اراء و مقالات

كيف رد «إخوان الأردن» على المحرضين؟: ثلاثية «الدولة ـ الجيش ـ القيادة» وفتوى للشباب المتحمس «لا تستعجلوا»

عمان- «القدس العربي»: عملياً، يتقدم المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين بمبادرة احتوائية سريعة وفعالة وذكية وهو يطرح معادلة “الدولة – الجيش- القيادة” على هامش النقاش الإقصائي الذي تكاثر وتوالد وتزاحم ضد التيار الإسلامي بعد عملية البحر الميت الاستشهادية الأخيرة.
ويكمل العضايلة النصاب بتجاوز الحالة الذهنية التي تستسلم لمنطق التحريض المضاد بما يشبه فتوى سياسية لشباب الحركة الإسلامية وشباب الأردن عموماً بعنوان “لا تستعجلوا المعركة مع الإسرائيلي”.
الرسالة الأولى تخاطب جميع الأطراف التي يمكن أن تعيد التحريض ضد الإخوان المسلمين واتهامهم بعدم الولاء الألق والنشاط لجبهاتها. والرسالة الثانية أعمق بكثير للدولة وقبل الناس، وعنوانها حكمة الجماعة الإخوانية وعدم سعيها لمواجهة مكشوفة اليوم أو الآن مع إسرائيل.
ما يقترحه المراقب العام للجماعة على الشباب المتحمسين لمحاكاة عملية البحر الميت عدم الاستعجال… ذلك استثمار في المستقبل بالواقع في مواجهة حالة تحريضية انفعالية ضد جماعة الإخوان.
قناعة العضايلة واضحة بأن “المعركة قادمة حتماً” للأردنيين، وهي نفسها القناعة التي عبر عنها مراراً وتكراراً السياسي ممدوح العبادي، وهو يقدر بأن المواجهة بين الكيان الإسرائيلي والشعب الأردني “حتمية” ومقبلة بدون شكوك.
العبادي أول من حذر بضرورة الاستعداد لمواجهة حتمية بين الأردن شعباً وحكومة، والكيان الإسرائيلي، ما يستدعي تسليح الأردنيين وتدريبهم وتأهيلهم.
رغم ذلك، لاحظ الجميع المراقب العام لجماعة الإخوان وهو “يتفنن” عملياً بدعوة شباب الحركة الإسلامية إلى عدم استعجال المعركة، فالصدام حتمي مع الإسرائيلي، وهي لغة ترميزية يفترض أن تفهمها في عمان كل دوائر القرار التي تسمع تحريضاً غير مسبوق على التيار الإخواني وسط الأمل بأن يوازن ما يقوله عضايلة ما تسمعه دوائر القرار من المحرضين، وأغلبهم في الواقع من المنشقين سابقاً عن الجماعة الإخوانية، وقد ألمح العضايلة لذلك أمس الأول.
وطبعاً، المقصود هنا أن مرجعية الإخوان المسلمين تلفت نظر الخطاب الرسمي إلى أنها لا تضفي الشرعية على تحركات شباب فردية في اتجاه عمليات استشهادية عبر حدود الأغوار، لا بل فوق ذلك ما تنصح به عدم الاستعجال، وإن كانت المعركة ستحصل حتماً وستزحف بالتأكيد شرقي نهر الأردن.
والواقع في القراءة العميقة لمسار نقاشات الأردنيين بعد عملية البحر الميت التي نفذها شابان من الإخوان المسلمين أن الشيخ العضايلة وجه خطاباً بدا معتدلاً قياساً بالحملات التي تشهدها البلاد ضد جماعة الإخوان المسلمين وفي إطار المطالبة بحلها ومعاقبتها.
ويبدو أن الأهم هنا هو ثلاثية “الدولة والجيش والقيادة” التي طرحها الشيخ عضايلة في إطار مقاربته السياسية، وهي عبارة فيها ثوابت جديدة في لهجة قيادة الإخوان، ويفترض أن تزيل حدة الاحتقان على مستوى الدولة، وصدرت بعد ساعات فقط من تصريحات شديدة اللهجة لرئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان، الذي ترك انشغالاته الاقتصادية واضطر لإصدار تصريح سياسي الطابع يهدد فيه بأن الأردن دولة لديها توازنات ولديها مصالح، وان حكومته لن تسمح بالعبث بمصالح الأردن.
الشيخ العضايلة وفي موقفه الجديد صباح الأحد، طالب الكتاب والنقاد الذين يوجهون سهامهم لانتقاد جماعة الإخوان بالتركيز على العدوان الإسرائيلي وانتقاد المعتدي، معتبراً أن المعركة ضد الشعب الأردني قادمة لا محالة، وعلى الشباب وقطاعاتهم أن لا يستعجلوها بكل حال.
وثار جدل على نطاق واسع في الأوساط السياسية والإعلامية الأردنية على خلفية تصريحات لبعض قيادات جماعة الإخوان المسلمين، تحدثت عن عضوية شابين منفذين لعملية البحر الميت الأخيرة في سجلات الجماعة.
وظهرت أصوات تطالب بتأجيل انعقاد البرلمان وبإنهاء الديمقراطية لصالح خيارات الدولة.
كما ظهرت أصوات تطالب بمعاقبة الإخوان المسلمين على هذه التصريحات، وأخرى شككت بوجود تنظيم داخل الإخوان المسلمين يتلقى الأوامر من الخارج، والمقصود طبعاً حركة «حماس».
هذه الجدالات لم تعلق عليها بصورة مباشرة لا قيادة الإخوان المسلمين ولا الحكومة الأردنية. ولم يصدر ما يشير إلى أن ما يردده كتاب التدخل السريع، كما وصفهم الأمين العام للوسطية مروان الفاعوري أو خصوم الإخوان المسلمين في الواقع السياسي والاجتماعي والإعلامي، يمثل قناعة الدولة الآن، فيما لم تعلن بعد التحقيقات المفصلة عن عملية البحر الميت الأخيرة التي انتهت بتسلل شابين أردنيين واشتباكهما مع جيش الاحتلال بالقرب من منطقة البحر الميت واستشهادهما، فيما سقط جريحان من الجانب الإسرائيلي العسكري.
وشهدت عمان برعاية وبصمة التنظيم الإسلامي، ما لم تشهده سابقاً؛ حيث زحف عشرات الآلاف من الأردنيين إلى جنازتين رمزيتين أقيمتا للشهيدين في بعض أحياء العاصمة عمان.
ويقدر بأن عشرات الآلاف من الأردنيين ظهروا في محيط المنزلين وشاركوا في هذه الجنازة الرمزية، فيما أطلقت هتافات تساند القائد يحيى السنوار وتساند المقاومة، وتعتبر “طوفان الأقصى” طوفاناً أردنياً أيضاً، وتطالب بإعداد العدة لمواجهة العدو الإسرائيلي، وحملت الجماهير والد أحد الشهيدين على الأكتاف، وألقيت خطابات تماثل تلك الخطابات والهتافات التي ترصد في أحياء ومخيمات الضفة الغربية عندما يتعلق الأمر بالهتاف للشهداء.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading