اراء و مقالات

الأردن: شعبياً حالة ترقب وقلق… وسياسياً «كل الخيارات مطروحة»

الصفحة الأولى في «كتاب الأزمة» مع «الإسلاميين»

عمان ـ «القدس العربي»: الانطباع الأرجح الذي يتكرس مع استمرار الحدث في الساحة الأردنية المرتبط بصدام وأزمة محتملة مع التيار الإسلامي بعد الكشف عن «مخططات إرهابية» لخلية ينتمي غالبية أعضائها للتيار هو أن السلطات في طريقها لتفحص كل الخيارات والسيناريوهات بعيداً عن ضغط الشارع والشعبويات وفي إطار القانون بصفة حصرية.
حالة ترقب لا يستهان بتأثيرها في عمق الوسطين الشعبي والسياسي، تجتاح الأردنيين برفقة حالة قلق لا تعكسها عملياً فعاليات الإعلام الرسمي، لكن ترصدها الحكومة والجهات المختصة في ظل السردية عن تورط عناصر في تنظيمات الإخوان المسلمين بمخططات للمساس بالأمن الوطني حسب الرواية الرسمية، ومحاولات لدعم المقاومة حسب تعريفات مؤسسات الحركة الإسلامية.
هنا تبرز المفارقة التي تؤكد فيها المصادر الحكومية أن الجانب الجنائي والقضائي في قضية الخلية التي تم الكشف عن مخططاتها مؤخراً، ومن ضمنها تصنيع صواريخ ومسيرات وأسلحة ومتفجرات، سيتواصل عبر محكمة أمن الدولة بعد تقديم لائحة الاتهام بصورة مفصلة، والحرص على توثيق اعترافات عبر الأشرطة التلفزيونية المصورة.
لذا، يفترض بكل الجبهات الداخلية أن تتوقف عن طرح السؤال في بعده الجنائي وترقب مسير التحقيق القضائي؛ لأن الملف بين يدي السلطة القضائية الآن. ومحكمة أمن الدولة ستحدد قريباً أولى جلسات الافتتاح لهذه القضية.
ويبقى ذلك قيد الجدل والنقاش عملياً، وهو الجزء السياسي من هذه الأزمة التي كان عنوانها بالسردية الحكومية بصورة محددة هو سعي الإسلاميين لتجاوز الدولة والقوانين في بعض التفاصيل. هنا حصراً، قد يكمن النقاش بمعناه الحيوي، خصوصاً أن التيار الإسلامي تجاهل عدة مرات نصائح مباشرة وأخرى غير مباشرة بإظهار قدر أكبر من الاحترام والتقدير لاحتياجات الدولة وتوازناتها ومصالحها، ليس في الخارج ولا في الإقليم ولكن بصورة مباشرة في الداخل الأردني جراء حراجة الموقف وحساسية الظروف.

خيبة أمل

لذلك، يشعر بعض الساسة الكبار بـ «خيبة الأمل» في الصيغة التي تؤدي إلى تجاهل النصائح. عملياً، عبر قادة كبار في مؤسسة التشريع عن الأسف لتجاوز النصائح، وهؤلاء استفسرت منهم «القدس العربي» وأهمهم رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، فيما حذر رئيس مجلس النواب أيضاً أحمد الصفدي تلميحاً من» الغرور والاستقواء على الدولة».
وعليه، يمكن القول في الاستنتاج النهائي وبدون استرسالات إضافية، أن الجانب السياسي الذي دخل كثيراً في نطاق التكهن والتوقع مؤخراً عندما يتعلق الأمر بانعكاسات ما حصل وتم كشفه والإعلان عنه، هو حجر الرحى في بؤرة الحدث. أغلب التقدير أن الجانب السياسي قد لا ينطوي رسمياً، لا على مغامرات ولا على مجازفات.

الصفحة الأولى في «كتاب الأزمة» مع «الإسلاميين»

رزمة القوانين الموجودة والمعمول بها تكفل غطاء قانونياً لأي إجراء قد يتخذ التحقيق القضائي المعمق في تلك القضية. وتقول أروقة القرار الرسمي لكل من يستفسر الآن، إن «كل الإجراءات التي قد تتخذ ضد الإسلاميين مؤسسياً ـ إن تقررت ـ ستكون ضمن ما ينص عليه القانون».
تلك الأروقة تضيف: وحق التقاضي مكفول بموجب الدستور للجميع، وأي جهة متضررة تستطيع الطعن في أي قرارات «إدارية». تلك حالة تكييف تأصيلية تعني بأن سيناريو الإجراء الإداري القانوني ضد مؤسسات الحركة الإسلامية مطروح على الطاولة بعد ملف قضية «الـ 16».

تساؤلات قانونية

وتبرز تساؤلات قانونية وأخرى سياسية وسط التكهنات والتوقعات بانعكاس نتائج هذه القضية في حالة الإدانة على عدة برمجيات حزبية، وأحياناً برلمانية. تلك هي الصفحة المنتظرة الآن في قراءة كتاب الأزمة مع الإسلاميين، علماً بأن الجانب المتعلق بالتيار الإسلامي يواصل بدوره اجتماعاته ومشاوراته ويستعد بانتظار تلك الإجراءات التي تؤكد السلطات الحكومية أنها ستكون مثل الجانب المهني والأمني والجنائي أيضاً مرتبطة جذرياً بالإطار القانوني.
يمكن الاستنتاج من التمهيل والتشاور البيروقراطي أن أي إجراءات قد تتخذ أو يمكن أن تتخذ لاحقاً ستبقى جزءاً من إطار ومنظومة القانون.
النص الرسمي لمسار الحدث يطرح على التيار الإسلامي مبكراً عدة ملاحظات وهو يرفض شراء الرواية التي تقول بعدم توفر القدرة على السيطرة على بعض العناصر بسبب دموية العدوان الإسرائيلي وغلاظة الملاحقات الأمنية.
جزئية التبرير هنا يبدو أنها لم تعد صالحة كذريعة قابلة للهضم، وما تفعله السلطات الرسمية هو تحميل القيادة المنتخبة في الأحزاب المرخصة مسؤولية مباشرة عن تصرفات وسلوكيات جميع عناصرها، وما يحاجج به المسؤولون خلف الستائر أن العدوان الإسرائيلي الهمجي ذريعة للانتباه لـ «حماية الأردن» والحرص على أمنه الداخلي، وليس العكس.
ما يجري في فلسطين المحتلة من الصعب السيطرة عليه… هنا تبرز في النقاش والسجال العام مفارقة جديدة. وفي سردية سمعتها «القدس العربي» من وزراء اختصاص في الحكومة الأردنية: القيادات يتم انتخابها، والمؤسسات المرخصة رسمياً وقانونياً يفترض القانون أن تكون لها القدرة على السيطرة على الكوادر والعناصر، وإلا دبت الفوضى في صفوف العمل الحزبي الذي لا يزال ناشئاً عملياً بعد مسار التحديث السياسي.
وتفترض المؤسسة الحكومية التوقف عن الخطاب الذرائعي وعن استخدام هذه الحجة كذريعة أو مبرر؛ لأن واجب القيادات التي تنتخب داخلياً وتحظى بامتيازات المظلة القانونية هو الحرص على الانسجام مع التعليمات القانونية وعدم مخالفتها.
التوقع هنا قبل الانتقال إلى الصفحة الثانية في الأزمة المحلية أن تحصل مراجعات خلافاً للإجراءات، ليس على الصعيد الرسمي فقط ولكن على صعيد مؤسسات الحركة الإسلامية العريقة التي قبلها وهضمها مسار التحديث السياسي والانتخابات النزيهة مؤخراً.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading