اراء و مقالات

شيطان «النقب ـ 2» يشغل الأردنيين: سيناريو «الكمين» يلوح في الأفق وكل «المكونات» تنصح وتحذر

عمان – «القدس العربي»: لماذا تحول “مؤتمر النقب 2” إلى وحش سياسي خطير في وجدان الأردنيين؟ هذا هو السؤال الذي لم ترصد عليه بعد إجابة واضحة ومحددة، حيث زاد معدل التحذير العلني لبوصلة الموقف الرسمي من تلك الأجندة المريبة لمؤتمر النقب 2 بعد كل المعطيات التي تحدثت عن ضغط عنيف تمارسه على الأردن الإدارة الأمريكية لكي يتحرك باتجاه الجلوس على طاولة ذلك المؤتمر، تاركاً تحفظه حتى لو تطلب الأمر الحضور برفقة وفد فلسطيني رمزي باسم القطاع الخاص يمكنه أن يحضر مع ممثلين أردنيين بصرف النظر عن مستواهم ورتبتهم.
حضور “النقب 2” في المغرب أصبح بالنسبة للنخب الأردنية العنوان الأعرض لمخاوف وهواجس ما سمي مبكراً بعد استقبال بنيامين نتنياهو في عمان بمخاطر مسار التكيف، حيث كان رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري أول من حذر عبر “القدس العربي” مما سمّاه بإنكار مخاطر التكيف.
ورغم أن الحكومة الأردنية لا تعلن موقفاً بعد من حضور “النقب 2” أو مقاطعته كما حصل مع النقب 1، فإن هذا اللقاء الذي تستضيفه المملكة المغربية يتحول في أدبيات ووجدان الأردنيين إلى شيطان سياسي حقيقي يلحقه بمسار الإبراهيميات، وتكمن بعد تفاصيل خطرة للغاية تحت ستار المرونة والتكتيك.
مبكراً، قدر القيادي الشاب في الحركة الإسلامية الأردنية الدكتور رامي العياصرة بأن المطلوب على الأجندة هو “أردنة” مشكلات الضفة الغربية.
ومبكراً سمعت “القدس العربي” مباشرة من شخصيات متعددة بارزة من بينها الدكتور ممدوح العبادي والدكتور مروان المعشر والوزير السابق سمير الحباشنة وغيرهم، تحذيرات في غاية الحساسية من توريط محتمل للمملكة الأردنية الهاشمية في سيناريو خطر وحرج، يبدأ مع اللقاء الذي يحمل اسم النقب، في المغرب.
عملياً، كل الذين يهاجمون مؤتمر النقب لا يعرفون الكثير عن تفصيلاته، لكن الشعور يتزايد في الأردن بأن ما سيحصل في النقب بصرف النظر عن تأجيله أو تغيير مكانه، هو كمين سياسي وأخلاقي كبير جداً وضخم، يحاول احتواء مشكلات اليمين الإسرائيلي وإنزال نتنياهو عن الشجرة على حساب الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني.
ليس سراً أن أجندة النقب اقتصادية محضة، وفيها وعود زائفة في المجال الحيوي الاقتصادي دون أفق سياسي. وليس سراً بأن قبول المشاركة -برأي سياسي مثل مروان الفاعوري- أردنياً، سيعني لاحقاً أن الحكومة الأردنية تنقلب على نفسها ومواقفها وثوابتها المعلنة، وتبدل في قناعاتها التي كانت تقال للشعب الأردني تحت عنوان فيتو على مشاريع الحلول الاقتصادية دون حلول سياسية. لسبب لا يزال غامضاً عموماً، يخيف مؤتمر النقب 2 قطاعاً واسعاً في القائمة النخبوية الأردنية.
ولسبب أكثر غموضاً، إذ ثمة من يقدر من السياسيين المقربين من دوائر صنع القرار بأن الطريق الاقتصادية والاستثمارية إلى أوروبا والولايات المتحدة باتت مرهونة بالتطبيع مع إسرائيل، في تعبير عن مأزق لم يحسب بعد كان عنوانه العريض منذ سنوات توقيع اتفاقيات استراتيجية خطرة جداً في قطاعات المياه والطاقة والغاز والنقل مع إسرائيل التي أصبحت عدواً لأردنيين. مخاوف النقب 2 تتوسع وسط الأردنيين كالسرطان، وتحولت إلى “بعبع” حقيقي يخيف الناس ويرهقهم، والسردية الحكومية لا تزال في الصمت؛ لأن مسألة مشاركة الأردن وشكلها وتفصيلاتها قيد الضغط والتفاوت خلف الستائر مع الأمريكيين والأوربيين والإسرائيليين. بعد جلسات عصف ذهني عميقة لـ 3 أيام في البحر الميت، أوصى خبراء مختصون الحكومة الأردنية بتجنب حضور وشرعنة مسار النقب 2. وبحضور “القدس العربي” ومشاركتها في تفاصيل الحوار، صوتت غالبية من المختصين والمسؤولين السابقين للبند الذي يحذر من مطب الإبراهيميات الاقتصادية. وفي اجتماع لشخصيات وطنية وقيادات اجتماعية وعشائرية وإعلامية حضرته أيضاً “القدس العربي” في منزل السياسي والناشط الاجتماعي الأردني ظاهر العمرو، كانت الرسالة العامة واضحة الملامح، وعنوانها نصيحة الحكومة بتجنب مسار “النقب 2” ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، خلافاً للعمل على تصليب وتقوية الموقف السياسي عبر استخدام الموقف الشعبي الرافض وبحزم وقوة في المسارات الإبراهيمية. في ذلك الاجتماع حصراً، كان التحذير صاخباً، ورقعة الارتياب ومساحته كبيرة للغاية، والخوف أكبر من حلول تورط المملكة، والموقف الرسمي السياسي تحت شعار التعايش والتكيف مع الحالة الإسرائيلية الراهنة.
وقبل ذلك، وفي بيان سياسي متزن ومشهور وقعه نحو 219 شخصية وطنية، كلام مباشر باسم الموقعين يرفض الانخراط في السيناريو الاقتصادي تحت لافتة المغرب والنقب. ويبدو أن بيانات أكثر عمقاً لشخصيات بقاعدة أكبر وبنفس السياق والنغمة في طريقها للولادة خلال ساعات. ولاحظ الجميع بالتوازي، أن رجل القدس الأبرز ووسط أهلها الشيخ عركة صبري، حذر الأردن مجدداً من مسار النقب 2، مقترحاً معادلة لم تخطر في ذهن أحد بعد، في عنوان: لقاء النقب 2 يؤذي الوصاية الهاشمية على القدس والأقصى.
ولعل في تلميح الشيخ المخضرم صبري رسالة ينبغي أن تقرأها وزارة الأوقاف الأردنية بعنوان احتمالية واردة للمساس بالوصاية وتقويضها عبر اختراع أدوار لدول أخرى مثل المغرب. فهل تسقط الحكومة الأردنية كل هذه المخاوف وتتجاوزها؟ هذا هو السؤال اليوم، والجميع بانتظار الإجابة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى