تحريك قانون «ضم الأغوار» إعلان حرب في رأي الأردنيين بعد إقفال الملك لمعابر «الباقورة»… و«وادي عربة» تترنح
«الأمن الغذائي» بحراسة «جيش الاحتلال» وبرلمان عمان يرد بأول «اقتراح بقانون» يلغي الاتفاقية
يعزف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على أكثر أوتار الأردن حساسية وهو يفتح تشريعياً فجأة بوابة «تحريك» مشروع قانون ضم أغوار الأردن رسمياً بعدما أقفل الملك عبد الله الثاني تماماً في وجهه بوابات العبور لمنطقتي الباقورة والغمر المستعادتين.
نجح نتنياهو في التوقيت والتزامن بإرسال مجموعة خشنة جداً من الإيحاءات ضد المصالح العليا والأساسية للدولة الأردنية، وبصورة دفعت سياسي خبير في الإسرائيليات من وزن عدنان أبو عودة، لعبارة يعلن فيها بأن «المملكة الأردنية الهاشمية وبعد القرار الأمريكي بشرعنة المستوطنات، ينبغي أن تقلق الآن».
في حوارات ساخنة سابقة لـ «القدس العربي» مع أبو عودة، كان التحذير متواصلاً من أن التفكير بتنميط وتسمية صفقة القرن سلوك أقرب إلى تفكير البسطاء؛ لأن ما يريده الأمريكيون والإسرائيليون اليوم يطبق وحرفياً على أرض الواقع.
بالتزامن أيضاً يمكن ملاحظة ورصد التالي.. يقرر المكتب القانوني عند نتنياهو تحريك مشروع قانون عدائي جداً ضد الأردن باسم الضم لأراضي الأغوار إلى إسرائيل، في الوقت الذي بدأ فيه القطب القانوني والبرلماني الأردني صالح العرموطي، بتوقيع النواب على مشروع اقتراح بقانون يلغي اتفاقية وادي عربة ولأول مرة منذ عام 1994 حيث وقعت تلك الاتفاقية.
وفقاً للعرموطي، وفي تصريح طازج لـ «القدس العربي» بعد ظهر أمس الأربعاء، وقع 33 نائباً بصفة دستورية على مشروع قانون إلغاء اتفاقية وادي عربة، وتم تسليم المذكرة المعنية دستورياً للمكتب الدائم، وينبغي أن ترسل في الخطوة التالي إلى اللجنة القانونية.
في حال التصويت عليها من مجلس النواب، تصبح الحكومة ملزمة دستورياً بأن تتقدم بقانون جديد يلغي اتفاقية العار في وضع إشكالي يجعل الاتفاقية في حالة «ترنح».
العرموطي يشرح بأن هذا الرد البرلماني الوطني التشريعي الأردني هو الحد الأدنى في الدفاع عن الكرامة في مواجهة العدو، محذراً من أن تمكين نتنياهو من ضم الأغوار هو بمثابة إعلان حرب على الأردن والأردنيين؛ لأن الضم يعني تواجد جيش الاحتلال في عمق الجغرافيا الاستراتيجية الأردنية.
ويطلب من «القدس العربي» لفت الأنظار إلى أن ضم الأغوار أيضاً إعلان حرب لخنق الأردنيين اقتصادياً.
وبالتالي، يكون العدو هو الذي اتخذ الخطوة الأولى في إلغاء اتفاقية وادي عربة وتقويضها، مما يستوجب الرد، بالنسبة للعرموطي يبدأ الرد من عند إلزام الحكومة بالتقدم بقانون إلغاء اتفاقية السلام، حيث مذكرة هي الأضخم في تاريخ التشريع الأردني على 15 صفحة وثقت بالمكتب الدائم ولم يعترض عليها تحت القبة أي وزير أو مسؤول في الحكومة، وتضم 65 -على سبيل المثال وليس الحصر- اختراقاً إسرائيلياً لبنود الاتفاقية.
تبدو المعركة التي يحاول فرضها نتنياهو مجازفة وانتحارية هنا على مضمون ومنطوق اتفاق وادي عربة، فمنطقة الأغوار هي محور ومضمون الأمن الغذائي الأردني، وعندما يضمها نتنياهو للجيش الإسرائيلي يصبح غذاء الأردنيين محكوماً بما يقرره الاحتلال، وهو وضع بالنسبة للسياسي والبرلماني الناشط محمد الحجوج، لا يعني إلا حقيقة واحدة وحصرية، قوامها أن الاحتلال يعتدي على الأردن والأردنيين.
وهو يوافق على الاستنتاج بأن اتفاقية وادي عربة خرجت عن سكتها هنا. ومؤخراً فقط، نقلت شخصيات وطنية زارت موقع اتفاقية وادي عربة الدكتور عبد السلام المجالي في منزله، عنه قوله بأن تلك الاتفاقية لا يبدو أنها دفنت شيئاً، ومن المرجح أن إسرائيل في طريقها إلى الانقلاب عليها.
ولأن نتنياهو هدد ولوح بضم الأغوار من الشهر الماضي، تشدد الأردن باستعادة منطقتي الباقورة والغمر في أكتاف الأغوار الشمالية.
وقرر الملك عبد الله الثاني عدم الخضوع لابتزاز نتنياهو ومنع تمديد عقد تأجير المنطقتين، ما يجعل بعض المعابر المهمة في الجزء الأردني من الأرض في الأغوار في حضن السيادة الأردنية، الأمر الذي يؤشر وبوضوح اليوم على معركة ومواجهة شرسة بين الأردن واليمين الإسرائيلي لها علاقة هذه المرة بغذاء الأردنيين وأمنهم الزراعي، وتحديداً تقع سلة الأغوار ضمن هذه السياقات الصراعية.
وذلك بطبيعة الحال يحصل لأول مرة ويهدد، حتى برأي المؤمنين بالسلام والمفاوضات وباتفاقية وادي عربة، تلك المعاهدة التي أصبحت فجأة مثاراً للنقاش من حيث الوجود والشرعية، الأمر الذي حصل أيضاً بالتوازي أول مرة بسبب تحرشات اليمين الإسرائيلي بمصالح المملكة في ملف الوصاية الهاشمية على القدس، ولاحقاً في ملف الحدود عبر ضم الأغوار أو تحريك مشروع ضم ومحاولة قوننته. لافت جداً في السياق أن مكتب نتنياهو يتقصد إحراج الأردن بطريقة لافتة في مسألة ضم الأغوار وشرعنة المستوطنات، في الوقت الذي يتواجد فيه الملك عبد الله الثاني في الولايات المتحدة لاستلام جائزة الباحث الدولي بعد وقوفه على محطة زيارة رسمية إلى كندا.