اراء و مقالات

همسة في أذن «طاقم الداخلية» الأردنية: «تلغيز ورسائل» وتفكيك «تعدد المرجعيات» و«الأمني» يطور الاستجابة

عمان – «القدس العربي»: خطاب رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة للحكام الإداريين الأردنيين في أحد الاجتماعات مؤخراً كان واضحاً للغاية بحضور وزير الداخلية مازن الفراية.
قالها الخصاونة تقريباً بوضوح حسب أوساط الحكام الإداريين أنفسهم.. «أي حاكم إداري يقرر لسبب أو آخر تجاوز الوزير أو تجاهل التعليمات والتعميمات، نقترح عليه مبكراً ألّا يذهب إلى مكتبه للدوام في اليوم التالي عندما يفعل ذلك». الهدف من هذا التوجيه إعادة ضبط الإعدادات عندما يتعلق الأمر بدور الحكام الإداريين المهم جداً في التواصل مع الجمهور، وبعد بروز عدة إشكالات انطوى بعضها على اجتهادات خارج سياق موقف الحكومة وقرارها في الميدان، حيث إن الحاكم الإداري في الأردن هو أول موظف رفيع يتصرف باسم السلطة في جميع محافظات الدولة.

«أكثر انضباطاً»

واضح في السياق أن رئيس الوزراء يدعم هنا وزيره للداخلية، وأن بعض التقييمات والتقارير استدعت مثل هذا التداخل والخطاب تجنباً لمشهد غير لائق أمام الناس تظهر فيه الحكومة بسبب تزاحم أو تعدد المرجعيات أو مؤشرات الاجتهاد عند دوائر الحكم الإداري التي تعدّ في غاية الأهمية، ويحسم التوجيه الرئاسي هنا جدلاً تعاظم خلف الستارة والكواليس حول الصلاحيات الإدارية وكيفية إنفاذها، لا بل نتائجها وتداعياتها حيث الحكومة تريد إيقاعاً تحت السيطرة لموظفيها قدر الإمكان.
في كل حال، يبدو أن دوائر الحاكمية الإدارية أكثر انضباطاً الآن، والمشكلات أخف، خصوصاً أن الطاقم الوزاري في الحكومة مهتم جداً منذ عدة أسابيع بمسألتين يعتقد بأن ممثلي وزارة الداخلية في الأطراف والمحافظات هم أول من يلامسهما.
الأولى إعادة ضبط التوقيت نحو الانفراج وإظهار قدر من المرونة في ملف نقابة المعلمين تحديداً؛ لأن إصلاح وتطوير القطاع العام سيصبح مهمة شبه مستحيلة إذا ما استمر جرح نقابة المعلمين بالنزف، فيما كان القيادي في مجلس النقابة السابق ناصر النواصرة يصر وأمام «القدس العربي» على إظهار أكبر قدر ممكن من المرونة للحفاظ على تلك النقابة المهنية.
المسألة الثانية مختصة بالرفع من سوية أداء الحكومة في مواجهة الإجراءات البيروقراطية المعاكسة للحريات العامة أو السالبة لها، حيث يعرف الوزراء بأن توجيهات رئيسهم الخصاونة هنا مهتمة بالالتزام المهني الفني بتوجيهات وتوصيات وثيقتي تحديث المنظومة السياسية والتمكين الاقتصادي.
وهو التزام غير ممكن إذا لم تضبط إعدادات الحكام الإداريين ليس فقط في جزئية واجبهم الأمني، على أهميته، لكن في سياق خطابهم الميداني الإداري عشية التمهيد لـ: أولاً، تعزيز ثقافة العمل الحزبي، وثانياً، نقل بعض مشاريع الاستثمار للمحافظات والأطراف بطريقة تعاونية.
من هنا كانت حلقات الحكام الإداريين التي تشتبك بالعادة مع جميع مؤسسات الدولة ميدانياً حلقة مهمة في عملية التوجيه الإداري.
لذلك، قدر الخصاونة بأن الجميع هنا ينبغي أن يعمل بروح جماعية تحت مسؤولية وزير الداخلية حتى يمكن للحكومة أن تحاسب سواء من مجلس النواب أو من المرجعيات، الأمر الذي يبرر إشارة الخصاونة بأن مرجع الحكام الإداريين في القرار والتصرف هو حصراً وزير الداخلية والحكومة، وبأن من لا يتصرف على هذا الأساس عليه أن يتوقع إقالته فوراً وفي اليوم التالي.
في كل حال، انضباط الكادر الوظيفي برمته، سواء في وزارة الداخلية أو غيرها من الوزارات، محطة أساسية في التفعيل والتنشيط قبل التحديث والتمكين، لا بل تلك الانضباطية الإدارية في تشخيص عقل الدولة المركزي هي واحدة من التحديات الأساسية لكل خطط الإصلاح، سواء برأي الخصاونة أو غيره من كبار المسؤولين.

انزعاج

عدة مرات قبل ذلك، عبرت أوساط وزارية وأخرى قريبة من رئاسة اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية عن انزعاجها من بعض خطوات ومبادرات الحكام الإداريين تحت عنوان الضغط الأمني أو الإغراق في إصدار قرارات توقيف بحكم صلاحياتهم ضد نشطاء أو أصحاب رأي.
وفي مرتين على الأقل كانت تعليمات وزير الداخلية في اتجاه وإجراءات حكامه الإداريين؛ أي موظفيه، في اتجاه آخر، في إشارة إلى حصول تعدد مرجعيات تجد الحكومة اليوم أنه مضر لهيبة الدولة ولا بد من إعادة ضبط معطياته.
في كل الأحوال، كثرة الاعتقالات والتوقيفات الإدارية تسببت العام الماضي فقط بسلسلة تقارير صلبة ومهمة دولياً تنتقد الحكومة الأردنية وتتهمها بالتعسف في الاعتقال والتوقيف، مع أن الحكومة ليست الطرف المباشر في هذا السياق، وهو أمر من المرجح أن الطاقم الوزاري الحالي يحاول التعاطي معه بحيث تبدو المؤسسات الرسمية متفقة أكثر وتدرس أكثر قرارات التوقيف والاعتقال، خصوصاً السياسية عندما تتخذ مما يتطلب مجدداً توجيه رسالة مباشرة للحكام الإداريين ولغيرهم.
بالمقابل، حفاظاً على مكانة الأردن في المجتمع الدولي، يقدر مطبخ القرار التنفيذي بأن التخفيف من حدة انتقادات المنظمات الحقوقية الدولية والوطنية في المرحلة اللاحقة أصبح هدفاً بحد ذاته في إطار السعي لخدمة وترويج مشروع التحديث السياسي الجديد، لا بل الاستثمار فيه بإنتاجية أيضاً.
ومن المرجح، حسب ما أفصح به لـ«القدس العربي» أحد المسؤولين في مؤسسة سيادية بأن النظرة البيروقراطية الأمنية تجاه العمل الحزبي ومنظومة التحديث ومسألة الحريات، نوقشت على مستوى السياسات السيادي وعدة مرات وبصيغة تضمنت التزامات من كبار رموز المنظومة الأمنية والبيروقراطية أمام مرجع القرار المركزي، خلافاً لأنها نظرة تتطور اليوم وإن كانت تحتاج إلى مزيد من التدرج والخبرة والممارسات، حيث قيادات أمنية هنا بدأت تتخذ مواقف متقدمة أكثر في مسائل كانت دوماً إشكالية، مثل المواطنة والحريات، وحيث اتخذت خطوات باستعمال وسائل عصرية أكثر في المتابعة وجمع المعلومات، وحيث تقرر أيضاً لتشجيع العمل الحزبي سحب المراقبين من اجتماعات الأحزاب التشاورية، إضافة إلى توجيهات بيروقراطية هنا تدعم خيارات، من بينها تخفيف المراقبة الأمنية على العمل الحزبي، ولفت نظر الجمهور عموماً إلى أن المسائل تتغير وبخطوات عميقة واثقة وبتوجيهات ملكية متكررة، لكن التغيير هنا حصل بعضه، وستحصل بقيته بالتدريج على الأرجح.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى