عندما تتجسس الوحدة «8200» على الأردن: «إكسسوارات المؤامرة» لـ«شيطنة الشعب»… والعدو «هندي»
كل إكسسوارات ومستلزمات إعادة بناء «دراما» المندسين والمؤامرة توفرت فجأة، وعلى طريقة «أبو عنتر» في المشهد الأردني مباشرة بعدما بدأت كاميرات محطات عربية و»بي بي سي» بالبث الميداني.
الهدف واضح ومحدد ومرصود وهو «شيطنة» الحراك الشعبي الأخير في محيط مقر سفارة تل أبيب في عمان مرة بـ«أخونته»، بمعنى ربطه بالإخوان المسلمين، ومرات بربطه بوحدة التجسس الإسرائيلية الشهيرة «8200» أو بنحت تعبير جديد من طراز «استثنائي، لا تقوى عليه حتى قناة «أم بي سي أكشن» هو «الحرس الثوري العراقي».
أخرجت تلك الاكسسوارات من «مخزن الأرشيف»، وتحت شعار «هيا نلعب معا» احتاج الهدف «وصلة إخبارية» على شاشة «سكاي نيوز»، التي تحترف أساسا البحث عن «أي مواطن» في غزة «يشتم المقاومة».
في تلك الوصلة وزير مثقف وصديق في المناسبة قرر تبني «جملة نقدية» لكبار قادة المقاومة وتذكيرهم أن «الدولة الأردنية ذات سيادة»، مع أن أحدا لا في الشارع المحلي، ولا في صفوف المقاومة شكك في ذلك يوما.
أرشيف الإكسسوارات
لا يحتاج مشاهد تلفزيون» المملكة» المحلي لخبرات عبقرية حتى يدرك أن الوزير الزميل مهند مبيضين قرر، لسبب غامض، أن «الدولة التي ينطق باسم حكومتها» يتوجب أن «ترد» على القائد محمد الضيف، فيما شاشة «المملكة» تسلط الضوء على تصريحات الزميل أيضا وزير الخارجية «كلاهما صحافي سابقا»، التي يطالب فيها بمنع تصدير السلاح لمن يرتكب حرب إبادة.
حسنا، الإكسسوارات هي التي قررت الرد على الضيف، لأنه تجرأ وخاطب الشعوب، التي تحيط بفلسطين المحتلة.
الرجل المحاصر تحت الأرض، والذي «يذبح شعبه» من الوريد إلى الوريد، يفترض أن يلام، وهو تحت القصف لأنه لم يأخذ بالاعتبار «حساسية الأردنيين» تجاه خطابات «تحريضية» من هذا الصنف، مع أن أحدا من الأوركسترا، التي بدأت فجأة تعزف لحن «الأرشيف إياه» لم يشغل نفسه، ولو لحظة بإجابة علمية على السؤال التالي: «لماذا خرج الشعب الأردني بكثافة مؤخرا وكل ليلة ضد السفارة؟».
لو كلف أصحاب هتاف «عليهم… اسحبوا الجنسيات» أنفسهم عناء التمحيص، ولو قليلا لاكتشفوا بكل بساطة أن «المحرك المركزي» للتظاهرات كان تقريرا تلفزيونيا حول واقعة «حالات اغتصاب في مستشفى الشفاء» لا أكثر ولا أقل.
الأردني – كل أردني – حساسيته تجاه مسألة مثل «الاغتصاب»، وقبل ذلك «قتل الأطفال جوعا» أعلى بأضعاف من كل حسابات وحساسيات المبيضين والضيف معا.
ما علينا، ثمة من قرر استدعاء كل احتياطي إكسسوارات «تشويه» سمعة الحراك الشعبي الأردني حصرا في محيط السفارة. حتى محطة «فرانس 24» ساهمت في استضافة حملة مباخر.
في متلازمة «تشويه رسائل الشعب» يمكن أن نحتفل بظواهر مستجدة ومثيرة. مثلا: أعضاء في مجلس الأعيان لم نسمع أصواتهم يوما في أي قضية، ولا نعلم أصلا لماذا أصبحوا أعيانا يرفضون «صبيانية المظاهرات».
ومثلا: إعادة إنتاج سيناريو «الفيلم الهندي»، حيث مواد متلفزة في المنصات عن «لجان حسابات وهمية هندية» تثير الفتنة بين المكونات الوطنية بإشراف ورعاية الاستخبارات الإسرائيلية.
العدو «الهندي»
حسنا، هنا تحديدا لا بد من تعليق: إذا كان «الأمن السيبراني الوطني»، الذي نعتز، فيه يثق في إدارة استخبارات الكيان لتلك الحسابات، فهذه الحقيقة وحدها تثبت بالبرهان القاطع أن متظاهري الرابية «معهم حق» وحراكهم يصبح أحد أهم أهدافه «حماية الوطن والدولة والنظام» من العدو المتربص عبر أجهزته بالأمن والاستقرار في المملكة.
إذا توثقت الأجهزة المختصة بالجرائم الإلكترونية من «رعاية إسرائيلية» لتلك الحسابات الوهمية الهندية، فما يشعر به غالبية الشعب الأردني من أن «بلادهم هدف للعدو» يصبح حقيقيا.
والتواطؤ البيروقراطي والسياسي هنا هو في حد ذاته «مشاركة في تلك الفتنة»، والمطلوب من «النشامى» وفورا ودون تردد، ومعهم وزرائهم قيادة حراكات الرابية ووقوف المبيضين والصفدي وغيرهما على رأس الطابور، مع الشيخ مراد والبقية لحماية الجبهة الداخلية من «الفتنة الهندية – الإسرائيلية»، وليس «شيطنة الحراك».
حرس ثوري عراقي!
والعكس تماما، هو الصحيح هنا، حيث يصبح الحرس الثوري العراقي – رغم أني لم أسمع به سابقا – وكل توابع «المحور الإيراني» الحليف المنطقي فورا ضد الوحدة 8200 وأعمالها القذرة. ذلك منتج أكثر من أسطوانة «شيطنة الشعب».
عموما، تلك «إكسسوارات» طهر ألله منا أيدينا سابقا فلنطهر ألستنا اليوم، وبما أنها «فضائية ومتلفزة» لا بد من «وقفة تأمل» وصوت عاقل يحذر من مسألتين.
أولا- تلميع أي سياسات «قمعية»، بذريعة «فتنة» أو خلافه، تمهيدا للانقضاض على حريات التعبير لاحقا، بعد «تخويف الشعب» من التظاهرات، وليس من إسرائيل، هو تعبير عن «قصور في التفكير السياسي»، نقترح فورا التراجع عنه، لأنه سيعزز عفويا التظاهرات ويزيد زخمها وسيخدم الإخوان والمحور.
ثانيا – المبالغة والتهويل بالحديث عن «برمجية التشكيك» بموقف المملكة الرسمي ومرجعياتها، سواء عبر برامج تلفزيونية، يمنح «المشككين» وساما لا يستحقون، فهم أقلية نادرة وبائسة وأقولها بصراحة «الوزراء هم الذين يخدمون التشكيك بكثرة الحديث عن أوهامه» والمنتج أكثر فعلا «تجاهله».