اراء و مقالات

«لغز المطار»: وقفت بغداد وكابول في خندق واحد…. وإصلاح أردني بنكهة «حلاوة السميد»

عدم الإنصاف شعور ينتابني كلما عرض التلفزيون الأردني الرسمي لقطات مرجعية لاجتماعات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية .
حتى الزملاء في برامج تلفزيون «المملكة» يناكفون الذاكرة القصيرة وهم يستضيفون بين الحين والآخر أعضاء في لجنة التحديث فيهرفون بما يعرفون وما لا يعرفون وتقدر لهم الأقدار الفتوى باسم الشعب الأردني ومستقبله، خلافا طبعا لشرف التحدث باسم لجان منتقاة يقول الجميع إن أعمالها وتوصياتها لا علاقة لها بالدستور.
ما علينا، ما نشاهده كمواطنين على شاشات الإعلام الرسمي، خيم حضارية أنيقة وشخصيات متهندسة بأحلى الأزياء وبعض شاشات الكمبيوترات المحمولة ومقاعد وثيرة تذكرنا بأغنية «نارك ولا جنة هلي».
في المكان أيضا وجبات «سناك خفيفة» أثناء العصف الذهني وقيل إن طاقم الضيافة يوزع أيضا «كريزة» لذيذة أحيانا، والأخيرة لمن لا يعرفها هي أجمل حلويات الطفولة في الحارات الشعبية ومختصرها خليط من السميد والحليب ومسحوق أبيض لا أعرف حقا من ماذا أو كيف يصنع، لكن له وظيفة مهمة جدا في الطعام وهي تصليب المادة اللزجة قليلا.

لزوجة مشهد

لا بد من التخلص من «لزوجة»، المشهد الذي يحضر على شاشات التلفزيون حتى يتمكن المواطن من معرفة ما الذي يجري خلف الميكرفون.
للإنصاف إياه سبب. كنا 11 شخصيا صنفنا كخبراء في وضع مسودة وثيقة تخص «منظومة الإعلام».
قيل لنا إن الجهد يحظى بغطاء مرجعي كبير ويترأس اجتماعاتنا مستشار مهم جدا، لا أحد يعرف أين هو الآن واشتغلنا بحماس ومعنا متخصصون في الرواية والدراما ومتثقفون وفتحت لنا الصالات الملكية وقيل لنا إن «جلالة الملك» سيتحدث معنا، وفي اللحظة الأخيرة نظرة واحدة فقط من «فلتر مسؤول وكبير» على تركيبة أعضاء اللجنة وصنف المداخلات، تمهيدا للقاء الأهم انطفأت الكهرباء وفقدنا البوصلة وتشرفنا بمصافحة القائد دون أن يتيح الفلتر لنا التواصل المباشر مع «القيادة».
الأهم زهدنا في البروتوكولات وقررنا إكمال المهمة ووضعت وثيقة طموحة جدا، بعد تعب وسهر ليالي تنصح الدولة بكيفية التصرف بخصوص «صداع الإعلام» المزمن.
باختصار، لا نحن الأعضاء ولا المستشار إياه ولا التلفزيون الأردني نعرف على أي رف وضعت وثيقتنا أو ما هو مصيرها، وبصراحة لم تقدم لنا إطلاقا «حلوى الكريزة» في الأثناء.
أحدهم من خبراء الماضي، قال لي يوما: أنبل وأكبر فكرة إذا أردت دفنها، عليك تشكيل لجنة حتى تنعاها.

سر مطار كابول

يدهشنا الجدل الكوني بخصوص «مطار كابول» تحديدا، وحجم ورود اسم هذا المطار في نشرات الأخبار.
يقف مراسل «الجزيرة» دوما على ناصية شارع يحاذي المطار.
دققت في الفروق، لأكتشف سر الشغف الكوني بهذا المطار ولماذا تلاحق أطرافه الكاميرات.
مثلا الزاوية التي تبث منها كاميرا محطة «سي إن إن» غالبا تخص ما يسمى بالمدخل الشمالي و»أي أر تي» التركية أرسلت فريقا لإعداد بعض البرامج التوثيقية المصورة عن مداخل المطار الغربية والجنوبية وصور الطائرة التي يسقط منها اللحم البشري خالدة بالتأكيد في ذاكرة الإنسانية، خلافا لأن مسؤولا في الحزب التركي الحاكم تحدث عبر النسخة التركية من «سي إن إن» وهو يطمئن سكان شرقي المطار وأهالي كابول عموما، على أساس أن الإدارة اللوجستية التركية متخصصة بـ»الكار» وتعرف ما الذي ستفعله .
قصة مطار كابول مثيرة وخطفت أضواء الكاميرات والشاشات منذ البداية في المشهد الأفغاني، وحسب تقرير بثته قبل أيام «بي بي سي» لا يزال الشعب يتجمع على أرصفة بوابات المطار أملا في طائرة تلتقط بشرا من هنا أو هناك وتغادر بهم أرضا يقول بعض أهلها إنها «تحررت» مؤخرا .
اذا كانت أفغانستان قد تحررت من نير الاحتلال الأمريكي – كما يقول الناطق باسم طالبان – الذي ينافس الآن بتكرار الظهور كل المراسلين. لماذا يغادرها أهلها؟!
القصة باختصار سربها مصدر تركي ولا تتعلق بمجرد مطار وتأهيله وتأمنيه، بل بمنطقة خضراء كبيرة في محيط المطار على غرار بغداد، من أغلقت بواباتها عليه وعلى عائلته فهو آمن وستطبخ فيها كل بقية وتفاصيل الحكاية، يعني حفنة مليارات على شوية مشروعات وجنرالات وقليل من ترتيب صفقات واجتماعات استخبارات سوداء وشركات مرتزقة متخصصة بالحراسة على أن يتولى أفغانيون الكناسة. الله وكيلك «منطقة خضراء» بمواصفات عراقية مع الاحترام لقناتي «دجلة» و»البغدادية».
هنا يمكن إنشاد الأغنية التي تقول «وقفت كابول وبغداد في خندق واحد». أما نحن معشر الكومبارس فننضم للفضائيات ولقادة طالبان، وبصوت جماعي مع طبل صغير لنقول مع هزة رأس متمايلة عبارة «أي والله».
في المقابل أراد تلفزيون «اليرموك» المحلي مني التعليق على استقبال خالد مشعل وإسماعيل هنية في عمان مؤخرا فشعرت بوخزة التعليق ولم أقل قناعتي بان الرفيقين حضرا لـ»دفن» فقيد كبير رحمه الله وليس لافتتاح سفارة فلسطين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى