اراء و مقالات

«هراوة» ضد «حبة كرواسون»: بن سعيد على درب بن علي… «هرمنا» في عمان وفي ملاعب قطر: أين الدرك؟

الصراع بين «الخوذة» والخيوط المعدنية المعنية ببناء «خيمة اعتصام» مرير بعد ربيع العرب وعقدة «الاعتصام المفتوح».
كيف يمكن للهراوة أن تنزعج وتقلق من مجرد «سندويشة» أو زجاجة ماء صغيرة أو حتى حبة «كرواسون» بالقرب من المقاهي الفارغة تقريبا في شارع الحبيب بورقيبة في قلب العاصمة الحبيبة.
حتى قنبلة الغاز يمكنها أن تواجه رغبة بعض المعتصمين من المرابطين ضد الانقلاب على الدستور في وجه زجاجة ماء. يحاول المعتصمون تسريبها هنا أو هناك وعلى أساس التمهيد للاعتصام الدائم.
المشاهد التي بثتها في رسائل حية من الميدان شاشة قناة «الجزيرة» تطرح الأسئلة الأولى وهي مؤلمة بالتأكيد لكل من يحب تونس أو يراقبها.
وتلك المشاهد تقول بوضوح إن الرئيس المنتخب قيس بن سعيد في طريقه لتكرار تجربة سلفه زين العابدين بن علي.
«بن سعيد» على طريق «بن علي» على شاشة تلفز الكترونية اسمها «صفاقس».
سمعت تلك العبارة من أحد الحراكيين محاولا تذكير الجميع بقصة «هرمنا» التي أصبحت عنوانا لانطلاق ربيع العرب قبل قمعه.
وبصراحة وببساطة يقلقنا سماع رئيس وزراء سابق في الأردن في عمان يقول «هرمنا أيضا ونحن ننتظر استقرار المركب».

خدش ربيع الياسمين

تونس الخضراء كانت هادئة حتى في أحلك ظروف الربيع والانتقال فيها كان سلسا وحتى التيار الإسلامي الذي انقلب عليه الرئيس المنتخب كان يحاضر ببقية التيارات في شوارع العرب بكيفية الانتقال سلما قبل طبعا ولادة الاتجاه المعاكس لـ»خدش» الربيع التونسي الياسميني وإخراجه من الصورة ومن يراقب الوجبة الإخبارية البائسة في قناة «أبو ظبي» يفهم ذلك.
بالتأكيد ثمة أجندة خارجية أثرت في مسار الأمور وهو ما أشار له معلق فرنسي على قناة «فرانس 24» حاول فهم ما الذي يجري في تونس من زاوية فرنسية على الأقل، ملمحا ضمنيا إلى أن بلاده – أي فرنسا العظيمة – تحشر أصبعها في الأنف التونسي مجددا، فيما يتكفل «مال البترودولار» بالبقية.
ذلك مجرد سيناريو، لكنه مؤلم بكل الأحوال وكان يفترض بالاعتصام المفتوح والذي تعاديه مؤسسة الأمن العربية بشكل كبير في أي مكان في العالم العربي أن يتحول إلى نقطة جذب وتذكير بأن خوذة رجل البوليس ينبغي أن لا تشعر بالانزعاج لأن أحد الشباب يحاول إدخال طبق لوجبة شاورما لا تستطيع تحدي المزاج المتعسف على الأقل بينما يجلس الناس في الشارع سلما.

ملاعب «التعافي»

على جبهة جماليات كأس العرب والتغطية المميزة لشبكه «بي إن سبورت» القطرية ونقل كل التفاصيل الصغيرة والكبيرة يمكن مراقبة إطلالة ذلك الطربوش التونسي الأحمر، حيث جمهور الفريق التونسي يتجمع حول الملاعب الحديثة في العاصمة القطرية الدوحة في الوقت الذي يحاول فيه تونسيون وبعد أيام قليلة من خروجهم من موجة كورونا الحادة التي أطاحت بالقطاع الصحي البحث عن ما تيسر من» التعافي» فيما يحتفل بعضهم الآخر من التونسيين عن وجبة سرور أو متعة أو مجرد نشيد وطني تونسي يحيي الفريق الذي تمكن من الصعود إلى نهائي كأس العرب.
لكن ما يلفت الأنظار أيضا هو الأستوديو الرياضي لمحطة «الجزيرة» حيث التركيز على ما يجري خارج الملاعب وكاميرات تنقل مظاهر السرور عند الجماهير وكيف يرتدي بعض العرب زي بلادهم الوطني على طريقة دوري إسكتلاندا أو أستراليا.
كأس العرب نجح بكل تأكيد في إضافة، ولو طاقة فرج على الإنسان العربي المحتقن.
أما مصطفى الآغا فقد جلس في الاستديو، الذي يديره على شبكه «أم بي سي» تحت عنوان «صدى الملاعب» منذ أكثر من 20 عاما يستقبل المحللين والنجوم ويعيد بث بعض الأهداف على طريقة البث المستعار.
طبعا، وببساطة يمكن عبر جميع كاميرات الفضائيات، التي تابعت كأس العرب ملاحظة كيف يرتفع العلم التونسي إلى جانب الجزائري والمغربي والقطري إلى جانب الإماراتي والفلسطيني إلى جانب الأردني في المدرجات نفسها وبين المشجعين.

أين الدرك؟

بكل صراحة ذلك مشهد عبقري لا أعتقد أن له علاقة بالعاصمة المستضيفة الدوحة فقط، وقد لا يكون له علاقة بما يقال في دول العالم المتحضر ودول الخليج العربي الثرية والغنية عن الأمن الناعم ولا علاقة له بالتأكيد بالكاميرات وبوجود الدرك، فأنا وطوال تغطية المباريات لم ألاحظ وجود دركي واحد على جنبات الملاعب.
هذا مشهد يعني الكثير خصوصا ونحن لا نشاهده في ملاعبنا المحلية، فجمهور النادي الفيصلي مثلا في عمان يجلس في مكان وجمهور خصمه فريق الوحدات في مكان آخر من مدرجات الملاعب، وفي مباريات الزمالك والأهلي في مصر تضطر قوات مكافحة الشغب للفصل جلوسا بين جمهور الفريقين.
أعتقد أن ذلك يحصل أيضا في الملاعب المحلية الأخرى، لكنه يذوب عندما يتعلق الأمر بكأس العرب. فجأة يذوب بين جمهور مباراة السعودية واليمن على سبيل المثال.
تلك مسألة لا بد من التوقف عندها مليا وتأملها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى