اراء و مقالات

ملامسات الرفاعي-المعشر «الإصلاحية»: متى يتحرك «الثلث المعطل» ضد أوراق ملك الأردن النقاشية؟

ثمة توافق على أن الأوراق النقاشية الملكية سقف إيجابي لتفسير تجربة برلمانية وحزبية تتحول ولو ببطء شديد إلى مقاربة محتملة في اتجاه الملكية الدستورية.

عمان-»القدس العربي»: رغم أنه تقصد الابتعاد لأكبر مسافة ممكنة عن اللجنة التي كلفت بـ»تطوير المنظومة السياسية» إلا أن وزير البلاط الأسبق وأحد أبرز دعاة الإصلاح السياسي خلال عقدين الدكتور مروان المعشر تقدم بمداخلة أعقبت تشكيل اللجنة بعنوان «غايات الإصلاح وأهدافه قبل الآليات».
واضح أن المعشر مثل بقية النخب التي تراقب المشهد الآن لديه انطباعات أولية مصدرها ليس فقط المعلومات عن التزاحم الحاصل بعد الجلسة الافتتاحية للجنة الحوار الوطني، لكن خبرته السابقة عن آلية العمل عبر اللجان سعيا لمعادلة إصلاحية تعالج حالات التأزيم الوطني.
عمليا استغرب كثيرون عدم وجود رئيس لجنة الأجندة الوطنية الأسبق وهو الدكتور المعشر في لجنة الحوار المشكلة قبل أيام وقوامها 92 شخصية وعضوا مع أن ما لا يعرفه المتابعون أن المعشر عرض عليه الأمر على الأرجح والانضمام إلى اللجنة لكنه فضل عدم الانخراط.
في لقاء خاص في القصر الملكي وضمن «دردشة» إصلاحية طلب من المعشر «إعادة تلاوة» بعض المقترحات التي قدمها أمام المدير الجديد لمكتب الملك الدكتور جعفر حسان وبعد ما سمعتها المراجع.
سئل المعشر عن رأيه في أفضل طريقة للعودة إلى مسار الإصلاح فأصر على رأيه القديم بأن «الأوراق النقاشية الملكية» ممتازة ويمكن إنجاز الكثير تحت سقفها.
لكن حراكا ما دفع المعشر لاحقا لتنشيط النقاش عبر مقاله الخاص بالتركيز على «الأهداف» بمعنى المضمون السياسي للإصلاح أكثر من الآليات والتقنيات.
وهي مسألة تبدو مقلقة قياسا بالانطباعات التي تشكلت عند بعض أعضاء لجنة الحوار في اللقاء الافتتاحي حيث شغب بتقدير عضو اللجنة عامر سبايله تحت عنوان إقصاء المحتوى السياسي والتركيز على «تقنيات التشريع» مما يلحق ضررا بالغا بعمل وإطار ورسالة اللجنة حسب ما فهمت «القدس العربي» من السبايله وآخرين في اللجنة.
قبل تشكيل اللجنة الأخيرة استمع القصر الملكي بصورة انفرادية لنخبة من السياسيين وتردد ان من بينهم عبد الرؤوف الروابده وطاهر المصري والمعشر وأيضا سمير الرفاعي، وقد كلف الأخير برئاسة أول لجنة إصلاحية وسط انطباع سياسي بأن وجوده على رأس اللجنة الضخمة «ضمانة» للمؤسسة العميقة وللمؤسسة الملكية بإقامة وإدامة حوار منطقي متوازن وتوصيات تخلو من «أجندات» خارج السياق المرجعي.
يميل سياسيون لقراءة وجود الرفاعي وفقا لصيغة تضمن للمؤسسة الملكية محددات في الحوار وترضي بنفس الوقت الشارع السياسي خصوصا وان الأخير من «حراس النظام» الأساسيين ولديه رؤية وعبارة نقدية في بعض الأحيان لأداء الحكومات المتعاقبة.
وطوال السنوات الماضية سمعت «القدس العربي» مباشرة مرات الرئيس الرفاعي وهو ينتقد عدة حكومات لأنها تجاهلت القيام بجهد حقيقي وفاعل تحت سقف تفعيل الأوراق النقاشية الملكية التي توفر للجميع «ضمانات إصلاحية» متوازنة ومنطقية.
ولعل اهتمام الرفاعي بتلك الأوراق من العوامل الأساسية التي دفعت به لرئاسة اللجنة في مساحة لا يختلف معها المعشر وإن كان يصر على الانتباه لضرورة «حسن الالتزام».
في كل حال لجنة الرفاعي بدت أكثر تنظيما في اجتماعات الخميس الإدارية حيث انشغل رئيسها في الكواليس بتوزيع الأدوار والخبرات على أمل تخفيف التجاذب وأي صدامات من خلال اللجان الفرعية المطلوب منها بطبيعة الحال مراجعة ثلاثة تشريعات مهمة وأساسية تحت عنوان المنظومة السياسية للدولة.
ثمة توافق بعيدا عن اللجنة على أن الأوراق النقاشية الملكية سقف إيجابي لتفسير تجربة برلمانية وحزبية تتحول ولو ببطء شديد إلى مقاربة محتملة في اتجاه الملكية الدستورية.
الخصم الرئيسي لتنفذ الأوراق النقاشية والتي أبلغ المعشر الملك وجها لوجه انها مناسبة ومواتية هو على الأرجح الاعتبار الأمني والسياسي المحافظ ويعتقد ان تلك الاعتبارات عرقلت مضامين الأوراق النقاشية التي نصح بها الكثيرون نحو 10 سنوات على الأقل.
في ضوء انتقاد الرفاعي لكل الحكومات التي أسقطت من حسابها أوراق الملك النقاشية في الماضي يمكن القول إن المواجهة قد لا تحتدم تحت سقف اللجنة بإقصاء أو اعتماد الورق النقاشي الملكي المنشور سابقا بعدما حسم الملك عبد الله الثاني شخصيا المسألة وعلنا واعتبر تفويض لجنة الحوار تحت سقف أوراقه النقاشية.
لكن الرافضين من داخل مراكز القرار والقوة في الدولة لمحتويات الأوراق النقاشية يمكنهم الانقضاض عليها بطريقة بيروقراطية مبتكرة عنوانها الاعتماد على «الثلث المعطل» مجددا بمعنى التركيز على الجوانب التقنية والآليات وتعديلات النصوص الطفيفة مقابل افراغ المحتوى السياسي.
وهي لعبة مكشوفة عمليا للخبراء. لكن تجاوزها تحديدا من قبل الرفاعي يتطلب مهارة خاصة ويحتاج بالتأكيد إلى إرادة مرجعية ولو على شكل همسة في أذن الرفاعي تسمح بعبور ما تيسر من المحتوى السياسي الإصلاحي على أمل تجنب كلفة الإصلاح القسري لاحقا.
يعني ذلك وببساطة ان أصل التجاذب والمواجهة هو سقف ومنطوق ومضمون الأوراق الملكية النقاشية وان تلك المواجهة هي في أصلها وجذرها بين مؤمنين بالإصلاح الملكي ويرغبون في إبعاد المؤسسة الملكية عن تجاذبات القوى وبين شرائح من الجماعة التي تزعم انها «ملكية اكثر من القصر نفسه».

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى