اراء و مقالات

ملف الطاقة الأردني: «الوصفة الصينية» هي الحل

بعد انقطاع غاز إسرائيل وغياب ضمانات أمريكا

عمان ـ «القدس العربي»: المفارقة التي لا بد من الوقوف عندها في ملف الطاقة الأردني بعد قطع واردات الغاز الإسرائيلي بسبب الحرب مع إيران، هي تلك التي تقول بأن مشروعاً محدداً في الأردن تم استهدافه من جهة عدة حكومات في الماضي بتهمة وجود تقنية صينية حصراً، هو المشروع الذي قد يمثل -حسب الخبراء- حلاً مثيراً وفارقاً الآن لأزمة الطاقة والكهرباء التي ستظهر حتماً إذا ما طال التصعيد العسكري بين الإيرانيين والإسرائيليين.
ليس سراً هنا أن الولايات المتحدة هي التي أجبرت الأردن على توقيع اتفاقية غاز مع الكيان ألإسرائيلي في الماضي. وليس سراً أن اتفاقية الغاز أثارت عاصفة من الجدل طوال الوقت فيما لا يوفر الأمريكيون الآن ضمانات لاستمرار واردات الغاز الإسرائيلي إلى الأردن في حالات الطوارئ والتصعيد العسكري.
والمعنى هنا واضح: الحليف الأمريكي يخفق في ضمان توفير الغاز السائل للأردن لإنتاج كهرباء بعدما حارب عن بعد ما يسمى بالمشروع الصيني، وفكرته إنتاج الكهرباء من الصخر الزيتي، فيما تتحول الفكرة الصينية هنا ظرفياً إلى الحل النموذجي والأفضل بعدما حوربت لأربع سنوات ولجأت حكومة عمان بموجب ذلك إلى التحكيم الدولي.
التقنية الصينية هي الحل… هذا ما يقوله خبير طاقة خاص لـ«القدس العربي» يفضل عدم ذكر اسمه الآن، وهو يشير إلى أن إنتاج الكهرباء من الصخر الزيتي أصبح اليوم الأقل سعراً وكلفة بعد انقطاع واردات الغاز الإسرائيلي، ما يثبت مجدداً ما ألمح له سياسيون كثر مؤخراً من أن العلاقات الأردنية مع إسرائيل والولايات المتحدة تحولت أو تتحول إلى عبء يومي وحقيقي، لا بل إن اتفاقية الغاز ذاتها ـ في رأي وزير الخارجية الأسبق مروان المعشر ـ تحولت إلى عبء إستراتيجي على استقلالية القرار الأردني، وهو ما أشار له في نقاش سابق مع «القدس العربي» الخبير الدكتور دريد المحاسنة، وهو يؤشر على مفارقة ترك طرف آخر يتحكم بصنبور المياه والغاز الاستراتيجي.

بعد انقطاع غاز إسرائيل وغياب ضمانات أمريكا

التصعيد العسكري الأخير بين طهران وتل أبيب، أعاد طرح الأسئلة عن الطاقة وأمنها في الأردن. والحكومة تجتهد يومياً في إبلاغ الرأي العام بأنها تجري الاتصالات والمشاورات لتعويض الغاز الإسرائيلي المقطوع وفقاً للحاجة. وخاطب وزير الطاقة صالح الخرابشة الأردنيين قائلاً بأن عليهم الاطمئنان في ملف الطاقة والكهرباء.
في الأثناء، لم توضح السلطات المختصة بالطاقة الأسباب التي دفعت للإعلان عن وجود مخزون لإدامة إنتاج الكهرباء لمدة 20 يوماً فقط، وهو التصريح الذي أثار الكثير من الجدل خصوصاً لدى القطاعات الصناعية والتجارية، فيما بدأت اللجان المختصة التلويح بإجراءات طوارئ لها علاقة بالكهرباء والطاقة، مثل الاستعداد لتقنين استخدام الكهرباء ولمحاصصة الطاقة الخاصة بالمصانع، وثمة خطوات بيروقراطية وأخرى إدارية تحت بند ترشيد الاستهلاك خصوصاً أن التقدير السياسي الأردني العام يشير إلى أن الأزمة بين إيران وإسرائيل قد تطول.
وملف الطاقة هنا هو الذي قفز على سطح الأحداث قبل وأكثر من غيره في نقاشات الأردنيين بعد التصعيد العسكري الأخير، حيث ظهر المسؤول الأبرز عن المشروع النووي الأردني السلمي الدكتور خالد طوقان، على 3 منابر إعلامية محلية على الأقل؛ ليشرح وجهة نظر هيئة الطاقة الأردنية تجاه تدحرج الأحداث بين إيران وإسرائيل.
فكرة طوقان كانت بسيطة ومباشرة، فالأردن بعيد تماماً عن أي تأثير في حال ضرب المنشآت النووية الإيرانية، لكن التأثير موجود ومحدود في حال ضرب إيران مفاعل ديمونا الإسرائيلي الذي يبعد فقط نحو 30 كيلومتراً عن مناطق جنوبي الأردن.
المفارقة التي سجلها طوقان فمثيرة أيضاً، لكنها تطرح أساساً لمشكلات أبعد في ملف الطاقة تطال الأردن ودول الجوار والخليج، إذا ما استهدف الطرفان أثناء الاشتباك منشآت نووية، الأمر الذي يدفع بهواجس ومخاوف ملف الطاقة الأردني إلى الأمام مجدداً، خصوصاً أن أحداً لم يناقش الدكتور طوقان بالفلسفة التي اقترحها تحت عنوان التأثر إذا ضرب مفاعل ديمونا، وعدم التأثر بسبب البعد الجغرافي إذا ضربت مفاعلات إيران.
قبل ذلك، اجتهدت الحكومة للإجابة عن سؤال كيفية إنتاج الكهرباء التي تعتمد أصلاً على الغاز الإسرائيلي إذا ما توسع نطاق الحرب، حيث البدائل هنا استخدام الوقود والمحروقات في إنتاج الكهرباء، أو البحث عن غاز من السوق الإقليمية يمكن توفيره وبأسعار منطقية، فيما برز إنتاج الكهرباء من الصخر الزيتي ضمن ما يسمى بمشروع العطارات كخيار محتمل ومؤكد، لا بل يفضله الخبراء.
ملف أمن الطاقة والكهرباء تحول مع الحرب الجديدة إلى سؤال سياسي بامتياز في العمق الأردني، كما هو ملف الأمن المائي أيضاً في ظل مؤشرات الجفاف والضغوط التي قد تسببها الحرب الجديدة على المفاصل الاقتصادية والتجارية في المنطقة، فيما كل الإشارات والرسائل الواردة من جهات الاختصاص في القطاع التجاري تفيد بوضوح بوجود مساحة واسعة لعدة أشهر من الأمن الغذائي إذا ما تطورت الحرب وتدحرجت.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading