الجزائر وبـ«الصيني الفصيح»… «زغروتة» من الحجة لتبون… بين «صرماية» لبنان و«بسطار» السودان الجنرالات أنفسهم
يثبت المشهد، الحيوي جدا، الذي ظهر على شاشة «أم تي في» اللبنانية مجددا أن الحاجة ملحة لإجلاس «الضيوف»، بعد الآن، على طاولة فارغة وحصريا من «معلبات المياه»، التي سرعان ما تتحول وعند أول انفعال وسخونة إلى «سلاح».
الزملاء في لبنان من أبرز من يحاور على الشاشات أحيانا، لكن قادة لبنان ورموزه وجنرالات الحرب فيه، هم دوما أسوأ من يُستضاف في حوار.
هل تذكرون المسدس، الذي ظهر على الهواء مباشرة يوما على شاشة محلية أردنية بعد «نقاش ديمقراطي»؟!
يومها فوجئنا أن شبكة تلفزيون صينية عرضت الشريط ورطنت على ما يجري في أستوديوهات الشرق الأوسط.
صديق عاد مؤخرا من بيروت، والانطباع الذي سجله هو التالي: بصعوبة بالغة تحجز مقعدا في المطاعم الراقية المزدحمة. بيروت تسهر كالعادة وسيارات السهرانين فارهة جدا!
صاحبنا انزعج فقط من جزئية صغيرة: إغلاق ثلاث بلوكات في محيط منزل «السيد الزعيم» نبيه بري، وتأثير الأمر على حركة التكسيات.
كم نسخة من لبنان؟
دون ذلك قال «بيروت زي الفل». أي فل هذا؟ للتو كانت محطة «سي أن أن» تبث صورة المواطن الذي احتجز بسلاح مديرا لفرع أحد البنوك اللبنانية، حتى مراسلي شاشة «الميادين» يتحدثون عن «نقص المازوت» وغياب حفاضات وعلاجات وحليب الأطفال ونقص المياه وانقطاع الكهرباء في البلاد!
كأننا نتحدث عن «لبنانين»، أحدهما يسهر ويتحرك بسيارات فارهة وبأطقم عصرية وموديلات ويهاجم بعضه أمام المايكروفونات بعبوات المياه، ويتحدث عن «الصرامي» ودورها في «الأزمة الوطنية» والثاني يعاني الويلات والبؤس ويخطط للحصول على بعض مدخراته التي تتبخر بمسدس أو بعبوة كاز.
بصراحة، إذا أدرت الريمونت كونترول على شبكات «كان» الإسرائيلية تكتشف لبنانا «ثالثا» مرتبطا بتلك الخيمة، التي زرعها حزب الله، وهو لبنان الذي نقدره ونجله ونحترمه طبعا.
كم «لبنان» يوجد في هذه المنطقة والحياة؟ الجواب ليس مهما، لكن لمعدي الحواريات المصورة الرسالة التالية: تخلصوا من عبوات المياه وليخلع الضيوف بعد الآن «أحذيتهم» ولتتحول الأستوديوهات إلى ممرات حفاة حتى تتحقق المساواة بين الصرامي، ونشبع قليلا من حوار فعال ومنتج، بدلا من مشاجرات استعراضية على الهواء.
بساطير جنرالات السودان
يبدو أن السودان الشقيق، و«بلاد الزول» في طريقها إلى «لبننة» إضافية بنكهة خاصة، وحرب أهلية لن تبقي ولن تذر!
فوجئنا أن مذيع نشرة الأخبار على «الجزيرة» لفظ اسم مدينة «الأبيض» بطريقة خاصة جدا، وأبلغت لاحقا أن اللفظ دقيق وسوداني بامتياز.
وصلت المواجهات والقصف المتبادل في «طوشة الجنرالات» المقلدة عن ماضي لبنان عمليا إلى تلك المدينة، ومجددا كاميرا «الجزيرة» عرضت لنا صورا عن قصف أحد المستشفيات.
روب ممرضة ملقى وسط النيران. سرير طوارئ محطم. أسطوانة اوكسجين أحرقت البوابة بعد ما «فقعت»، وجدران ملوثة بالدماء.
الحقيقة أن ما لا نفهمه حتى اللحظة في النزاع بين «رعاة ورعيان الصراع» السوداني: لماذا التركيز الشديد على قصف المستشفيات قبل غيرها؟
تم تدمير 83 مستشفى كليا أو جزئيا وجدران أقسام الطوارىء تبلغك «الدعم السريع مر من هنا»، وتلك الكراسي البائسة في حدائق أكثر بؤسا ملحقة بالمشافي، تبلغك بدورها «طائرات البرهان قصفت هنا».
ثمة سر ولغز وراء حرص المتحاربين على تدمير البنية الصحية في البلاد، فيما يظهر على شاشة «سكاي نيوز» شاب أسمر وأنيق مع صورة خلفية للبحر الأحمر يقول بابتسامة صفراء «لا بد من التصدي لفلول النظام السابق»!
كأن تلك «الفلول» تختبىء حصريا في المستشفيات.
القصة تكبر تماما على الشاشات بين «أزمة الصرماية» في لبنان ومشكلة «البسطار» في السودان!
وجنرالات الحرب في البلدين يحرقون الأخضر، ثم يلتهمون اليابس ويقصفون المستشفيات، وفجأة تلوك الألسن الحكايات عن اتفاقيات «جدة والطائف»، ويتكرر المسلسل.
الجزائر بالصيني الفصيح
يستحق الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون «زغروتة» فلاحية فلسطينية من «الحجة إياها» تلحقها «زغروتة صينية» بعد الفهم السياسي المتقدم الذي تباين فيه عن بقية الزعامات العربية في العبارة الساحرة التالية «من جهتنا نعتقد أن استقلال الجزائر يبقى منقوصا، ولن يكتمل إلا باستقلال فلسطين».
قالها الرجل بوضوح، ولسان عربي محكم لقناة «سي سي تي في» الصينية، فيما كانت المذيعة الصينية تهز رأسها بابتسامة تشبه ابتسامات مستشارين يرافقون الزعماء العرب لاجتماعات لا يفهمون منها وخلالها ما يجري.
نصفق للرئيس تبون ونحييه ونشكره على هذا الموقف المتقدم الجريء، الذي أصبح أقوى، لأنه قيل في بكين، وعلى شاشة فضائية صينية، وبعد خلاصة زيارة استمرت 5 أيام، نقلت حيثياتها فضائية الجزائر الدولية.
قبل ذلك، وبالفلسطيني قبل «الصيني» كان الرئيس تبون ينتقل إلى منسوب «قول وفعل»، عندما أعلن باسم الشعب الجزائري المناضل أن بلاده ستتكفل بإعادة بناء مخيم جنين.
الاحتراز واجب بعد الآن، وبعد العناية الإلهية علينا الاحتراز لدعم هذا الرئيس الشجاع والوقوف معه لرفع كلفة أي مؤامرة مقبلة على الجزائر وعليه.