Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اراء و مقالات

«نحب النشامى ونكره إسرائيل»… كرة قدم سياسية: «القدس – غزة – الخليل» مع الأردن… والشارع يريد «وزراء مثل اللاعبين»

عمان – «القدس العربي»: لأسباب لا تبدو واضحة أو مشروحة ولا تزال غامضة حتى الآن على الأقل، أدخلت النجاحات التي حققها منتخب الأردن الوطني لكرة القدم «النشامى» الرأي العام عموماً وحتى النخبة السياسية، في طور مقاربات وتساؤلات لها علاقة بما هو أبعد من كرة القدم وأعمق من بطولة مونديال العرب في قطر.
ولأسباب تحتاج للمزيد من التأمل والتدقيق بدا واضحا أن أجواء الابتهاج بإنجازات كرة القدم الأردنية تصاحبها مداخلات تكتيكية وملاحظات إستراتيجية لا يمكن لا إغفالها مرحلياً، ولا تفسيرها فقط في سياقات «الحماسة الكروية».
يؤيد القطب البرلماني والشعبي خليل عطية، في نقاش مع «القدس العربي»، الوقوف وطنياً وسياسياً أمام سلسة الرسائل الوطنية والوحدوية التي كشفت عنها بالمدلول الإيجابي ليس فقط الإنجازات الرياضية، ولكن كيفية «استجابة الجماهير» معها، حيث حزمة قيم نبيلة تعبر عن «فرصة» من المعيب إغفالها، تعيد إنتاج دور الرياضة والملاعب في «توحيد الصفوف والجبهات».
عطية فخور بما حققه منتخب النشامى في مونديال كأس العرب في قطر، لكنه يعبر عن قناعته بضرورة استلهام بعض الدروس التي تكمل نصاب البهجة وتعيد التأكيد على شغف الأردنيين وهويتهم وتوقهم لإصلاح كل المسارات، والبقاء في أقرب مسافة ممكنة من مؤسساتهم.
على هامش نقاشات الأردنيين حالياً بظهور فريق كروي وطني قادر على المزاحمة، يمكن الآن تلمس مؤشرات التركيز الشديد على سلسلة من الأدبيات السياسية والإفصاحات الإدارية التي رافقت المنتج والمنجز الرياضي.
أبرز الدعوات المحلية على منصات التواصل الاجتماعي تلك التي حاولت لفت النظر لأهمية «إقصاء» المحاصصات وعزل «الواسطة» عندما يتعلق الأمر باختبار «الكفاءة والمهنية»، حيث دعوات بالجملة لـ «هندسة إدارة عامة» على أساس الاعتبارات «الفنية» التي قادها مدرب المنتخب الكروي المغربي جمال سلامة.
عملياً، نقلت المباريات التي فاز فيها منتخب النشامى في قطر بمعنى تأهله للمباراة النهائية لملاقاة المنتخب المغربي، المزاج البرلماني والسياسي وحتى المنصاتي الأردني إلى مناطق بعيدة نسبياً عن كرة القدم والرياضة، وإلى مساحات لم تكن لا مطروحة ولا يمكن توقعها من جهة الحكومة ورئاسة الوزراء.

سجالات النخبة السياسية

أهم السجالات هنا تركيز النخبة السياسية المشتبكة مع التفاصيل اليومية وبعض أعضاء البرلمان بصورة غير مسبوقة على الدلالات والمؤشرات التي يمكن هندستها بعدما حقق منتخب كرة القدم منذ عام 2023 عندما توفرت الإرادة وغابت الوساطات والمحسوبيات والمحاصصات، سلسلة إنجازات أدت إلى فرح غامر وسط الأردنيين، وانتهت بموجات من التفاؤل بعد مباراة شهيرة قبل النهائي مع المنتخب السعودي، حيث خروج مئات الآلاف من الأردنيين إلى الشارع في حالات ابتهاج.
الأجواء حتى برأي عضو البرلمان الدكتور عبد الناصر خصاونة، توحي بأن على الجميع قراءتها بحصافة ومسؤولية وطنية للوصول إلى استنتاجات تجيب عن السؤال: كيف تحقق الإنجاز؟
خلال عامين وعدة أشهر فقط، منح المدرب المغربي «صلاحيات واسعة» واختار الاعتماد على الاحتراف والكفاءة، فحقق المنتخب وصافة آسيا والتأهل لكأس العالم والوصول لنهائي كأس العرب. لوحظ بقوة أن المعطيات المرتبطة بأسئلة ذات مسار سياسي لا علاقة له بكرة القدم، تحقق معدلات قياسية من الحضور خصوصاً في سجالات المنصات والصحف. عضو البرلمان السابق ورئيس نادي الوحدات الشهير سابقاً، طارق خوري، نشر يتحدث عن كيفية تجاوز الاصطفافات والعبور من بين المكونات في إظهار حالة وحدة بين الأردنيين على هامش إنجازات كرة القدم.
كانت تلك رسالة سياسية مباشرة من خوري. لكن الناشط نضال ملو العين دعا فوراً إلى استلهام المحتوى الإداري الذي سيطر على اختيار منتخب كرة القدم، ثم تحقيق الإنجازات بالحديث عن تشكيل منتخب للتنشيط السياحي وآخر لقيادة الاقتصاد. المعنى هنا أن المزاج الأردني العام بعد مباريات مونديال قطر، بدأ يميل إلى تعميم الآلية التي اتبعها المدرب المغربي في تشكيل فريق بناء على أسس الجدارة والكفاءة. ويشرح خصاونة أن الكفاءة والجدارة قادتا إلى منتج مفرح وإيجابي.
وهنا قال مراقبون سياسيون مخضرمون، بأن المعايير الإدارية التي اتبعت في هندسة الإنجاز الرياضي الكروي عليها أن تطبق حتى في مجالات الإدارة الأخرى، خصوصاً أن مؤسسات الدولة وبعد أو قبل نهائي كأس العرب وبصرف النظر عن نتيجة المباراة النهائية مع المغرب مساء الخميس، رصدت حالة توحد عجيبة بين الأردنيين في محافظاتهم ومكوناتهم، شملت قطاعاً عريضاً من الشرائح الاجتماعية لم يكن يلتقي بالعادة إلا نادراً وفي مسار «القضية الفلسطينية».
أحد المشجعين لفت الأنظار مبكراً بعد الفوز على المنتخب العراقي، عندما نشر يقول: «بحب النشامى.. وأكره إسرائيل». لاحقاً، تدفقت تلك العبارة عن حب المنتخب وكراهية إسرائيل، كما لم يحصل من قبل بين ثنايا آلاف التعليقات المنصاتية. اللافت جداً لنظر المراقبين الخبراء حتى في الأسرة الرياضية، هي تلك الدلالات السياسية التي نتجت عن احتفالات مبهجة في مدن فلسطين المحتلة وحتى في قطاع غزة، تحت عناوين تأييد النشامى ومنتخبهم.

علاقة «الشعبين»

في غزة، صورت ونشرت عشرات الفيديوهات التي تظهر دعم أهالي غزة رغم المأساة والمعاناة التي يعيشونها، في تشجيع منتخب النشامى في مبارياتهم بمونديال قطر. أفرزت أدبيات مصورة عملياً من مدن فلسطينية أخرى، قد يكون من أهمها القدس، تظهر احتفالات أهل القدس، ولاحقاً خروج الأهالي بمئات المواطنين من مدينة الخليل إلى الشارع احتفالاً بما حققه منتخب الأردن، الأمر الذي تطلب المسؤولية الوطنية -برأي عطية- والوقوف بعمق عند مشهديته الخاصة بأواصر علاقة يجب أن تصان بين «الشعبين».
قرأت مؤسسات أردنية احتفالات غزة والقدس والخليل باعتبارها «رهاناً سياسياً» ورسائل تلفت الأنظار لاعتبارات بقيت «منسية» في الماضي ولعقود، خصوصاً أن المشهدية الأكثر تداولاً في البطولة إعلامياً كانت تلك التي ظهر فيها مشجع فلسطيني يقول عبر تلفزيون عراقي «فريقنا الفلسطيني خرج من البطولة، لكن فريقنا الثاني «النشامى» سيتأهل».
في الأثناء، حفلت منابر الإعلام والتواصل بنصائح ووصفات تقترح على الدولة تطبيق معايير المدرب سلامي في اختيار الوزراء وكبار المسؤولين. تلك كانت «علامة فارقة». ورئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان، توجه له نصائح باتباع نفس النهج في اختيار الموظفين والوزراء حتى من جهة بعض النواب، خلافاً لاقتراح آخر يطالب بتشكيل «منتخب للسياحة وآخر للتمكين الاقتصادي» وثالث للإدارة.
الملاحظة المرجعية الأهم تقول: منتخب كرة القدم تمكن من إسعاد الجمهور بالرغم من الإحباطات الناتجة عن الوضع المعيشي الصعب، والاقتصادي المعقد، والإقليمي المفتوح على كل احتمالات الصراع. مبكراً، شارك كبار الساسة وكبار المسؤولين في حالة اضطرارية سلطت الأضواء على دلالات النجاحات الكروية. لكن الأسئلة المتعلقة بتشكيل وهندسة منتخبات قادرة على العمل وفقاً لمعيار الكفاءة والنزاهة والإنصاف في الاختيار بعيداً عن المحاصصات المألوفة، كانت هي الرسالة الأهم التي من الصعب تجاهلها.

 

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading