التكامل الثلاثي مشروع: النادي مفتوح لـ «من يرغب في الالتحاق» بعد «مصارحات أردنية» مع «البيت الشيعي» وتقارب مصري مع إيران
عمان – «القدس العربي»: يمكن الاستدلال على رسالة سياسية مبطنة بخصوص مشروع التكامل الثلاثي بين مصر والأردن والعراق ضمن زوايا الدعوة التي وجهها على هامش قمة دافوس الاقتصادية رئيس وزراء الأردن الدكتور بشر الخصاونة بعنوان الباب المفتوح لاستقبال من يرغب بالالتحاق.
الخصاونة وفي جلسة حوارية ضمته والرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، أعلن بأن آلية الانضمام للتكامل الثلاثي مفتوحة لأي دولة ترغب في الجوار.
تلك على الأرجح رسالة سياسية بامتياز يحاول الأردن عبرها طمأنة أطراف أخرى في الجوار الإقليمي، أهمها بعض دول الخليج، على أن مصالحها الاقتصادية وغير الاقتصادية مضمونة ويمكنها الالتحاق بالمشروع الثلاثي، والأهم أن التكامل بين المملكة والعراق ومصر وبصرف النظر عن جدواه العملية، لا يشكل نادياً مغلقاً على الآخرين.
في بطن الكلام ضمانات لأي أطراف أخرى مرتابة أو لديها ملاحظات تشير إلى أن التكامل الذي سيشهد انطلاقة مختلفة لاحقاً بصورة مرجحة ليس ولن يكون على حساب مصالح أي دول أخرى.
بالتزامن، وصلت من بغداد عصر الأربعاء تلك المعلومة الحكومية التي تقول ولأول مرة تماماً إن مخصصات مشروع الأنبوب النفطي الناقل بين الأردن والعراق رصدت في الميزانية المالية، وذلك الإبلاغ “نبأ سار” جداً للأردنيين؛ حيث تم تحريك المياه الراكدة في هذا المشروع الاستراتيجي الضخم الذي علق منذ سنوات طويلة وبحث منذ عام 1984.
الخبير الاقتصادي الدكتور أنور الخفش كان قد راهن أمام “القدس العربي” سابقاً على أن مشروع العقبة – البصرة لا يقف عند حدود نقل النفط فقط، وفيه الكثير من الدلالات والترميزات التي تعني بأن العلاقات الأردنية العراقية على الأقل ينبغي أن تعود إلى بصمتها الاستراتيجية. وهي بصمة يقر رئيس مجلس النواب الأردني العائد للتو من حالة إبحار في التفكير النخبوي العراقي والبرلماني أحمد الصفدي، بأن دلالتها الأبرز هي العمل معاً من أجل المستقبل والاستثمار في الجيوسياسي والجوار والتاريخ والجغرافيا ضمن معادلة “رابح رابح”، بمعنى أن الشعبين العراقي والأردني هما الرابحان من أي ترتيبات أو تفاهمات استراتيجية تستحقهما العلاقات الثنائية.
عملياً، بعد رحلة الصفدي المهمة جداً في بغداد برفقة وفد برلماني عريض وبعد تصريح الخصاونة في دافوس، يمكن القول بأن المشهد الأردني العراقي يتجاوز حالة حسن النوايا اليوم باتجاه الرغبة في العمل المشترك، ليس فقط لأن أنبوب نفط ناقل وعملاق بين العقبة والبصرة يعني الكثير تجارياً واقتصادياً، ولكن لأن الحوار الذي أداره الوفد البرلماني الأردني في بغداد تميز هذه المرة بالصراحة والشفافية الكبيرة، كما تميز بتبادل كل أصناف الملاحظات العميقة وتلك البسيطة أو السطحية.
الحديث عن الأفق العراقي في بناء مستقبل للاقتصاد الأردني وصل إلى ذروة غير مسبوقة خلال الأسبوعين الماضيين، تعكس تلك الصورة التي ظهرت في اجتماع دافوس عبر جلسة مشتركة للرئيس رشيد مع الخصاونة، تلقي بالضمانات في تفسير وتوضيح مشروع التكامل الثلاثي برفقة مصر. وذلك لا يعني عملياً إلا صدقية المعلومات التي استقتها “القدس العربي” من مصادر مغرقة في الاطلاع، وفكرتها أن مصر تجاوزت في مسألة الاقتراب اقتصادياً واستراتيجياً من العراق، وأيضاً في مسألة الاحتياجات الملحة، كل الحساسيات الإيرانية في المعادلة العراقية.
وإنها تشجع الأردن خلف الستارة والكواليس على تأطير وتأمين وحماية مصالحه الخاصة، ولاحقاً مصالح التكامل الثلاثي بتليين موقف عمان من طهران تحديداً، التي أقر قادة عراقيون شيعة أمام الوفد البرلماني الأردني بأن سوء العلاقات بينها وبين الأردن من معيقات الحصة الأردنية في السوق العراقية.
تحدث البرلمانيون الأردنيون بتفويض مرجعي في بغداد عما يمكن التقدم باتجاهه الآن بخصوص أصابع النفوذ الإيرانية في المنطقة، وعن ما يمكن تأجيله إلى مرحلة باستعادة الثقة، وحصل فيما يبدو شبه اتفاق على أن تنمو نمطية من الاتصالات الأردنية مع الإيرانيين بالتوازي مع أضواء خضراء في بغداد تطلق العنان لمشاريع استراتيجية كبيرة.
لذلك، انتهت المصارحات والتناغمات بقرار عراقي يخصص نفقات المرحلة الأولى من مشروع أنبوب النفط الناقل وبقرار آخر بعد تبادل المعاتبات وتوفير ضمانات بالتسريع في خطوات إقامة المنطقة الصناعية الحرة على الحدود بين البلدين، والتي يراهن عليها الأردنيون من جهتهم في زيادة صادراتهم في السوق العراقية. وارتفع أيضاً وحصراً مع أركان وقادة البيت الشيعي الحاكم في العراق منسوب النصائح المباشرة للأردنيين في محاور مفصلية عدة، بينها أفضل وأقصر الطرق لتجاوز الحساسيات مع إيران، ومن بيها ضمانات بأن معادلة آل البيت وبالتالي أمن واستقرار الأردن، هي أساس للنخبة العراقية الشيعية. ومعها أيضاً ملاحظات تلفت النظر إلى مبادرات اقتصادية وسياحية دينية يمكن التحدث عنها مع أو بموازاة كل ما تتطلبه الاحتياجات الأمنية الأردنية.
قابل الصفدي ورفاقه في بغداد قياديين بارزين في البيت الشيعي العراقي، من بينهم هادي العامري وقيس الخزعلي ومحمد الحلبوسي ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وبينهم أيضاً مقتضى الصدر وأساسيون في معادلة النخبة البغدادية. وطرحت في الأثناء مقترحات بالجملة تحت عنوان التسريع في التفاهمات الاقتصادية وأجندة مساعدة الأردن للعراق في العودة إلى الإطار العربي الرسمي، ولاحقاً المجتمع الدولي، ومثل هذه التفاهمات أثارت ارتياحات في محور بغداد – عمان، الأمر الذي سمح للخصاونة بوضوح بتقديم تلك الدعوة المثيرة بخصوص آلية الانضمام للتكامل الثلاثي، وإلى جانبه الرئيس رشيد.