اراء و مقالات

الأردن: لافتات بدون «برامج أو فلسطين»… كيف ستؤثر «أصوات غزة»؟

أسبوع أول دعاية في الانتخابات المزمع إجراؤها في أيلول

عمان ـ «القدس العربي»: أول ملاحظة سجلها المختصون والمراقبون بعد أقل من أسبوع على تدشين حملات الدعاية لمرشحي الانتخابات النيابية هي تلك التي تقول بعد استعارة فكرة «التشوه البصري» إن اليافطات والملصقات والصور المنثورة في عمان العاصمة على الأقل وبقية المدن الكبرى لا تتطرق إلى القضية الفلسطينية.
ملاحظة، أول من رصدها عملياً صحيفة جو 24 في إطار مهني إلكترونياً.
لكن ـ في رأي المرجع الانتخابي والبرلماني الدكتور ممدوح العبادي ـ تلك ملاحظة قد تكون في مكانها وإن كانت تعكس في الواقع حرص كل من يراقب المشهد الوطني على حصة القضية الفلسطينية؛ لأن عمق العقل الأردني تجلس فيه كل مظاهر الجرائم الإسرائيلية ضد أهل قطاع غزة، وتجلس بوقار في الواقع في الذهن الجماعي للأردنيين خلافاً لخوفهم وقلقهم على وطنهم.

منصات التواصل

تنبه حتى المعلقون العاديون عبر منصات التواصل الاجتماعي لهذا الغياب عن يافطات وملصقات المرشحين بعد الأسبوع الأول من تدشين الدعاية الانتخابية، لكن القاعدة الاجتماعية المهتمة وتلك التي تراقب في الدولة العميقة والحكومة بانتظار ما ستجود به يافطات وشعارات وملصقات حزب جبهة العمل الإسلامي تحديداً، وهو الحزب الوحيد الذي جمع في كل فعالياته الانتخابية الميكروفونية حتى الآن مسألة التحفيز والحض على المشاركة في الانتخابات بخطاب تداعيات معركة طوفان الأقصى.
خلافاً لبقية الأحزاب، لم تظهر يافطات وشعارات التيار الإسلامي الأردني في الشوارع والذي في الواقع لا يحتاج إلى كثير من اليافطات والملصقات على أعمدة الكهرباء والجسور والميادين؛ لأن مخزنه التصويتي ثابت ومنتظم، وخبراته الانتخابية متراكمة. وما ينفقه على الدعاية الانتخابية أقل بكثير من بقية الأحزاب، رغم أنه الحزب الأهم والأعرض باسم المعارضة في البلاد.
بكل حال، المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين الشيخ مراد العضايلة، سبق الجميع من قادة الحركة الإسلامية في تسييس حملة الدعاية الانتخابية وربطها عبر عدة خطابات بما يحصل في فلسطين تحديداً، وعلى أساس أن طوفان الأقصى معركة أردنية أيضاً، وأن المشاركة الكثيفة في الانتخابات تهدف لحماية الوطن الأردني الآن من أطماع المشروع الإسرائيلي الصهيوني.

الانتخابات ـ غزة

قال العضايلة ذلك بوضوح 3 مرات على الأقل، وينتظر أن يظهر ما تيسر من لافتات الإسلاميين وشعاراتهم في بعض الشوارع والمقرات ليعكس تلك الروح. وفيما ينفرد حزب التيار الإسلامي بهذه الجرعة من التسييس العميق والربط بين الطوفان والانتخابات المحلية، يعتقد بأن لديه فرصة كبيرة في تحصيل الأصوات الانتخابية التي قررت مسبقاً أن تصوت لصالح المقاومة وغزة أو نكاية بإسرائيل التي وصفها أمس وزير الزراعة الأردني الأسبق عاكف الزعبي تعليقاً على شائعة الكوليرا في خضراوات المملكة، بأنها «تكذب في كل شيء».

أسبوع أول دعاية في الانتخابات المزمع إجراؤها في أيلول

لم يعرف بعد ماذا كانت الطاقة السلبية التي يختزنها الأردنيون ضد إسرائيل والتطبيع معها في ظل جرائم الإبادة في غزة يمكن أن تتصدر أو توظف في إطار الذهاب إلى صناديق الاقتراع.
والأرجح أن التيار الإسلامي سيسعى إلى ذلك ما استطاع إليه سبيلاً، فيما قوى الأحزاب الوطنية سيعتمد رهانها في الدعاية الانتخابية على الخطابات والمسائل المحلية والوطنية، وحصراً على الفكرة التي تحذر من اعتبار الأحداث في فلسطين غربي النهر ملائمة لخلط الأوراق في الأردن شرقي النهر.
هذا حصراً ما سمعته «القدس العربي» من الأمين العام لحزب الميثاق، أكبر احزاب الوسط، وهو يعتقد أن أي مساس بالجبهة الداخلية الأردنية أو بالهوية الوطنية الأردنية جراء جرائم إسرائيل المتواصلة يخدم المشروع الإسرائيلي وليس العكس، ملمحاً إلى أن التدقيق في الأولويات هنا والتحديات مسألة في غاية الأهمية.
ورغم مشروعية تحذير الدكتور المومني وعلنية خطاب الشيخ العضايلة ما لا يمكن قياسه بعد في شارع الناخبين الأردنيين لا من جهة الأحزاب ولا من جهة السلطات هو الإجابة عن السؤال التالي: إلى أي حد ستتحول طاقة الأردنيين المناصرة للحق الفلسطيني في اتجاه التصويت بكثافة في الصناديق؟

خطاب المقاومة

صيغة السؤال عند تسييسه تصبح كالآتي: هل ستصبح أحداث طوفان الأقصى وتداعياته نقطة ارتكاز في رفع نسبة المشاركة في الانتخابات، ولاحقاً التصويت لصالح مرشحين يتبنون خطاب المقاومة والتنديد بالتطبيع؟
الإجابة على السؤالين غير متاحة بعد، لأن تعريف هوية الناخب الأردني وفقاً لأولوياته في مراكز دوائر الثقل التصويتي، مهمة لم تكتمل بعد، وأيضاً لأن مجمل مسار تحديث المنظومة السياسية والانتخابات هو في نطاق الاختبار الأول، مع أن غزة وما يحصل لها وتوابعها «تأكل وتشرب وتنام وتستيقظ مع الأردنيين» في رأي رئيس سابق للوزراء تحدث مع «القدس العربي» ملاحظاً أن ما يحصل في غزة تحول إلى طاقة، والمطلوب رسمياً وشعبياً ضبط إيقاع تلك الطاقة بصورة لا تضر بمصالح الأردنيين.
بالتأكيد، شعر الإسلاميون مؤخراً بأن حادثة اغتيال الشهيد إسماعيل هنية استقطبت لهم المزيد من الأصوات في الانتخابات، ووفرت حاضنة اجتماعية قابلة للاستثمار والتوظيف لمرشحي الحركة الإسلامية، لكن النجاح بذلك مرتبط بحسابات الإسلاميين العميقة التي يعلمون عبرها كلفة الهزات الارتدادية ضدهم إذا تمكنوا من الصدارة في الانتخابات.
في المقابل، غياب القضية الفلسطينية أو حضورها في يافطات وشعارات الانتخابات بعد الأسبوع الأول في الدعاية ليس العلامة الفارقة الوحيدة، فقد تقدم رئيس الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات بتصريح جريء عبر إذاعة «نون» المحلية، أعلن فيه أنه لم ير بعد برامج انتخابية لأي مرشح، وأن ما اطلع عليه في اليافطات شعارات عامة.
هز المعايطة هنا غربالاً مهماً في قراءة جاهزية الأحزاب السياسية للانتخابات، فاليافطات حتى الآن تبدو بالعموميات، وتخلو من البرامج، كما تخلو ـ في رأي غيره أيضاً ـ من مستلزمات القضية الفلسطينية.
وهو تصريح في كل حال، يفترض جدلاً بأن الأحزاب الوسطية فيما يبدو ليست جاهزة بعد للخطاب البرامجي، مع أن حزب الميثاق ـ وهو من أبرزها ـ قد يكون الوحيد الذي سبق حتى الإسلاميين بإعلان رؤيا برامجية كاملة.
لافتات الانتخابات حتى الآن تقول الكثير، لكن بعد 3 أسابيع وعند الدخول في الصمت الانتخابي قبل الاقتراع، يفترض أن تقول أكثر.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading