نواب الأردن: «هجمة مرتدة» على «وزراء حسان» بعد الميزانية… واتفاقية النحاس تتدحرج

عمان ـ «القدس العربي»: الحوار الذي يديره عبر شبكات الإعلام عضو مجلس النواب الأردني قاسم قباعي، تحت عنوان اتفاقية جديدة موقعة للتنقيب عن النحاس جنوبي البلاد، بدأ يتدحرج في اتجاهات غير محسوبة وسط حالات انفعالية رصدتها كاميرات الصحافيين والمراسلين للنائب قباعي وهو يصيح مرة في وجه وزير الطاقة صالح الخرابشة وفريقه، ومرات في وجه بقية الزملاء من أعضاء لجنة الطاقة النيابية، مشككاً في أهلية الشركة التي أحيل إليها عطاء التنقيب عن مادة النحاس في مساحة أرض محددة في البلاد، مشككاً في أداء الوزير نفسه، لا بل مطالباً باستقالته بسبب «كارثة وشيكة في ملف الطاقة والتعدين».
نشاطات النائب قباعي يبدو أنها لفتت نظر وسائل الإعلام في توقيت حرج للحكومة التي مررت للتو ميزانيتها المالية، فقد رصد النائب المشار إليه يصيح بانفعال عدة مرات أمام الكاميرات وبدون تسميات: «نصب.. احتيال.. شركات غير مؤهلة».
في الوقت ذاته، بدأ أعضاء في مجلس النواب رفع سقف الرقابة على الحكومة في العديد من الملفات بعد تمرير الميزانية، ما يؤسس لحالة شكوك بالقرب من رئاسة الوزراء عن خلفيات ودوافع موجة الرقابة العنيفة التي ركبها نواب أحزاب الوسط وتيار الموالاة فجأة ضد الحكومة بصيغة سببت مضايقات للعديد من الوزراء.
قباعي لم يقف عند حدود التشكيك باتفاقية التنقيب عن النحاس التي أحيلت على شركة أردنية يقول البقاعي إنها تأسست قبل شهرين من التوقيع فقط دون تقديم أدلة موثقة على الاتهامات. ردة فعل الوزارة المختصة تبدو غريبة إلى حد ما، فقد اكتفى الوزير صالح الخرابشة في أروقة مجلس النواب ولجنة الطاقة بالإشارة إلى أنه لا يستطيع استخدام الألفاظ التي يستخدمها البعض في الحديث عن شركة مسجلة حسب الأصول في سجل مراقبة الشركات وتقدمت لمقاولة التنقيب عن النحاس وفقاً للأصول، وقررت لجنة مختصة اعتمادها بعد ما تقدمت بكل الملاءة المالية والفنية اللازمة.
واضح أن النائب أثار زوبعة ولا يقبل بتوضيحات وشروح الحكومة، بدلالة أن حزب العمال الذي يعتبر النائب البقاعي ممثله الوحيد الآن في البرلمان، قرر عقد مؤتمر صحافي يعقبه «لقاء وطني تشاوري» للحديث عن مخاطر اتفاقية التنقيب عن النحاس.
المعنى هنا أن ما يطرحه النائب يتدحرج بخصوص علامات استفهام على تلك الاتفاقية التي تعتبر مهمة، خصوصاً في ظل تقارير خبراء عن وجود كثيف لمادة النحاس في التراب الأردني في العديد من مناطق جنوبي البلاد.
دعوة حزب العمال لعقد مؤتمر صحافي خاص للتحدث عن الاتفاقية الخاصة بالنحاس هو تطور جديد ومحطة أساسية توحي بأن الحزب يتضامن تماماً مع ممثله البرلماني ويرغب في التصعيد إعلامياً على الأقل، فيما يقابل وزير الطاقة تلك الجهود بابتسامات وعبارات غير منتظمة تعلق على الحدث مع إصدار تصريحات يدافع فيها عن أهلية فنية وملاءة مالية للشركة التي أحيل إليها المشروع وسط ضجيج النواب، فيما يبدو أن رئيس لجنة الطاقة النيابية لا يتبنى نفس الموقف الذي يتبناه القباعي في اللجنة وهو يتحدث عن كارثة وطنية جديدة.
في الأثناء، أبلغ النائب الدكتور مصطفى العماوي وهو من أهم قادة الأحزاب الوسطية وكتلها في البرلمان، عن نيته مساءلة واستجواب وزراء الاختصاص والحكومة حول العديد من ملفات الفساد. عملياً، لقد شكل صدور تقرير ديوان المحاسبة قبل نهاية العام مادة أساسية للحديث عن سلسلة كبيرة من المخالفات الإدارية والمالية خصوصاً أن تقرير ديوان المحاسبة السنوي يقرأ ويتبع مجلس النواب في العادة. وفي الأثناء، اتهم فيه النائب الإسلامي ينال فريحات، علناً، رئيس الوزراء شخصياً الدكتور جعفر حسان، بأنه يتعامل مع الأرقام ويعرضها بصورة انتقائية تلامس هوى الحكومة.
اتهام الفريحات كان قاسياً، وبدا واضحاً أن هجمة برلمانية محددة ومرتدة تتشكل ضد حكومة حسان بعد إقرار الميزانية وعشية ما يقال عن تغييرات شاملة في البلاد وبروز أكثر من ملف يشتبه في وجود فساد عشية العام الجديد 2026. ولا أحد يعلم إلى أي مكان ستنتهي هذه الهجمة البرلمانية تحت العنوان الرقابي.
المادة التي قدمها تقرير ديوان المحاسبة فيها فيض كبير من المخالفات التي تقع في الواقع على عاتق مسؤولية الحكومة السابقة وليس الحكومة الحالية، وإن كان واجب حكومة حسان متابعة كل التفصيلات التي ترد في تقارير ديوان المحاسبة. والأهم أن الحكومة تشعر عموماً على مستوى الطاقم الوزاري بعدم الارتياح؛ فالتساؤلات والتشكيكات والشائعات لا تزال تنهش مشروع الحكومة الحالية الأهم استراتيجياً، وهو مشروع مدينة عمرة الجديدة.
بعض التقارير أشارت مؤخراً إلى حالات محددة، من بينها قرض لم ينفق حسب الأصول التي يريدها البنك الدولي في مجال المياه، وتساؤلات لها علاقة بوضع استثمارات مؤسسة الضمان الاجتماعي، ومسؤولية الحكومة في «استعادة أموال عامة» وإحالة ملفات للتحقيق. وتبقى هجمات النواب المرتدة هنا ملموسة وتستقطب أضواء الإعلام وتقلق الوزراء، رغم أن الشارع يسأل بدوره النواب عن أسباب وخلفيات هجماتهم الرقابية بعد تمرير الميزانية وليس قبلها أو أثناء النقاش فيها.
