المجلس الأعلى لـ”الأسافين” في صالونات الأردن… وعودة “الابن الذئب الضال”
ما تتمنع كاميرا تلفزيون الأردن الرسمي أو محطة “المملكة” عن عرضه بخصوص بعض الحساسيات المحلية المثيرة تتكفل به هذه الأيام كاميرات “المواطن المراسل” حيث قادة عشائر وجنرالات متقاعدون في دور عزاء الشهداء من العناصر الأمنية يقولون بالفم المليان الآن “نحن قلقون… لدينا أسئلة أمنية”.
مفردة “تكفيريين” ظهرت على شريط تلفزيون المملكة الإخباري عشرات المرات والمذيع المقاتل الزميل عامر الرجوب ناضل بوضوح مع أربعة ضيوف على الأقل حتى يفهم هو والناس أسس معادلة “تسعير المحروقات”.
أشك شخصيا بأن الموظفين الذين يضعون “التسعيرة” يستطيعون شرحها وأغلب المداخلات الرسمية الحكومية بالخصوص على الشاشات المحلية تدلل على مفارقة قديمة قوامها ان المتحدث “حافظ ومش فاهم”.
أحد المختصين ظهر تلفزيونيا وأبلغنا بالنبأ المزعج “الذئاب التكفيرية المتطرفة” تترعرع في ربوع الوطن، لكن صاحبنا الذي لا نقلل من خبرته لم يقل لنا: متى ولماذا وكيف وأين؟
الابن الذئب
لاحظت مع مواطنين ان “البرامج التلفزيونية” التي ركزت على ظهور التكفيريين في صحراء جنوبي البلاد تجاهلت مسألتين: الأولى- تثقيفنا أمنيا حتى نراقب العيال والشباب ونساعد الأجهزة في معركة وطنية.
وثانيا- تقديم مادة محتوى أو أدلة أو حتى قرائن مثل منشورات ومنصات وخلافه على عودة ظاهرة “الابن الذئب الضال”.
أزعم شخصيا أن خليطا من المخدرات والسلاح والضياع والتطرف والحيرة هو البيئة التي تترعرع فيها تلك الأصوات المتطرفة النشاز وعلى حد علمي خصصت ملايين لمواجهة بيئة التطرف الشاب حصرا، لكن النتائج واضحة ولا نعلم أين وكيف أنفقت؟
وأزعم أن محطة سي إن إن تحديدا لديها “ترتيب ما” وهي تسلط الضوء على “نصائح” السفارة الأمريكية في عمان للرعايا بتجنب “زيارة الجنوب” فالأحداث الأمنية تحصل في الحسينية وفي واشنطن أيضا.
ومبالغات السفارة بدأت تثير الارتياب لأن ما حصل في الحالة المحلية بعض الأحداث الأمنية لا أكثر ولا أقل بعد احتجاجات لا يلام عليها المواطن.
استضافت الجزيرة معلقا على “مسار الحدث الأردني” وقال الرجل أن الاقتصاد “يعاني” ثم فجأة بدأت تصدر تلك الأصوات النشاز التي تطالب بعدم إرسال المساعدات الدولية نكاية بالحكومة فقط حيث مجددا تعود حالة الغرور الحراكية التي يسمح فيها شخص ما لنفسه بأن يحرق الوطن من أجل “ترخيص محطة وقود”.
الحكومة غامضة وتتلعثم… تتكلم عندما ينبغي لها أن تصمت ثم تدخل في سبات عميق عندما يتوجب عليها التحدث للناس، لاحقا تمطرنا حديثا عن “السوداوية”.
“أسافين الكبار”
في التشخيص العام اختصرها “خبير إداري عتيق” وهو يلخص مشكلة “اللعيبة الكبار” في الأردن كالتالي: “يتنافسون فيما بينهم… لا يعملون معا… يهدرون وقت الدوام بمراقبة بعضهم وتمني حصول أخطاء… يستعجلون ويتسرعون لإرضاء المسؤول الأكبر فقط”.
وصفة سريعة لمجتمع نخبة “الأسافين”… كانت وصفة تصلح بالماضي كمنهج عام ضروري في زمن الرخاء لكن اليوم بقاء تلك الأسافين كارثة على الأمن الوطني لأن الظرف حساس للغاية والجميع يمشي على حبل مشدود.
إزاء “الوقائع” يمكن اقتراح تشكيل “المجلس الأعلى الوطني للأسافين” على الأقل بغرض تنظيمها وتقليل مخاطرها بين النخب ومراكز القوى.
والسبب هو سؤال ذلك الجنرال المتقاعد لجنرالات اليوم علنا ووسط الناس: “كيف تمكن فتى هامل من قتل ثلاثة من أولانا وإصابة خمسة؟”
بأمانة تشخيص “إدارة الأسافين” أذهلني وأنا أشاهد كاميرا محطة “المنار” اللبنانية تحديدا تعرض تقريرا مفصلا عن “العصيان المدني” في الأردن، وتثبت فنيا أنها تستطيع جمع والتقاط مشاهد معززة للخبر لا تعرضها حتى فضائية الحقيقة الدولية الأردنية التي تنشد لوحدها بعيدا عن أغنية التلفزيون الرسمي وسيمفونية شاشة “رؤيا” حتى كدنا نرصد “سهرة وناسة” ملتفزة لا يبدد ضجرها إلا معلق إسرائيلي على شبكة كان يعلن: “خبيبي ..إخنا قلقانين على الأردن”.
كدت أرد قائلا “خبك برص وعشرة خرس”، لكن على شاشات بلادي ثمة “قائمة سوداء” لضيوف البرامج والأخبار تشملني طبعا وغيري.
والكاميرا اليتيمة التي تستضيفني بين الحين والآخر محليا تتبع محطة “اليرموك” التي تحمل بصمة التيار الإسلامي رغم أني لست معارضا فيما تصنفني الشاشات الرسمية “خارج نص الولاء”.
بكل حال “تثقفني” شاشة نتفلكس أكثر من غيرها فقد تمكنت مؤخرا من فهم كيف ولماذا وعلى أي أساس نشأت شبكة بي بي سي البريطانية العريقة من خلال متابعة مسلسل مثير عن “تشارلز وديانا”.
بالمقابل لا أحد يعرف في عمان أو يبلغني بكيف ولماذا نشأت تلك البقالات التلفزيونية التي تكرس ثقافة “العرس عند الجيران” وتقدم لي وللمواطن وجبات من القشور وبحر من “البيانات والروايات الرسمية” فقط على قاعدة “إسمع… إقرأ… وإخلع ملابسك وإلحقني”.
الملابس مرنة ومطاطة والشعب جاهز لخلعها ولا تفكير في “مناكفة” الرواية الرسمية لكن على الزملاء في إدارات التلفزة “المرعوبة” الانتباه جيدا وإبلاغ الناس عن مكان وتوقيت خلع سراويلهم بدلا من إلقائها في الطريق العام حتى لا تعيق الزحام وتتسبب بأزمة مرور.
أقله يا جماعة الخير ولتجميد “السوداوية ” توقفوا قليلا عن “مراقبة بعضكم وترصد أخطائكم”… واعملوا مع “الصافرة”.