اراء و مقالات

خمسون كيلومترا فقط في «التحدي الأردني»: صلاة الشكر في العبدلي وجدار نتنياهو بالأغوار

نتنياهو تقصد الوجود في منطقة قريبة من خاصرة الحدود مع الأردن بعد احتفالات الإسلاميين بنجاحهم الساحق في الانتخابات والذين يصفهم نتنياهو بأنهم حلفاء وأصدقاء لما يسميه بالإرهاب الفلسطيني.

عمان ـ «القدس العربي»: الفارق تماما أقل من ساعتين بين أداء قادة حزب جبهة العمل الإسلامي التابع للإخوان المسلمين في الأردن لصلاة الشكر في مقرهم في ضاحية العبدلي بعد إعلان تمكنهم من تحقيق أغلبية في الانتخابات النيابية عبر تحصيل 32 مقعدا في البرلمان لأول مرة منذ عام 1989 وبين ظهور رئيس الوزراء الإسرائيلي المتطرف والموصوف في عمان من جهة الدكتور ممدوح العبادي بـ«القاتل المتسلسل» بنيامين نتنياهو على خاصرة الحدود الأردنية في منطقة الأغوار داعيا مجددا إلى بناء جدار كبير على الحدود الفلسطينية الأردنية بدعوى وذريعة السيطرة على البعد الأمني في المنطقه الجغرافية والتصدي لتهريب الأسلحة الإيرانية.

تلك العلاقة مرتبطة زمنيا وجغرافيا أيضا في أقل من 50 كيلومترا تفصل في الجغرافيا ما بين مقر حزب التيار الإسلامي في ضاحية العبدلي بقلب العاصمة عمان وبين تلك النقطة التي وقف فيها نتنياهو مع عناصر من الجيش الإسرائيلي وبعض المرافقين مكررا مشهدا تختزنه له ذاكرة الأردنيين عندما رفع قبل عدة سنوات لواء ملف ضم الأغوار وزرع شجرة بالقرب من أكتاف خاصرة الحدود مع المملكة الأردنية الهاشمية.
مشهد نتنياهو ردا على العملية التي وصفها الجميع في الأردن باستثناء الحكومة طبعا بأنها بطولية ونفذها سائق الشاحنة الأردني ماهر الجازي في معبر الكرامة وأدت إلى مقتل ثلاثة إسرائيليين.
لكن الأهم أن نتنياهو يعود إلى اللعب بورقة الحدود مع الأردن ويستفز الناطق بإسم الخارجية الأردنية سفيان القضاة ويدفعه لإصدار بيان مساء الخميس يقول فيه إن استفزازات نتنياهو وسيموترتش ينبغي أن يتصدي لها العالم، ثم سرعان ما يتهم مجددا السفير القضاة الجانب الآخر كما يوصف في أدبيات المؤسسة الأردنية، بالكذب والتضليل في إدعاءات تهريب الأسلحة الإيرانية.
في الأثناء يناضل في القاهرة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي ويعقد سلسلة اجتماعات تنسيقية مع نظيره المصري ومع آخرين من المسؤولين العرب والأوروبيين.
العنوان العريض لمباحثات الصفدي ليس فقط العودة إلى مسار وقف إطلاق النار في غزة، ولكن خفض التصعيد في المنطقة وبلورة موقف عربي جماعي إلى حد كبير يرقى إلى مستوى مواجهة استفزازات اليمين الإسرائيلي ومحاولة التسلل بعيدا عن استعراضات نتنياهو في الأغوار بـ«حل الدولتين» مجددا.
ما فهمته «القدس العربي» أن الصفدي يتحرك دبلوماسيا وبين يديه أمل في بلورة موقف مع 5 دول عربية على الأقل من بينها مصر والإمارات يؤدي مع الأصدقاء والحلفاء إلى التمكن من تمرير الوقت قبل نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية بدون تمكين الحكومة المتطرفة في تل أبيب من فرض أجندتها على دول الجوار العربي أو على ما تبقى من فكرة وبرنامج معسكر الاعتدال العربي.
ثمة من يقدر مسبقا بأن نتائج الانتخابات في الأردن والتي كان شعارها عند الإسلاميين على الأقل هو المثلث الأحمر الشهير على اليافطات، تسببت بصدمة لعدة أطراف ليس من بينها جهات داخل الأردن بصورة حصرية. ولكنها رسالة للإسرائيليين بكل حال عن وضع الحاضنة الشعبية التي تدعم المقاومة عند الجار الأردني وهي انتخابات تقول بالسياسة وتحديدا في ملف الصراع مع اليمين الإسرائيلي وسياقات الأطماع التوسعية ما هو أهم وأعمق بكثير من حيث نتائجها من البعد الرقمي وحمى التنافس المحلي بين الأحزاب الأردنية.
أغلب التقدير سياسيا هنا أن نتنياهو تماما تقصد الوجود في منطقة قريبة من خاصرة الحدود مع الأردن بعد احتفالات وابتهاجات الإسلاميين بنجاحهم الساحق في الانتخابات والذين يصفهم نتنياهو وطاقمهم بأنهم حلفاء وأصدقاء لما يسميه بالإرهاب الفلسطيني.
وهي تهمة بكل حال لا ينفيها الإسلاميون ويعتبرونها بالعكس تماما مشرفة خصوصا وأن المراقب العام للجماعة الإخوانية في الأردن الشيخ مراد العضايلة طالما رفع خلال الحملة الانتخابية شعار وهتافات مساندة لمعركة طوفان الأقصى.
بكل حال عودة نتنياهو إلى العبث مع الأردن في ملف الحدود أصبحت عبئا كبيرا على الخاصرة السياسية الأردنية وسياقا يؤدي دوما لخدمة الإخوان المسلمين وتوسيع شعبيتهم.
بصورة مرجحة جزء من رسائل المؤسسة الأخيرة في الأردن له علاقة بالتوقف عن التدخل أصلا بالانتخابات ما سمح للإسلاميين وسط المجتمع بالتحرر من قيود الهندسة والتدخل وتحقيق هذه الأفضلية العددية التي تعكس حاضنة قوية تدعم المقاومة الفلسطينية في عمق المجتمع الأردني.
جدار نتنياهو الجديد في الأغوار محاولة للتذكير بأطماعه وبعنوان حسم القضية الفلسطينية وعدم وجود ضفة غربية، بمعنى نقل الأزمة برمتها إلى سياق السكان وتحويلها إلى أحضان الأردن.
وهذه الأجندة بالتأكيد مرفوضة رسميا وشعبيا في الأردن. ونتائج الانتخابات لا بل إطلاق حرية الانتخاب بدون تدخل للأردنيين بالتأكيد جزء من رسالة الرد على يمين إسرائيل وخططه التوسعية وهو ما يجمع عليه العديد من قادة العمل السياسي في عمان.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading