اراء و مقالات

بعد «عملية البحر الميت»: اتصالات توترت قليلاً و«أخطاء إخوانية» وعودة «حملات التحريض»

عمان – «القدس العربي»: التفاعل الحاد الذي حصل على مستوى الآراء والتعليقات السياسية وعلى مستوى منصات التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين في الأردن، يؤسس لحالة جديدة تحريضية في أرفع مستوياتها ضد جماعة الإخوان المسلمين التي فازت للتو بنحو 31 مقعداً في البرلمان بعد انتخابات أقر الجميع بنزاهتها وتخللها أو أعقبها خطابات تتحدث عن الشراكة مع الدولة الأردنية في الدفاع عنها في مواجهة أطماع مشاريع اليمين الإسرائيلي.
الشراكة هنا يشاغب عليها مظاهر عدم الجدية التي وردت في تصريحات متسرعة لكل من الناطق الإعلامي باسم جماعة الإخوان معاذ الخوالدة والأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي الإخواني المهندس وائل السقا.
وكلاهما، أي الخوالدة والسقا، تسرعا في وصف منفذي عملية البحر الميت الأخيرة التي انتهت بدورها بإحراج جديد وبتأزيم مناخ متأزم على خاصرة الحدود الأردنية مع فلسطين المحتلة.
عنصر التحريض هو الطاغي الآن، والمسلسل يعود لقصة تنظيم داخل التنظيم والامتثال للخارج وإحراج الدولة والمساس بالجبهة الوطنية وغيرها من الاتهامات المعروفة.
بعض الآراء التي رصدت خلال اليومين الماضيين في إطار التحريض على الإخوان المسلمين وصل إلى مستوى التحريض ضد الانتخابات والديمقراطية البرلمانية والبرلمان أيضاً. وهو ما يركز عليه في وصلته التلفزيونية وتغريداته وزير الإعلام الأسبق سميح المعايطة، ولاحقاً رئيس هيئة الإعلام سابقاً طارق أبو الراغب، حيث تحاول أصوات إعلامية تشكيل حالة ذهنية شعبية ورسمية مضادة للإخوان المسلمين، وتسعى إلى التحريض وإعادة ترسيم العلاقة معهم دون حتى الحد الأدنى من اللياقات التي تقدم فكرة متكاملة عن كيفية إدارة العلاقة مع برلمان فيه إسلاميين بكامل شرعيتهم.
ما اقترحه السياسي مروان فاعوري بحضور “القدس العربي” مؤخراً عدم الإصغاء من جهة القرار السياسي للمفلسين من المحرضين.
وما اقترحه معايطة هو الإشارة إلى وجود تنظيم داخل تنظيم الإخوان المسلمين تقوده أو مرتبط بقيادات في حركة حماس أو قيادات الخارج. هذا النمط من الاستفزاز يعكس وجود ذخيرة بين يدي ناقدي النقاد والخصوم لجماعة الإخوان المسلمين في البلاد.
وهذه الذخيرة وفرها بوضوح تعليقان لا مبرر لهما أشير فيهما قبل ثلاثة أيام إلى أن المنفذين لعملية البحر الميت المثيرة للجدل مسجلان في كشوفات الجماعة والحزب.
لاحقاً، أصدر الإخوان المسلمون طبعاً بياناً استدراكياً تحدث عن عدم وجود علاقة بين الجماعة والعملية والمنفذين، وصدر عن السقا ما يوحي بأن الشهيدين ليسا مسجلين في كشوفات الحزب، وأن عملية التنفيذ تلك مرتبطة بسلوك فردي وتمثل أصحابها.
لكن أهداف البيان فيما يبدو واضحة، والبيان نفسه ساهم إلى حد كبير أو مرصود باحتواء غضب الدولة الأردنية المبكر، وإن كانت تقارير ومنصات التواصل قد أشارت إلى حصول اعتقالات لكوادر الإخوان المسلمين في الأردن، وهو ما لم تصادق عليه بعد أي بيانات رسمية لا من الجماعة ولا من الحزب.
حتى الآن، لا تفهم الظروف والملابسات التي دفعت كلاً من السقا والخوالدة، إلى إطلاق التصريحات إياها.
واضح تماماً أنها لا تعكس الوقائع وحقائق الأمر إذا ما كان النص في البيان الثاني لجماعة الإخوان المسلمين مقصوداً ومبرمجاً ومدروساً ويعكس الحقائق، علماً بأن طريقة تنفيذ عملية البحر الميت تدل على وجود خلفية فكرية إخوانية لمنفذي العملية اللذين قاما بها بعد تسجيل صوتي مصور تضمن أدبيات تناصر المقاومة وتدعو إلى حماية الأردن وتحرير المسجد الأقصى، وهي نفسها بكل حال أدبيات إخوانية.
الجدل تعاظم في الساحة الأردنية في هذا المضمار، والاعتبارات عادت ليتداخل بعضها مع بعض.
وأغلب التقدير أن الآمال المرتبطة بصناعة حالة شراكة منطقية بين التيار الإسلامي وأجهزة ومؤسسات الدولة بناء على ما حصل مؤخراً من تغيرات جذرية في لعبة انتخابات والبرلمان أو بناء على وجود كتلة برلمانية صلبة في مجلس النواب تمثل حزب جبهة العمل الإسلامي إنما هي آمال يمكن أن تتأثر بالمعطيات الجديدة التي أعقبت سجالات ونقاشات ما بعد مرحلة عملية البحر الميت.
لذلك، تدهورت الاتصالات قليلاً وأعيد التفكير في كثير من الاعتبارات، وطرحت أسئلة حول مصير العلاقة بين الدولة الأردنية وجماعة الإخوان المسلمين، ليس بسبب عملية البحر الميت بحد ذاتها ولكن بسبب صدور تصريحات حققت وبسرعة عجيبة قدراً كبيراً من الاستفزاز، واستثمر فيها كل من يتربصون بالإخوان المسلمين والتيار الإسلامي، وهم كثر. وفي الواقع، أغلبهم منشقون سابقون عن الحركة الإخوانية الأردنية، بمعنى أن المنشقين عن الحركة الإسلامية والإخوانية هم الآن أشد بأساً والأكثر تطرفاً في انتقادها وفي العمل على محاسبتها بمجرد صدور تعليقات فردية أيضاً تعلق بصورة غير منطقية على عملية يعلم الجميع أنها على الأرجح فردية بالتوازي. الموقف مرتبك الآن، وملف العلاقة مع الإخوان المسلمين الذي كاد الجميع ينظر له من زاوية مختلفة بعد الانتخابات وفوز الجماعة بـ 31 مقعداً، أعيد فتحه من جديد.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading