اراء و مقالات

معاناة الأردن مع «تشكيل الأحزاب» بعد «المنظومة»: تورم في الأسماء و«أنيميا» برامج

مع اقتراب الانتخابات البلدية وانتخابات مجالس اللامركزية في البلاد، لا يبدو ان العديد من نماذج الأحزاب الجديدة تحت التأسيس لديها الجاهزية الكاملة للتعامل مع تلك الاستحقاقات.

عمان ـ «القدس العربي»: لاحظ المراقبون السياسيون في سياق المشهد السياسي الأردني الداخلي خفوت نجم الحزب الأكبر الذي استبق الأحداث وأعلن عن تقدمه بطلب الترخيص باسم التيارات الوسطية وهو حزب الميثاق خلال الأيام القليلة الماضية، وتحديدا بعد تصريح ملكي مرجعي ألح على ان المطلوب في المرحلة المقبلة هو برامج حزبية وليست أحزاب الأسماء.

ولوحظ بوضوح بأن المؤسسين لحزب الميثاق الوسطى تواروا عن الأنظار تقريبا وتقلص ضجيجهم وغبار نقاشاتهم وخف الجدل على وسائل الإعلام حول برامج الحزب غير المدروسة بعد بالإضافة إلى حصول فيما يبدو انشقاقات واستقالات مبكرة جدا وقبل تأسيس الحزب الذي اعتبر مثيرا للجدل من زاويتين، الأولى انه أعلن في وقت مبكر جدا وقبل إنتهاء النقاشات التشريعية بقانون الأحزاب الجديد عن تقدمه بطلب الترخيص، والثانية انه حافل برموز المناصب العليا والوظائف السابقة حيث عدد كبير من أعضاء مجلس النواب ومجلس الأعيان والوزراء السابقين.
وفي الوقت الذي خف فيه بالتدريج الاهتمام بحزب الميثاق الوطني يبدو ان النشاط متواصل على جبهات أخرى باتجاه السعي لإدماج تجارب حزبية جديدة تحت التأسيس في إطار لافتة مدنية أو ديمقراطية.
ومن هنا يمكن الانتباه للجهود الكبيرة التي يبذلها عضو البرلمان السابق وعضو اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية عدنان السواعير في اتجاه السعي لتأسيس حالة حزبية أفقية وجماهيرية ونخبوية بنفس الوقت على أساس التيار الديمقراطي المدني.
ويبذل السواعير جهدا كبيرا خلف الكواليس والستارة بهدف توحيد بعض التجارب المتماثلة بمعنى التعويض عن التأخير بولادة تيار ديمقراطي وطني مدني حقيقي بعيدا عن التجارب الحزبية الايديولوجية كما فهمت «القدس العربي» منه مباشرة وعلى أساس انتقاء مجموعة من المبادئ والأفكار التي تؤمن فيها قاعدة من النخب.
وهنا تحديدا يبدو ان السواعير ونخبة من أقرانه أصحاب التجربة باتجاه البحث في مشروع دمج تجربتين حزبيتين جديدتين تحت التأسيس بجبهة ديمقراطية واحدة، كما يقول أنصار هذا الخط، حيث أنصار التيار المدني الذي ينشط فيه وفي عمقه عضو البرلمان الأسبق قيس زيادين في حالة حوار على الأرجح والوصول إلى قواسم مشتركة مع حالة حزبية جديدة يؤسس لها أيضا انطلاقا من شمال المملكة الوزير السابق نضال البطاينة مع العلم بأن مشروع الإندماج هنا لم ينضج بعد.
الحوار على أساس التأسيس لحالة حزبية ديمقراطية مدنية هو الأنشط حتى الآن في أوساط الديمقراطيين وأنصار التيار المدني.
بالمقابل لا تزال تجربة لها علاقة بحزب يخص رجال الأعمال المستقلين بعيدة تماما عن الأضواء في الوقت الذي تم الإعلان فيه عن أكثر من 17 حزبا جديدا تحت التأسيس على أمل ملامسة الطموحات بالتعامل مع المرحلة المقبلة حيث أكثر من 42 مقعدا في البرلمان خصصت باعتبارها حصة لها علاقة بالأحزاب فقط، وحيث الاعتقاد رائج جدا بامكانية تحصين وتحصيل مواقع متقدمة مستقبلا عبر اللافتات الحزبية.
لكن مع اقتراب الانتخابات البلدية وانتخابات مجالس اللامركزية في البلاد، لا يبدو ان العديد من نماذج الأحزاب الجديدة تحت التأسيس مستعدة ولديها الجاهزية الكاملة للتعامل مع استحقاقات تلك الانتخابات والمرحلة اللاحقة فيما ينتظر الأردنيون بشغف نتائج المصادقة على التعديلات الدستورية المهمة والمثيرة التي تم إقرارها مؤخرا والتي دخلت اعتبارا من مساء الاثنين إلى حيز التنفيذ خصوصا وان الجزء الأهم منها ذلك المتعلق بتأسيس ودسترة مجلس الأمن القومي الجديد.
وعلى جبهة اليسار لا يوجد ما يوحي بأن تجربة دمج بقايا الحزب الشيوعي وبقية الأحزاب ذات البوصلة اليسارية في طريقها للنجاح مع ان العديد من مراكز القوى في المجتمع الحزبي وأحيانا في الدولة تسعى لتأطير وجمع التيارات الحزبية اليسارية في إطار مرجعي واحد. وهو أمر يبدو انه محفوف بمخاطر الإنقسام وعدم التوحد لا بل عدم وجود رؤية واحدة في كيفية التعامل بين اليساريين مع استحقاقات وتداعيات المرحلة اللاحقة خصوصا في الجزء المتعلق بالتعامل مع السلطة والحكومة وفي السياقات الرسمية لاحقا.
وهنا أيضا يبدو أن تجربة دمج الأحزاب المنشقة عن جماعة الإخوان المسلمين لا تبدو مبشرة بالنسبة للجهات والدوائر المهتمة في هذا السياق، فالحوارات بين مجموعة حزب زمزم ومجموعة حزب الوسط الإسلامي لا يبدو انها تدفع باتجاه تأسيس حالة حزبية وريثة حقا للإخوان المسلمين وتستطيع منافستهم في أي انتخابات عامة مستقبلا مع الحرص على توحيد جهود هذه الأحزاب التي انشق قادتها عمليا قبل تأسيسها عن الإخوان المسلمين وبالتنسيق مع جمعية الإخوان المسلمين المنشقة أيضا بقيادة المراقب العام السابق محمد الذنيبات.
وهي أمور لا تبدو انها في طريقها للحسم أيضا مما يكرس قناعة وتصور المراقبين بأن عملية التزاحم في تأسيس أحزاب انتهازية الطابع لمرحلة المنظومة تزخر بتورم واضح في المجال الحيوي للأسماء لكن ترافقها «أنيميا» حتى القصر الملكي رصدها في «البرامج».

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى