Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اراء و مقالات

حوارية «أبو زيد – أبو الراغب» تشغل الأردنيين… «استفتاء» على الهواء يؤكد: «مزاج الشارع مع المقاومة»

عمان- «القدس العربي»: عبارة واحدة من 4 كلمات قيلت على شاشة تلفزيونية بتوقيع الناشط السياسي المحامي الأردني طارق أبو الراغب، كانت كفيلة بإعادة إنتاج القراءات والتوقعات والتكهنات بخصوص «الموقف الشعبي الحقيقي في اتجاه المقاومة الفلسطينية».
أبو الراغب وفي مقطع فيديو لبرنامج حواري انتشر كالنار في الهشيم، تحدث عن «عصابات الإخوان» و»ميليشيات حركة حماس» فأثار عاصفة جدل انتهت بـ «استفتاء شعبي عارم» وعفوي، تقول نتائجه بوضوح إن «حاضنة المقاومة» في أوساط الشارع الأردني أضخم واوسع مما يتوقعه الكثيرون.
أبو الراغب خرج للتو قبل أشهر من موقعه كرئيس لهيئة الإعلام، وخطط لإظهار مرونة وقراءة واقعية لمستوى الدمار وحجم الضحايا في قطاع غزة، وهو يوجه نقداً حاداً للمقاومة التي «غامرت» -برأيه- بالشعب الفلسطيني ومصالح «الأمتين».
وفي المقابل، كان أمام أبو الراغب خبير الاستخبارات العسكري البارز نضال أبو زيد، يتحدث عند تآكل الجيش الإسرائيلي، وعن صمود المقاومة الأسطوري وهندسة عملياتها العسكرية والمناورات التي يحاول بنيامين نتنياهو عبرها تصدير أزمته الداخلية والبنيوية إلى الجوار، وتحديداً إلى الجنوبين اللبناني والسوري.
في لحظة خلاف على الهواء المباشر كان يمكن أن تكون طبيعية وعادية وأقل حدة بين معلقين بضيافة المذيع الشاب والديناميكي محمد الخالدي، برزت المفارقة التي تحولت لاحقاً إلى استفتاء يمكن للحكومات الاستفادة منه في الأردن وفلسطين معاً.
أبو الراغب وصف حماس والمقاومة الفلسطينية بأنها مليشيات غامرت بمستقبل الشعب الفلسطيني، وتحدث عن عصابات إخوانية، وربط بين إظهار المشاعر التضامنية مع الشعب الفلسطيني والإساءة لمصالح الدولة الأردنية، فيما تصدى له ببعض الحدة أبو زيد مذكراً المشاهدين بأنه شخصياً «ابن الجيش الأردني ولا مجال للمزاودة عليه».
اللقطة الأكثر تداولاً ورواجاً بعدما اشتعلت منصات التواصل بالتعليق والاشتباك كانت تلك التي رفض فيها أبو زيد وسم من يؤيد المقاومة بـ «التنكر» لمصالح الدولة الأردنية، قائلاً: «أنا ابن الجيش والدولة، وأنت وقفت على الدوار الرابع تحمل كرتونة كتبت عليها.. لن ندفع فاتورة عهركم».
على أي حال، الإشكال ليس بالحوار الحاد بين متحدثين على شاشة فضائية «رؤيا» بعنوان الموقف من المقاومة الفلسطينية؛ لأن الأجواء أصلاً مشحونة بمقولات وإجراءات الأمريكيين الخاصة بـ «محاصرة حاضنة المقاومة وداعميها في الأردن».
الأهم تلك المضامين التي رصدت بعد «المقابلة التلفزيونية»، حيث فرز استثنائي عمودي وأفقي واضح بعنوان طبيعة وتركيبة الموقف التضامني الشعبي مع المقاومة الفلسطينية، ومؤشرات استفتاء عفوي عبر عشرات الآلاف من التعليقات تظهر صعوبة تمرير عبارات مثل: عصابات الإخوان، وميليشيات حماس، على الأقل بالنسبة لأوساط الشارع الأردني.
هجمة غير متوقعة على الناشط أبو الراغب، عنوانها الأبرز عبر منصات التواصل الاجتماعي هو استدعاء مشهده عندما كان معارضاً بعد مرحلة «الربيع العربي» يرفع «الكرتونة إياها».
تلك طبعاً لوحة كرتونية تنتمي للماضي. وأبو الراغب ذاته، كان قد توقع أن يتعرض للسب والشتائم بسبب موقفه الذي وصفه بعض المعلقين لاحقاً بأقرب إلى الواقعية بدلاً من الانحياز للمشاعر والعواطف.
سجالات على شكل عاصفة إلكترونية برزت غالبيتها تندد بكل محاولات التشهير بالمقاومة أو انتقادها، وفي المقابل تصوير فيديوهات وإصدار بيانات بالجملة توجه التحية لابن المؤسسة العسكرية «الجنرال أبو زيد»، أحد أبرز المحللين على الشاشات العربية.
ما رصد من ردود فعل يظهر -برأي السياسي محمد حديد- أن موقف النخبة العسكرية المتقاعدة الخبيرة بحكم عبارات مهنية من الاشتباك الحالي على غزة والضفة الغربية يختلف عن موقع السياسيين أو بعض الإعلاميين الذين امتهنوا ركوب موجة شيطنة المقاومة والحركة الإسلامية.

ما سجله الأردنيون من فيديوهات واستعادة صور وتعليقات بالجملة، يصلح كأداة قياس لدى دوائر صناعة القرار، خصوصاً أن المشهد السياسي الأردني العام إزاء قراءة انعكاسات توجهات الإدارة الأمريكية الحالية لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين وفروعها وجمعياتها على المستوى الكوني بأنها جماعة إرهابية.
وهو أمر يفترض القراء والخبراء أن له تداعيات حادة على المشهد السياسي الأردني الداخلي، خصوصاً أن الهدف المعلن عملياً من جهة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولاحقاً من جهة لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس وأطقم وزارتي الخارجية والخزانة، هو ضرب المقاومة الفلسطينية تحديداً؛ بدليل أن الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترامب تحدث مباشرة عن نشاط الإخوان في بلد مثل الأردن باعتبارهم يقدمون دعماً مالياً لحركة حماس.
ذلك يعني أن الرأي العام الأردني يلتقط ما هو بعيد وعميق في الإشارات التوجيهية الأمريكية، ويتأثر بالنتيجة في حواراته الداخلية الصاخبة.
الحكومة الأردنية إذا أرادت إعادة قراءة المشهد الحقيقي للمزاج الشعب الأردني، عليها مراقبة تعليقات المواطنين في عاصفتهم الإلكترونية التي ناقشت الملف والمقاومة بعد الحلقة الحوارية التلفزيونية الحادة بين الثنائي أبو زيد وأبو الراغب.
الأول حظي بحكم موقفه التحليلي المبني على خبرة عسكرية في الاشتباك وقواعده، بتأييد واسع وعاصف وعلني.
والثاني هوجم بقسوة، ومستوى تأييد طموحاته التي تبدو واقعية في الحد الأدنى أقر به علناً على كل حال.
الاستخلاص الأهم في الحوار التلفزيوني الانفعالي هو ضرورة توقف مجسات الدولة عند تعبيرات الأردنيين العمومية على صفحاتهم التواصلية إذا رغبت في قياس المزاج العام قبل اتخاذ أي قرارات في سياق الاستجابة لما يريده الأمريكيون.
الأهمية تبرز أكثر عند مراقبة الموقف الجماعي الذي عبرت عنه غالبية مكونات المجتمع الأردني، خصوصاً إذا ما أريد الانتقال في الموقف الحكومي والبيروقراطي إلى مرحلة الاشتباك مع حاضنة المقاومة.
التعليقات والمحتويات والمضامين التي أعقبت انتقاد أبو الراغب ومساندة أبو زيد، تدل بكل وضوح على الحجم الحقيقي الذي تحظى به المقاومة الفلسطينية اليوم في وجدان الأردنيين.

 

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading