«دبس ونمس» في الـ«بامبو السوداني» … وفي الأردن «أحزاب درون»
قناة تلفزيونية لحزب، تمارس الشفافية وتنقل للجمهور على الهواء مباشرة ما يجري، ولو عبر طائرة «درون» مستأجرة. «نبأ جيد» في كل المعايير. ما الذي يقلق أو يغضب بعض المعارضين؟
للتو، خرجت من متابعة مسلسلات «التحريض على العمل الحزبي»، التي يتبناها تلفزيون الحكومة الرسمي، في محاولات جيدة لدعم «مسار تحديث المنظومة».
لو كنت مكان إدارة الشاشة الوطنية لخصصت مساحة بث يومية «مجانية»، تتابع أخبار الأحزاب السياسية، ولخصّصت مذيعا فصيحا يلاحق قادة الأحزاب بأسئلة من طراز: في الملف الفلاني، ماذا فعلتم؟ في الموضوع العلاني ما هو برنامجكم؟
بصراحة، يعجبنا أن يقرر حزب يحمل اسم «إرادة»، تقديم وجبة شفافية ودسمة، بالصوت والصورة لجمهوره، وللجمهور الصامت وغير المتحرك، الذي يشكل أغلبية من الأردنيين.
يعجبنا أيضا، أن يظهر الآن على شاشة تلفزيون «رؤيا» وزير سابق أو لاحق، يتقمص حالة «القائد الحزبي»، ويعلن على الملأ أن أوان الحقيقة قد حل، وأن إسرائيل ليست شريكا، بل هي عدو مبين وخصم إلى يوم الدين.
لا يضير الإسلامي، ولا الشيوعي ولا البعثي، أن ينضم «رموز الولاء» إلى حفلة «شتيمة أمريكا وإسرائيل»، وأن تتفتح زهرة جديدة، فكرتها الوقوف في الشارع والتنديد بالعدو، ثم الضغط على السلطة لكي تغير وتبدل في حساباتها الإسرائيلية.
ينبغي على الأخوة في الأحزاب المعارضة التوقف عن «الشكوى والتذمر والضجر».
وبدلا من الخطابة فينا جميعا عن «تلك التسهيلات»، التي تمنح «لحزب هنا أو هناك»، من باب التشكيك، يمكن وضع قائمة مفصلة بتلك التسهيلات، ثم المطالبة علنا بمثلها، ونحن سنصفق ونحاصر أي موظف أو مسؤول يمنح حزبا تسهيلا ما دون آخر.
نطالب علنا السلطات في بلادنا أن تمنح حزب جبهة العمل رخصة استئجار طائرة درون صغيرة، لتصوير رموزه من السماء أيضا، ونضم صوتنا للمطالبين بمنح عضو الحزب الشاب رخصة «قيادة سكوتر».
نقترح على «عصبة أصحاب المعالي والألقاب»- الذين يحتشدون الآن في «ثوب الأحزاب» – المبادرة لكل أصناف «المزاودة» على المعارضة في كل أدبيات الملفات والقضايا الوطنية وفي الشارع.
المايكروفون والاعتصام وطائرات درون اللطيفة المجربة، ليست حكرا على أحد، وليتنافس المتنافسون، لأنها الطريقة الوحيدة التي يستفيد فيها كل من المواطن والدولة، من غبار ذلك الضجيج.
حرب «البامبو» السوداني
حرب «البساطير والنياشين» الجديدة في السودان، بدأت تحتل واجهات نشرات الأخبار الطازجة على كافة شاشات الفضائيات.
قناة «الجزيرة» تستضيف «أي معلق متاح»، وزميل أستاذ عاجلني للتو بنسخة من تسجيل فيديو بثته قناة «أل بي سي» اللبنانية سابقا، يظهر محاولة لتقليد أغنية بلهجة «بمبو السوداني».
يوما ما، كان من الطبيعي لجنرالات الانقلاب أن يختلفوا في ما بينهم على «الغنيمة»، بعد الخلل في «إعادة توزيع الحصص»!
بصراحة، ومنذ 4 سنوات كل من تابع «كذبة التحول المدني»، وسط عسكر السودان الشقيق، علم مسبقا أن زحام الجنرالات والغنائم قادم، فالقصة في جذرها اختصرها سفير سوداني صديق، عندما ألمح إلى تجارة العاج والنحاس والذهب مع «عصابات إسرائيلية»!
طبعا، ودوما، يموت الأبرياء، وسط ماكينة من البيانات التصريحات، التي تفتي باسم الوطنية والمؤسسة العسكرية، وعندما يتعلق الأمر بالجنرال العربي، فاقتراحي المحدد سمعته من معلق استضافته قناة «سي أن أن» الأمريكية يوما، حيث قال «العسكر مكانهم الطبيعي على الحدود وفي الثكنات».
وأضيف هنا: عندما يغادر الجنرال الثكنة نحو القصر الرئاسي، الحلقة المقبلة في المسلسل، ستكون من صنف «الحرب الأهلية»، وبعدها مهرجان من الادعاءات الوطنية والسهر على حماية التراب الوطني!
مؤسف جدا أن التيارات المدنية والحزبية السودانية صدقت يوما أن «الدبس»، يمكن تحصيله بوفرة من «فضلات النمس»!
ولأن درب النمس بعيدة عن طريق «الدبس»، على الأحزاب في السودان وفي الأردن وفي سائر بلاد المسلمين أن تنتبه إلى «الباطنية» التي يتمتع بها دوما «أي جنرال» لا يؤمن أن وظيفته «حراسة الديمقراطية»، وليس تقمصها، خلافا للإتّجار بها وبالبشر.
وزير للمغتربين
المغتربون لهم «وزير» يمثلهم في الحكومة السورية.
فركت عيوني لأدرك هذه الحقيقة، وأنا أشاهد تغطية فضائية «الجزيرة» لاستقبال وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في مطار «هواري بو مدين».
لقب الأخ مقداد كالتالي «وزير الخارجية والمغتربين».
في الأردن اضيفت مفردة «وشؤون» إلى المغتربين في اللقب، الذي يحمله معالي الزميل أيمن الصفدي.
كلاهما، لا أذكر أنه تحدث يوما، ولو بأي إطلالة بهية عن أي مغترب لا سوري ولا أردني.
المغترب الأردني «فقد الأمل» أصلا في «وزراء بلاده».
ولكن، والحق يقال، لا يوجد الكثير من «الشؤون والقضايا»، التي نحتاج لوزير من أجلها، خلافا للوضع مع «المغترب السوري».
مع وجود 7 ملايين «مهجر ومغترب سوري» اليوم. ما هي الوظيفة المحددة بشأنهم في لقب معالي السيد المقداد؟!
ذلك يعني، وببساطة 7 ملايين مشكلة للمغتربين، خلافا لمليوني مغترب داخل حدود وطنهم! وللأسف الشديد، نتابع بشغف فضائية دمشق وتوابعها في بيروت، ولم ننتبه يوما، إلى أن الوزير يتحدث عن أي مغترب وبأي صيغة!