البرلمان الأردني منح الرزاز فرصة «التفريغ والتفاؤل» قبل انعقاد «المنتدى الاقتصادي»
المعشر تغيّب عن المشهد وجملة مناكفة لصندوق النقد بتوقيع العسعس
حاول رئيس الوزراء الأردني الدكتور عمر الرزاز، أمس، الاستثمار بجرعة مسيسة في المظلة التي وفرها للحكومة «دينامو» اللجنة الاقتصادية والاستثمارية في البرلمان النائب الدكتور خير أبو صعليك.
أبو صعليك، الذي يتحرك بمرونة وحرفية في عمق الأزمة الاقتصادية ويبادر مع آخرين لتأسيس المنتدى الاقتصادي الجديد، منح حكومة الرزاز، وهي تحت وطأة ثقل الأزمة الاقتصادية وقصف الشائعات العشوائي، فرصة التحدث للرأي العام وتقديم رواية بديلة للأحداث.
هنا حصرياً استغل الرزاز، بعد عودته من إجازته العائلية الأخيرة في روما، المشهد وبدأ يتدفق في الحديث عن ارتفاع وثبات نسبة النمو الاقتصادي وعن بعض الإنجازات، مقترحاً التركيز على الإيجابيات وعدم الاسترسال في جلد الذات.
الرزاز، في المنتدى الاقتصادي الذي استضافه البحر الميت بلغة وطنية هذه المرة، وجه أيضاً رسالة سياسية تحاول التخابث وإظهار قدر من الدهاء عندما تحدث عن أشهر قليلة مقبلة ستكون حافلة بالعطاء بمعية رئيس مجلس النواب المهندس عاطف الطراونة الموجود أيضاً في النشاط نفسه. وليس سراً أن الرزاز يرد هنا على تكهنات سيناريو رحيل الحكومة والبرلمان معاً في وقت قريب. وليس سراً، في المقابل، أن الرسالة قد تكون موجهة إلى بعض مراكز القوى في الدولة، خصوصاً تلك التي تحاول تسويق سيناريو رحيل البرلمان والحكومة بضربة واحدة لاحتواء الاحتقان الشعبي العام.
وجه الرزاز الرسالة لإظهار الثقة في بقاء الحكومة – ولو قليلاً – لعدة أشهر، موحياً ضمنياً بعدم وجود سيناريو تغيير وزاري، الأمر الذي يثبت مضمون ما نشرته «القدس العربي» في تقرير لها أمس حول ثلاثة أشهر صعبة قبل نهاية العام تواجهها الحكومة، وقرر الرزاز فجأة من باب التخلص من السوداوية الإيحاء بأنها ستكون حافلة بالعطاء. حيث رهانات الرزاز هنا على مجهول، ولا أحد يعلم عن ماذا يتحدث في الأسابيع العشرة القليلة الباقية قبل نهاية العام، وليس بالضرورة أن تكون الرسالة وصلت فعلاً لمن وجهت إليهم في الدولة وخارجها.
لكن طاقم الرزاز، ورداً أيضاً على سلسلة تقييمات تتحدث عن انقسام أفقي في مجلس الوزراء، تنشّط هو الآخر تحت المظلة نفسها التي وفرها النائب أبو صعليك، حيث -على الهامش- قرر وزير التخطيط قليل الكلام الدكتور محمد العسعس، فجأة، إطلاق جملة وطنية في إدارة الاقتصاد عنوانها بأن «صندوق النقد الدولي يطلب ما يشاء، لكن القرار للأردن في النهاية» .
يريد العسعس هنا التأشير على أنه يستطيع المناكفة وينطلق من مفهوم وطني وهو يقود مفاوضات المملكة مع صندوق النقد حتى في ظل المشاغبات التي حصلت على دوره وانفراده في هذا الاتجاه من قبل شخصيات أخرى بارزة في الطاقم المالي والاقتصادي.
الوزير يشارك في موسم التسوق بدوره، ويخاطب النخب والرأي العام، موحياً بأنه صلْب وبأن الحكومة تستطيع اتخاذ تدابير في عكس الاتجاه الذي يقرره صندوق النقد الدولي مع كل ما يتطلبه هذا المشهد التمثيلي من احتمالات، وفي بعض الأحيان.. مزاعم، ومع كل ما تقتضيه قراءة الواقع التي تؤشر إلى أن الحكومة لا تريد الاعتراف أصلاً بأنها أخطأت عندما استسلمت لوصفة رفع الضرائب والرسوم والأسعار.
شارك في الموسم نفسه أيضاً وزير المالية عز الدين كناكريه بمفاجأة من طراز تمثيلي أيضاً عندما اكتشف، فجأة، وفي البحر الميت، بأن ارتفاع الإيرادات للخزينة أو انخفاضها ليس هو المهم، بل تشخيص كل حالة في سياق النجاح بضبط الدين.
الوزير كناكريه يغرد هنا بمداخلة غريبة خارج سياق المألوف والمنقول عنه بين الوزراء، وخارج سرب حليفه القوي في الحكومة ورئيس الطاقم الاقتصادي نائب رئيس الوزراء الدكتور رجائي المعشر، الذي تغيب بدوره عن تلك المظلة بعدما حملت توقيع المنتدى الاقتصادي برئاسة النائب أبو صعليك.
تسوق في الموقع نفسه لكن بطريقته الخاصة رئيس مجلس النواب عاطف طراونة وهو يدعو إلى «أردنة» التفاعل الاقتصادي مؤسساً لمسافة واضحة بين النواب وبين إظهار كيمياء مع رئيس الوزراء، بالرغم من الخلافات العديدة. انعقدت النسخة الأولى من المنتدى الاقتصادي الأردني الوطني، وتوفرت فرصة للاستعراض والحديث ولرفع معنويات الحكومة، وتحدث الوزراء والمسؤولون بلغة متفائلة نسبياً تحاول تبديد المخاوف قدر الإمكان.
لكن لم تنتج عن التفاعل، وسط وسائل الإعلام، وصفات محددة لمغادرة الاستعصاء في الحائط الاقتصادي، وإن كان الرهان على اتفاقيات كبيرة مع العراق ومصر وانفتاح على تركيا وقطر علق في المشهد الخلفي لعقل الحكومة.
قبل أيام فقط من انعقاد هذا المنتدى الاقتصادي، كان المبادر أبو صعليك نفسه في مواجهة صريحة مع «القدس العربي» يتحدث عن أهمية معالجة الشراكة بين القطاعين العام والخاص بإجراءات، وعن الحاجة الملحة إلى وجود خطة اقتصادية وطنـية عابرة للحـكومات.