من إقرار عقوبتين على نفس الجريمة. واستبدال “واو” النواب بـ “أو” الأعيان مؤشر على أن الأعيان يرفضون ذلك أو طلب منهم التدخل وتعديل وتصويب هذه الصياغات تخفيفاً للاحتجاجات التي بدأت تتخذ طابعاً مناطقياً وعشائرياً خلافاً لأنها تجذب طبقة كبيرة من المثقفين والمكونات الاجتماعية.
مسألة الاحتجاج على قانون الجرائم الإلكترونية الجديد قبل صدور بيان عشيرة العبيدات، اتخذت بعد صدوره شكلاً جديداً عملياً قابلاً للاستنساخ والتقليد على المستوى المناطقي وفي الأطراف.
وفي الوقت الذي حظيت فيه عمان العاصمة على نصيب الأسد من الوقفات الاحتجاجية على مستوى الشارع، بدأت تتسلل وقفات احتجاجية رمزية أقل عدداً في عدد من المحافظات مثل مدينة إربد، وفي الطريق محافظات أخرى في الشمال والشرق والجنوب تشكلت فيها لجان نشطاء للاحتجاج على القانون.
ولا يمكن طبعا توقع المدى الذي ستصل اليه هذه الاحتجاجات. لكن القانون يمضي في خطواته الدستورية مع تعديلات جوهرية، كانت فكرتها عند مجلس الأعيان استبدال “و” بـ “أو” والعكس صحيح، في بعض النصوص لإتاحة الفرصة أمام قضاة المحاكم مستقبلاً وعند تطبيق أحكام هذا القانون لاختيار عقوبة واحدة بدلاً من اثنتين، هما الحبس والغرامة.
الأهم في ذهن الوجدان، أن الشعب الذي يعترض نخبوياً على القانون الجديد في ظل الأزمة المعيشية والاقتصادية الحادة، يمكن القول إن إحباطاته من أداء مجلس النواب وطريقته زادت على مستوى الشارع الأردني. وهنا طالب الناشط النقابي أحمد أبو غنيمة بإقالة الحكومة وحل البرلمان بعد الذي حصل بسبب قانون الجرائم الإلكترونية.
وهو أمر يلحق ضرراً بالغاً بكل التحضيرات المرتبطة بالانتخابات النيابية المقبلة لعام 2024 وفقاً لتوقعات الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي الشيخ مراد العضايلة وغيره من قادة المعارضة، التي ترى أن القانون الجديد يحبط كل الآمال بخصوص انتخابات 2024 وأيضاً بخصوص برنامج تحديث المنظومة السياسية والعمل الحزبي في البلاد.
إلى هنا تتدحرج الاحتجاجات والاعتراضات. ويبدو أن نخبة من طبقة الوزراء السابقين وحتى بعض أعضاء مجلس الأعيان بدت أكثر جرأة في انتقاد هذا المشروع وتحميل الحكومة والبرلمان معاً مسؤولية أزمة مجتمعية قيل إنها تتسبب الآن في مواجهة كان يمكن الاستغناء عنها بين الشعب الأردني وإدارة دولته ومؤسساته، وهو أمر بات على شكل تهمة يروجها ويتبناها كثيرون كلما طرح للنقاش ملف القانون الجديد للجرائم الإلكترونية.
وثمة سخط سياسي وتشريعي يتشكل في هذا السياق قد يضع المزيد من الاحتقان في جانب عملية تشريعية إضافية في دورة صيفية استثنائية ساخنة للبرلمان، واجبها النظر في تشريعات إضافية غير شعبية، بينها رفع غرامات مخالفات السير وقانون معدل للملكية العقارية.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى