اراء و مقالات

الأردن عندما يتحرش بحقبة «ترامب»: الاستثمار في «التحول الأمريكي الكبير» منتج أم «مضيعة وقت»؟

عمان- «القدس العربي»: لا أحد يعلم متى أصبحت العلاقة الشخصية والمهنية «وثيقة» بين وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي ونظيره الأمريكي أنتوني بلينكن.
لكن عبارة شاردة عن تلك العلاقة الوثيقة نشرت في سياق تقرير صحافي يتحدث فيه الصفدي، القائد الوحيد للدبلوماسية الأردنية، عن العمل مع بلينكن في ملفي غزة وحي الشيخ جراح. ثمة إفصاحات مارسها الوزير الصفدي بشكل نادر مؤخراً في إظهار تقييم بلاده لموقف الإدارة الأمريكية من الملف الفلسطيني على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخراً.
لم يحدد الوزير الصفدي في تصريحات منقولة عنه ما هي بصورة خاصة المؤشرات التي تثبت ما وصفه بأنه تحول إيجابي أمريكي كبير «رصد مؤخراً» . القرينة الوحيدة في مقاربات الصفدي هي أن الرئيس جو بايدن يدعم علناً حل الدولتين، وأظهر احتراماً للوضع الراهن في القدس، وعكس تلك السياسات المتعلقة بالرئيس السابق دونالد ترامب والتي كانت مؤيدة فقط وبقوة لإسرائيل.
هل بدأ الأردن بالحديث بأثر رجعي عن مرحلة الرئيس ترامب؟
يبدو سؤالاً يحتاج إلى إجابة سياسية، وما يمكن قوله عن تلك العبارة التي وردت على لسان الوزير الأردني، هو أن الصفدي يحاول البقاء مشتبكاً مع نمو اتصالاته بالوزير بلينكن، ويسعى لعدم ترك المايكرفون تحديداً بخصوص مرحلة الرئيس ترامب لآخرين، خصوصاً أن علاقات بلاده بإدارة بايدن تنمو وتتطور بشكل لافت.
وفي الوقت نفسه، ثمة سياسيون كبار وخبراء في طريقة تفكير الأمريكيين، ومن بينهم الدكتور مروان المعشر وعدنان أبو عودة وحتى الدبلوماسي المخضرم حسن أبو نعمة، متمسكون بالتحذير من بناء أي رهانات لها علاقة بترديد عبارة حل الدولتين على ألسنة أي مسؤولين غربيين.
في المقاربة التي سمعتها مؤخراً «القدس العربي» من السياسي طاهر المصري، وجود وبقاء واستمرار الاحتلال الإسرائيلي في الاتجاه المعاكس لأي رهانات.

الحذر واجب

وبالتالي، الحذر واجب؛ لأن الفارق يعرفه المعنيون بين ترديد عبارات إنشائية في الأقنية الدولية والدبلوماسية لها علاقة بحل الدولتين، وبين مشروع حقيقي في هذا الاتجاه يمكن أن ينتهي بخطة محددة من أي نوع من الواضح أنها خطة غير موجودة.
يبني مسؤولون أردنيون في المقابل، جملتهم المتفائلة بناء على إعادة تدوير واستخدام رصيد مواجهة خشنة سابقة بينهم وبين إدارة الرئيس ترامب، التي أقلقت عمان وعرقلت الكثير من المسارات وحاولت استهداف الوصاية الأردنية الهاشمية ضمن عبارات سمعتها «القدس العربي» في مقرات الحكومة الأردنية. لكن ما يقترحه مفكرون من وزن عدنان أبو عودة، هو التريث والانتظار وعدم الاستعجال، وتمييز الفوارق بين عبارات رومانسية يمكن أن تصدر عن أي مسؤول أمريكي، وبين خطة عمل منهجية في هذا الاتجاه، مقترحاً بأن المصلحة الأردنية والفلسطينية والعربية، في كل الأحوال، تتطلب البقاء في حالة ضغط مع المجتمع الدولي وعليه؛ لتسويق خيار حل الدولتين، وإن كانت القرائن غير متاحة على جدية الموقف الأمريكي أو حتى وجود مشروع أوروبي عموماً في هذا الاتجاه. يفهم من المناولات الدبلوماسية الأردنية الأخيرة بأن عمان مهتمة بالاستثمار في الحيز الذي تتيحه رغبة الرئيس الأمريكي الحالي بـ:

أمران

أولاً، منع أي حالة تستدعي الصدام العسكري والأمني في الأرض المحتلة.
ثانياً، العمل مع مصر والأردن والعراق على تثبيت هدنة طويلة وعلى برامج إنعاش اقتصادية ومالية ومعيشية تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة، شريطة أن لا تستفيد حركة حماس وفصائل المقاومة بالنتيجة، وهي مهمة على الأرجح مناطة بالمصريين والأردنيين، وقبلهم في طبيعة الحال بالسلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس.
ومع أن رئيس وزراء الأردن الدكتور بشر الخصاونة، تحدث علناً عن إستراتيجية بلاده ًالمبدئية في الثوابت بعيدا عن أي أوهام خارج قراءة الواقع الموضوعي على الأرض إلا أن أوساطاً كثيرة تظهر، سياسياً، الاستياء من تلك النغمات التي تحاول تغليف الغبار والإيحاء بأن الأمريكيين مهتمون بأنصاف الشعب الفلسطيني، أو بأن الكيان الإسرائيلي الغاصب يمكنه -على حد تعبير القطب البرلماني البارز صالح العرموطي- أن يجنح يوماً إلى السلام، حيث لا معالجات ولا حلول -في رأي العرموطي- إلا بالمقاومة، وحيث إن مصالح الأردن العليا تتطلب دعم المقاومة والرهان عليها وتمكينها، مقترحاً التخلص من تلك العبارات التائهة بخصوص السلام والتطبيع والعدو.
الأمور في تقديره واضحة ويعلمها الجميع، والاتفاقية الأمنية الموقعة مع الأمريكيين مؤخراً غير دستورية وتؤسس لمصالح إسرائيل على الأرجح على حساب الشعب الأردني.

فريق كامل من المشككين

وبالتالي، ثمة فريق كامل من المشككين الأردنيين بجدوى وإنتاجية الاسترسال في الترحيب بتلك العيارات الإنشائية، لا بل السينمائية، التي تصدر عن الرئيس بايدن وبالشكل المريب تحت عنوان «التغزل بحل الدولتين».
الخلاصة – في رأي الصفدي ورفاقه من المسؤولين- المطلوب هو الاستثمار في حديث بايدن وطاقمه عن حل الدولتين، والخلاصة المعاكسة تقول بوضوح أن هذا الاستثمار مضيعة للوقت ولا يفيد الأردن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى