اراء و مقالات

الأردن «إخلع كمامتك واتبعني»… وفي الجزائر «دم الثوار» لا تعرفه «فرانس 24»

الشعب الأردني صبور حقا كما وصفه السفير التركي في عمان، وهو يوزع هديته الثمينة بمناسبة «مئويتنا»

دم ثوار الجزائر تعرفه فرنسا حق المعرفة وتعلم أنه «نور وحق».
لكن وزير الإعلام «الاتصال» الجزائري الشقيق عمار بلحيمر يستفز الذهن بسؤال فني محض: هل لدم الثوار علاقة بقراره «استدعاء» موظف في مكتب فضائية «فرنسا 24» لإبلاغه الاحتجاج الرسمي؟
الموظف المسكين كغيره من موظفي الشاشات في عواصم العرب «مسكين وغلبان ويترزق»، حتى وإن قرر معالي الوزير التعامل معه كسفير ومع الشركة التي يعمل بها كـ»دولة»!
تصورنا لوهله أن مسألة «استدعاء رقيب ما» لموظف ما يتبع شاشة ما قد انتهى بلا رجعة مع زمن «توك توك» وعصر الـ»سوشال ميديا».
الجزائر تتهم «فرانس 24» أن نشاطاتها «غير مهنية وتحريضية». شخصيا لا تعجبني انتقائية الشاشة الفرنسية المهتمة بشؤون العرب أكثر منهم، لكن من الذي يحدد «المهنية» أصلا؟ وكيف تقاس عملية «التحريض»؟.

مهنية «فرانس 24 « والجزائر

طبعا سبق للخارجية الجزائرية – وهذا مفهوم – أن استدعت سفير فرنسا للاحتجاج على برنامج مبثوث على محطة فرنسية رسمية.
لدينا اقتراحات أبسط للرقيب العربي، الذي يخطط لأن يراه «السيد الرئيس» وهو «يحتج ويزاود» على البرامج المتلفزة: يا قوم عليكم بإنتاج برامج مضادة تندد بروايات البرامج المخاصمة وتفككها وتقنعنا نحن المتأثرين بالمستعمر الفرنسي وأوغاد الشرق.
الوصفة بسيطة ويحتاجها الشرق قبل الغرب في الواقع: أوقفوا تسمين خرافكم في الإعلام ووفروا المال وأنتجوا برامج ترد على المادة الإعلامية المعادية بدون استدعاء غلابى أو سفراء وبدون تضجر.
نفسي ومنى عيني مرة واحدة فقط أقرأ خبرا عن «استدعاء دولة غربية» لسفير «دولة عربية» احتجاجا على برنامج بثته مثلا محطة السودان أو تلفزيون الأردن أو الفضائية الجزائرية. إجعلوهم يحتجون على أداء إعلامي ولو مرة فقط!

خجل «أردني»

شعرنا كمواطنين أردنيين بالخجل الشديد ونحن «نفقد السيطرة عند الانفعال».
كاميرا محطة «المملكة»، وعلى طريقة المراسل الحربي، سبقت حتى وزير الصحة إلى مستشفى مدينة السلط، حيث حصلت الحادثة المؤلمة بعد وفاة سبعة مرضى بسبب «نقص الأوكسجين».
شعرنا بالخجل لأن الحابل اختلط بالنابل، داخل مستشفى، وزاغت أعين الوزير المسكين وهو مرتبك بعدما سقطت كل الكمامات واعتبارات التباعد بسبب الفاجعة.
حتى محطة «سكاي نيوز» اضطرت للتغطية الميدانية وشاشة «المنار» كانت تستضيف أحد خصوم «التبعية» من إياهم وهو يتحدث عن عودة الحراك الشعبي.
لا كمامات ولا ما يحزنون. حتى مراسل شاشة «رؤيا» استضاف أحدهم وكان يرتدي كمامة وعندما قرر الخطابة «ضد النهج» خلع الكمامة أمام الكاميرا وبدأ «يسلخ في الدولة والنظام».
الفيروس يسترخي عبر أنوف المواطنين وليس داخل الدولة فهي حصينة.
مجهود عام للوقاية أضاعها على أهلنا في السلط غاضبون ومتزاحمون وفضوليون وموظفون ونواب، بعدما بدا أن «الجميع يتنفس في وجه الجميع» بطريقة تشعر الفيروس كورونا بالاشتعال العاطفي فيهتف «هل من مزيد»!
ندرك أن المأساة كبيرة والفاجعة مؤلمة والأهالي محتقنون، لكن إسقاط كل أصناف الوقاية أثناء الانفعال والتضحية بصحة وسلامة حتى رجال الأمن الأبرياء سلوك انفعالي ضار لا يفيد إطلاقا قضية ضحايا التقصير، الذي حصل في مستشفى السلط.
في مثل هذه الأحداث يظهر معدن الشعوب والرجال وعند الغضب ينبغي على الجميع ضبط الإيقاع، فالضحية أردني وكذلك التقصير والأذى، وحتى الزملاء مع كاميراتهم يزاحمون لا على التعيين، والحديث «الحراكي» بعنوان «إخلع كمامتك واتبعني» عبثي وبلا معنى.

انتخابات: مجددا

حتى نبتعد قليلا عن مشهد ما حصل في مدينة السلط نعرج على الملف الشائك والمهم، الانتخابات في الأردن ما لها وما عليها.
نحب متابعة العبارات المنضبطة لوزير التنمية السياسية موسى المعايطة، ونعود معه للوراء قليلا، فلو كنت مكانه وتحدثت لكاميرا فضائية «رؤيا» لتلعثمت فورا، حيث أن الحكومة صادقة تماما، وهي تقول بعدم وجود وصفة جاهزة لديها لقانون انتخاب جديد.
يظهر رئيس مجلس الأعيان على ميكرفون محطة منافسه في جملة تحاول تقييم قانون الانتخاب الحالي في أثر رجعي.
طبعا، مارس الرجلان حقهما، فقد تخلخلت فجأة معادلة قانون الانتخاب الأردني، مباشرة بعد تعيين السفير وليام بيرنز، رئيسا لجهاز الاستخبارات الأمريكي.
شباب الـ»سي آي إيه» الجدد لديهم مخزن معلومات وأن يخرج موظف أردني ما لتضليلهم فتلك عملية أشبه بجدع الأنف.
عموما، التلفزيون الرسمي بإمكانه ولو من باب الاستجابة التوقف عن تلك الأهازيج الوطنية التي تحفل بانتخابات طازجة وخرجت عن السكة فجأة لأن غرفة المراقبة أخفقت في الضغط على زر الرئيس بايدن فبقي عالقا الزر المكبوس لخصمه ترامب.
نحن في انتظار ذلك الحوار السياسي، الذي تحدث عنه زميلنا جميل النمري قبل 20 عاما.
الشعب الأردني صبور حقا كما وصفه السفير التركي في عمان، وهو يوزع هديته الثمينة بمناسبة «مئويتنا»، وهي بدورها عبارة عن صور للأرشيف العثماني في الأردن أغلبها لسكة حديد عمرها يقترب من قرن ولا تزال تعمل، مع تحياتنا طبعا لمشروع «الباص الصريع» – عفوا السريع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى