اراء و مقالات

«طاووس» تونس… ماذا بعد ؟ والتلفزيون الأردني «دينار وقوائم سوداء»

تحاول محطة تلفزيون «رؤيا» الأردنية تحقيق أعلى معدلات التفاعل مع الحكومة والموقف الرسمي عبر سياسة محمودة لتخصيص «مساحة» تقول الحكومة فيها روايتها لمسار الأحداث.
الحق يقال أن وزير الاتصال الزميل فيصل الشبول «يستثمر جيدا» وبامتياز في تلك المساحة ما استطاع إلى ذلك سبيلا مع أن الحكومة حجبت للتو «تيك توك» المتهم برعاية «الإضرابات» ولا تقول ما لديها دوما في كل الملفات.
ما علينا، يحدثنا الزميل الوزير عن إطلالة تلفزيونية وشيكة تحاول شرح مبادرة خاصة للتخلص من «صداع المنصات الإلكترونية» وطبعا قناة «رؤيا» متخصصة بالاهتمام بالمسألة.
ما سمعته همسا من الزميل الوزير في السياق، وخلافا لكل التكهنات المسبقة والاتهامات المعلبة، يستحق التأمل والتوقف لمراجعته وإعادة دراسته حتى من الأسرة المهنية خصوصا وأن المعاناة مع مفاهيم مثل المراسل الصحافي وانسياب المعلومات على شكل أمواج على منصات التواصل مسألة تقلق كل البيوت وكل المراقبين والمشاهدين.
وتحتاج إلى وقفة بعيدا عن منطق تكميم الأفواه أو فرض قيود على حريات التعبير عبر منصات التواصل وبعيدا في الوقت نفسه عن أي منطق يتهم من يرغب بضبط الإيقاع أو قوننة المسألة أو مهننتها.
هنا نرى أن المداخلة القيمة حول مشروع التواصل مع كبريات شركات منصات التواصل بمبادرة أردنية فكرة شجاعة، وهي فكرة لا تستحق القصف أو الاتهام مسبقا قبل الإصغاء إليها واختبارها. وأغلب التقدير أن الاتهامات المعلبة التي كنا نشتكي منها عندما تصدر عن الحكومة قد تطرق باب من يجرؤ على التفكير بالتخلص من فوضى المنصات.
وما نقوله باختصار، مع الاحترام لقناة «رؤيا»، ولأسئلتها اللعوب أحيانا أنه ثمة مقترحات لابد من الإصغاء اليها. طبعا نختلف مسبقا مع بعض التفاصيل ونحذر من استغلال هذه الإيجابية المهنية التي لمسناها لتكميم الأفواه وتقليص هوامش حريات التعبير ولا نمنح الحكومة الأردنية شيكا على بياض.

قوائم التلفزيون السوداء

حسنا… لا أزال شخصيا وبصرف النظر عن ما يمكن أن أقوله وبأي موضوع مصنف ضمن الـ «قائمة السوداء» في إدارة التلفزيون الأردني عندما يتعلق الأمر باستضافة المعلقين والضيوف. ليس سرا أني قد أكون من أكثر العاملين في الكار اهتماما بملف القدس وانشغالا بدلالات «الموقف الشجاع» والمتقدم جدا للأردن الرسمي والملكي.
على هاتف صديق سألني «مسؤول مختص» في المقام السامي: أستاذ هل لديك استعداد للتحدث غدا في برنامج خاص عن القدس والوصاية؟
جاوبت فورا «بالتأكيد»… تمتم صاحبنا أملا في أن التقاطي للرسالة المألوفة والتي تريد تفحص ما إذا كنت «أعرف التوازنات» وأفهم أني سأتحدث عبر «تلفزيون الحكومة». أيضا أعفيته من بطن الكلام وقدمت بلاغا متطوعا بقناعتي الشخصية بأن الموقف الأردني هو «الأفضل» والأشجع.
لكن قبل نهاية المكالمة أخطرت الطرف الآخر للعلم بالحقيقة التالية: لا يزال منزلي بالقرب من مقر التلفزيون لكن لم أدخلة يوما في حياتي بأي صفة.
«لا ضير… أستاذ… سأحدثهم وسيتواصلون معك».
واضح أن الرجل «تحدث معهم» ومع «الرقيب والفلتر السهران» وبعد ساعتين فقط علمت بنتيجة «التقصي السيادي» فقد زرت صديقا وكانت الجهة نفسها تتواصل معه لتبحث عن «ضيف مناسب» لحلقة القدس والوصاية.
نحمد الله… كنت ولا أزال ومنذ 28 عاما في تلك القائمة السوداء مع أني أدفع منذ عقود «دينار التلفزيون» الشهير.
قلناها ونعيدها للجماعة «إللي فوق» وبالعامية: يا جماعة الخير بيصريش تكملوا هيك… إفسحوا المجال للجميع لممارسة «الولاء» والدفاع عن خيارات البلد… ولى زمن هذه الطريقة في الفلاتر. ماذا تبقى من العمر المهني حتى «نجامل»؟

طاووس تونس

تدهشني تونس مجددا وأنا أتابع التفاصيل عبر شاشة «الجزيرة» حيث مراسلة حربية متمركزة في أزقة شارع الحبيب بورقيبة، قرب مقر وزارة الداخلية، وأيضا عند مشاهدة تلك التغطية الخجولة للحدث التونسي عبر «فرانس 24 « والتي تدلك على أن المؤسسة الفرنسية أقرب للحيرة في ترسيم الموقف.
كل قيادات «حركة النهضة» تغيب عن الكاميرا بوضوح… «كمون تكتيكي» فعال ونشط فكرته أن القوى المدنية وليس اللون الحزبي السياسي هي التي قررت ولو قليلا «نتف ريش الطاووس» الذي يتمختر باسترخاء في أزقة وبقايا ثورة الياسمين.
أجزم بأن بعض الدول الرجعية سهرت على «إفساد فرحتنا» نحن في أمة المتفرجين بحالة واحدة مذهلة ورائعة ومنتجة ضمن موجات الربيع العربي ولا أعلم حقا كيف حسمت القراءات والحسابات عند معشر الطواويس المغرورة التي حاولت التهام كل ما يمت لتونس بصلة وذكرى طيبة في العمل المدني الحقيقي.
بكل أمانة نحب تونس وأملنا كبير في أن تبقى حرة مزدهرة سخاء رخاء. لكن شوارعها كانت حزينة في آخر زيارة وننتظر عودة البسمة لها، وأغلب التقدير في جدال «الإصلاح العربي» إن مقولة الفاضل طاهر المصري هي جوهر ولب المسألة: «هندسة الإصلاح ليست بديلا عنه».
كان يمكن للطاووس أن يغادر الصندوق ما دام قد حصل على تفويض شعبي.
تونس الخضراء تستحق العز.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى