اراء و مقالات

التغيير في الأدوات قد يدخل «الاستحقاق» قريبا في الأردن وأزمة تمكين الشباب ضربت «الأعصاب المشدودة»

الشريحة الأهم التي يفترض ان تؤسس لها ومعها وتخاطبها وثيقة مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية هي حصريا قطاع الشباب.

عمان-»القدس العربي»: يعرف عدد قليل من العالمين ببواطن الأمور وخلفياتها فقط بأن الرؤية المرجعية والملكية الأردنية المتعلقة بقطاع الشباب تحديدا تستند إلى فكرة الاعتماد على هذا القطاع في بناء مستقبل أفضل لعبور مؤسسة ولاية العهد تحديدا على أساس الشراكة.

يعني ذلك ببساطة لكل من عبر عبورا بجانب مركز القرار بأن وظيفة الحرص المرجعي على «تمكين» الشباب أساسية ومحورية ولا يمكن تجاهلها لا بل عميقة ولها علاقة بشغف الأردنيين لبقاء اليقين صامدا وهو يتطلع للمستقبل.
ويعلم هؤلاء قبل وأكثر من غيرهم بأن القصر الملكي مهتم جدا بتمكين الشباب وتثقيفهم سياسيا وبأن الفرصة في هذا الاتجاه لن تكون متاحة إلا عبر مؤسسات الجامعات والمؤسسات الطلابية حصريا.
وبالتالي يمكن القول استباقا بان الشريحة الأهم التي يفترض ان تؤسس لها ومعها وتخاطبها وثيقة مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية هي حصريا قطاع الشباب.
لذلك تحديدا الصدمة كبيرة مع غياب الشروحات والإيضاحات جراء الرسالة التي قدمت بخشونة في مسألة الشباب بدون أن يكون لها أب محدد من داخل أروقة الدولة في الأيام الأخيرة التي أعقبت ظهور التيار الشاب متحمسا بما في ذلك الجيل الثالث بعد اتفاقية وادي عربة لأي نشاط في الشارع في الاتجاه المعاكس للتطبيع.
ملف تمكين الشباب من الأسس والمبادئ في وثيقة وأعمال اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية كما شرح عضو اللجنة محمد الحجوج لـ»القدس العربي» معتبرا ان التوق لتحصين الوعي الشاب مسألة تجاوزت الاجتهادات وينبغي ان لا تخضع لأي عبث.
مسألة شعور الأردنيين العام تجاه إسرائيل وتجاه عملية التطبيع والسلام معها عموما قديمة ومتجددة وتظهر بوضوح على انها تنطوي على مأزق شديد أمام مركز القرار الأردني.
لكن هذا المأزق كان ينبغي وحتى حسب مراقبين خبراء أن لا يؤثر على مسار سكة الحديد الموضوعة باسم تحديث المنظومة السياسية وتمكين الأحزاب وتحديدا قطاعات الشباب فيها وعبرها.
أضافت مبادرة الحكومة باتجاه تعديلات دستورية تثير الانقسام والجدل عبئا جديدا على الوثيقة الملكية لتحديث المنظومة السياسية.
لاحقا تم تفجير لغم القطاع الشاب باعتقالات لطلاب جامعيين وبطريقة خشنة كان يمكن الاستغناء عنها. ورصدت فورا عملية تلاوم وعملية إيحاء بالتلاوم بين نخبة من كبار المسؤولين وبدا للمراقبين خلال الأيام التي أعقبت التوقيع على اتفاقية دبي وهجمة الصحافة الإسرائيلية المبرمجة على ما أسمته بالأداء الفاشل لموظفي القمة في الأردن أسست لعناصر ارتباك جديدة تعيد إنتاج أزمة الأدوات الحقيقية، وتعيد إنتاج أزمة المصداقية وخطاب مصداقية الرؤية الرسمية المعلنة أمام الجمهور، حيث ان تلك الاعتقالات بطبيعة الحال كان يمكن الاستغناء عنها. فبعد الاعتقالات لمجموعة من الطلاب تم تحويلهم إلى رموز وإنتاج كمية هائلة من الاحتقان السياسي، مع ان مديرية الأمن العام أظهرت لاحقا قدرة على المرونة واحتواء حالة احتجاج متكررة وموسمية وليست جديدة في مجال التطبيع وإسرائيل كما يعلم جميع صناع القرار.
في كل حال جرعة الصدمة كانت كبيرة. ويبدو ان عملية منهجية تجري وتؤثر على خلافات وتجاذبات داخل مراكز القرار كما تؤثر على مجريات مسار وثيقة المنظومة كادت تنجح في تحصيل ما أخفقت فيه كل الوثائق السابقة، وهو حصريا التأسيس لتوافق اجتماعي وطني ليس فقط وسط الأردنيين ونخبهم وقواهم الحزبية، ولكن أيضا وهذا الأهم وسط مراكز القوى في الدولة وهو ما عبر عنه جنرالات بارزون أمنيون تحدثوا للصحافة لإظهار ان عملية التوافق داخل الدولة حصلت على وثيقة المنظومة، مما يعني ان بعض الأطراف في جسم الدولة المركزي ليست بصورة تناغم لا مع المنظومة ولا مع رموزها ولا مع خطابها ولا حتى مع مضمونها، الأمر الذي يخشى المراقبون ان ينعكس الآن بعد رسالة الشباب السلبية على نقاشات مجلس النواب بشأن تشريعات المنظومة وتعديلات الدستورية لاحقا.
وهذا يعني ان الموقف السياسي عاد لمربع الارتباك الأول لكن عاد مجانا وبطريقة غامضة ما أفرز نمطا من التحديات قد ينتهي بالعودة إلى أصل وجذر أزمة الأدوات وملف النخب مما يورط الجميع بسيناريو التغييرات الشاملة والأفقية والعاصفة للرموز والأدوات ومن يجلسون في تلك القمة التي تتحدث صحافة إسرائيل عن فشل الموظفين الكبار فيها.
هل يعني ذلك ان الأمور باتت مفتوحة على سيناريو تغيير وزاري مثلا أو حتى تغيير في المواقع والمناصب العليا؟
هذا سؤال مفتوح لكن لا يبدو ان المجسات العاملة حتى في بعض المؤسسات المهمة والسيادية تسير بنفس الاتجاه أو بروح الفريق وهي مسألة كانت قد صدرت عشرات توجيهات المرجعية والملكية التي تؤكد على وتعتبرها ضرورة وطنية ملحة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى