Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اراء و مقالات

“تهمة” يحترمها الشارع الأردني: إثبات جمع المال لغزة… وتساؤلات حول ما تريده السلطات

عمان- «القدس العربي»: ما القيمة السياسية المضافة التي يمكن تحصيلها في حال إثبات قيام أردنيين بـ«جمع أموال» لنصرة أهل غزة، و«استفادة أطراف في المقاومة» من تلك الأموال؟
السؤال الأخير من الصعب تحصيل «إجابة صريحة» عليه في ظل ما أعلن على مدار يومين عن «تحويلات مالية مشبوهة» استدعت تحقيقات معمقة على مستوى دوائر الادعاء في سلطة القضاء الأردني. القضاء المستقل سيبحث الملف مجدداً بعدما بحثه قبل نحو عام مع نخبة من نشطاء حي الطفايلة الشعبي.
لكن في الجانب السياسي، يمكن القول إن تقصد إنتاج الأضواء على عضو مجلس النواب وسام اربيحات، ولاحقاً على نشطاء في «حي الطفايلة»، يحتاج إلى تبرير وإلى هدف منتج لا يزال غامضاً؛ لأن تلك «تهمة» لا يميل أي أردني لنفيها، ثم يتقبلها الرأي العام ويتعاطى معها بتقدير معنوي، حتى وإن كان للحكومة أو للقانون قول آخر. دلالة ذلك في التصريح المصور الذي سجله قبل المثول بين يدي الادعاء الناشط البارز في حي الطفايلة، مصعب الحراسيس، وفكرته باختصار «فخورون بالتهمة، ولا ننفيها… نعتبرها وسام شرف على صدورنا ونتحمل النتائج القانونية».
والدلالة الأهم كانت في غرف التحقيق، أبلغ أحد أبرز الموقوفين من قادة التيار الإسلامي أثناء التحقيق معه بأنه «لا ينفي شرف جمع تبرعات لدعم قطاع غزة»، لا بل أفاد بأنه بمجرد مغادرة السجن سيعمل على ابتغاء مرضاة ألله بجمع التبرعات مجدداً.
ناشط آخر من أبناء الحي ذاته، نشر يقول إنه ووالده اُستدعيا للتحقيق، لكنه أضاف: «بكل فخر ندعم، ودعمنا أهل غزة». عموماً، الرأي العام لا يعتبر جمع تبرعات من أجل غزة «تهمة» ينبغي أن يحاسب عليها الأردنيون، بل يجب تكريمهم، كما قال علناً الناشط النقابي أحمد زياد أبو غنيمة.
لدى السلطات الرسمية ليس فقط «رأي آخر مختلف»، بل «حيثيات» قد يكون لها ثقل إعلامي وسياسي. والفرضية التي يتداولها معنيون ومختصون أن الاستجوابات والتحقيقات تريد التوثق ليس فقط من الجانب الإجرائي، بل من أن تلك الأموال المجموعة من الأردنيين استعملت فقط في مقاصدها التي يرى الشارع أنها شرعية.
على أي حال، في الأردن لا يستطيع أي شخص -رسمياً- جمع الأموال لأي سبب بدون «رخصة قانونية». والقوانين تفصيلية في التوثق من آلية ليس فقط جمع المال بل من كيفية إنفاقه. والانطباع مبكر بأن ما تحققت منه السلطات ليس فقط «حوالات مالية مشبوهة» بل أيضاً استعمال غير قانوني أو اشتباه قوي بذلك يفترض أن يحسمه القضاء، حسب ما يتسرب من الرواية الرسمية.
الفكرة هنا قد تنطوي على التشكيك مسبقاً في «نزاهة وأغراض وأهداف» من جمعوا مالاً من المواطنين بدعوة «إسناد غزة» سواء أكانوا نشطاء شعبيين أم إسلاميين، إلا أن عبء أثبات ذلك تقديرياً هو مسألة في غاية الصعوبة والدقة والتعقيد، وإن كانت ضمن صلاحيات القضاء ومهمة في تأسيس سيناريو مدعوم قانونياً، يشكك في كل حوالات الأموال غير الشرعية ولأغراض سياسية في طبيعة الحال.
خلال يومين ماضيين، لم يعد الأمر ينحصر في التدقيق بـ «مالية الإخوان المسلمين» الذين تم حظرهم وصودرت ملكياتهم بموجب متطلبات الحظر دون اعتراض، بل بأعضاء برلمان ونشطاء في حي الطفايلة سيتم «جلبهم» للتحقيق بحركات مالية بتقنية «كليك»، خلافاً لقانون الجرائم الإلكترونية.
والمرجح من باب التقدير أن التدقيقات هدفها أو قد يكون هدفها هنا إثبات وجود «صلة ما» بين أموال جمعت في الأردن وأشخاص في «فصائل مقاومة فلسطينية».. ذلك ما يلح على طرح السؤال: ما المفيد في حال إثبات الأمر؟
سياسياً، يمكن افتراض أن السلطات مهتمة أولاً بإجراءات قانونية صارمة ملتزمة تماماً بالنصوص القانونية، وثانياً بعملية تدقيق وتحقيق تنتهي بتعزيز مصداقية «السردية الرسمية» التي يعرفها الجميع لملف «انحرافات» بعض التيارات الإسلامية التي جمعت مالاً، خلافاً للقانون، بحجة «دعم غزة»، لكنها استخدمته أو أرسلته إلى «جهات خارجية» بصورة تنطوي على مخالفة وتجريم. لذلك، على الأرجح، رصدت بعض الإفراجات مؤخراً عن موقوفين ونظمت «استدعاءات جديدة». في الفهم الشعبي العارم، حتى «دعم حماس والمقاومة» مالياً لا يجرمه المجتمع، لكن في الفهم الرسمي الأبعد فإن وظيفة حراس القانون هي إثبات حصول مخالفات لا يمكن إنكارها ولأغراض سياسية، فيما الحكومة هنا لديها «سردية» يمكنها توظيفها سياسياً خارج البلاد وداخلها ضمن ميزان، وبوصلة المصالح والتوازنات والأولويات.
ما لا يفهمه غالبية المشككون بالموقف الرسمي أن «فتح وإجراء تحقيق»، علناً، خطوة تعفي البلاد والعباد مما هو أكبر وأخطر وأكثر، وأن المكاسب المفترضة من هذا النمط غير الشعبي من التحقيقات في كل حال أقلها «صرف النظر قليلاً عن الساحة المحلية» بالنسبة للأعين الخبيثة التي تراقب كل ما له علاقة بالمقاومة الفلسطينية أو بالإسلام السياسي، ليس في إسرائيل فقط بل في أوروبا وأمريكا وبين بعض «الأشقاء العرب».
طبعاً، يقال ذلك في أضيق القنوات. وإجراء تحقيقات نظامية وقانونية أفضل من السماح لأجندات الضغط الخارجي بالعمل الحر أكثر. يمكن فهم ما يجري الآن في ذلك السياق؛ لأن الأمريكيين على سبيل المثال سبق لهم أن قطعوا وهددوا بقطع المساعدات.
عملية التحقيق بالتفاصيل المالية تسير في حقل ألغام من هذا الطراز، وإن كانت السلطات تعلم في كل حال مسبقاً بأن أي موقف لها مرتبط بمسألة «جمع المال من أجل غزة» سيصنف شعبوياً في دائرة سلبية فوراً ودوماً ومن دون التطرق لأي تفاصيل.

 

اظهر المزيد

تعليق واحد

  1. دعم غزة واجب على كل مسلم ومسلمة ويدخل في باب الجهاد بالمال طالما الجهاد بالنفس غير متاح.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading