الأردن: «خطوة تنظيم» و«مضادات تهجير»… لماذا فتحت دمشق «صالة الشرف»؟

الاعترافات التي بثها التلفزيون الأردني للمتهمين في قضية «الـ16» التي تتدحرج الآن وستفعل لاحقا، خالية من «العيوب التقنية» عمليا، وتحقق رسائل «الصوت والصورة»، لكنها تفتح فضاء التساؤلات.
عرض المتهمون مخالفاتهم الجنائية بوضوح وسلاسة وبوجوه مرتاحة، بصيغة تثبت «صلابة الأدلة والقرائن»، لكن الجزئية المتعلقة في استعمال «صواريخ وأسلحة ودرونز» يبدو أنها تقنيا لم تكن واضحة.
ما علينا.. الأهم: مراقبة النقاشات التي فردتها فضائية «المملكة» بدورها تثبت حاجتنا الملحة كأردنيين لخطوة تنظيم .
لا السلطة ولا الشعب ولا الإسلاميون بصدد نفي مقولة «الأردن مستهدف، وحصرا من اليمين الإسرائيلي» لكن الخلاف على «كيف نتصرف؟».
مرجح أن التحقيقات التي عرضت بشفافية للرأي العام «مفيدة للغاية»، وطنيا وسياسيا وينبغي أن لا يقلق منها أو بسببها «النشامى».
مثل هذه الفوضى والاحتمالات والسيناريوهات تثبت للقاصي والداني في النهاية أن «الجميع سيصبح في خطر» إذا ما أصر وحوش الكيان الإسرائيلي على، أولا «المساس بالأردن»، وثانيا طرح «التهجير» على أي طاولة.
تصوري أن مكسبا استراتيجيا كبيرا يمكن تحقيقه إذا أجاد القوم اللعب بورقة الدلالات هنا، على أساس أن «الأردن القوي المتماسك» مصلحة أساسية للكرة الأرضية، وليس لشعبه فقط.
لا تقلقوا يا قوم.. إنها آخر المطاف «مضادات» ضد «التهجير».
عمان: الحق يقال
في تداعيات التأمل وفي انتظار «الحسم القضائي» في هذا الملف، لا بد من قول التالي: «الحق يقال» إن دعم وإسناد المقاومة الفلسطينية في الحالة الأردنية ليس محظورا ولا ممنوعات، شريطة أن لا ينتهي بإنتاج مبرر للإسرائيلي لقصف عمان، ما دامت البشرية تفشل في ردعه وهو يقصف في كل الاتجاهات.
والحق يقال: إن عددا لا يستهان به من الأردنيين يشعرون بأن تحقيق تلك المعادلة الشرطية لا يؤدي بعد إلى «ضمانة أكيدة» تطمئن الأردنيين بأن «تموقعهم خلف الخيار الرسمي» يحميهم أو سيحميهم لاحقا من تمدد الجريمة الإسرائيلية. وهنا مربط الفرس.
بعد تركيز الشاشات الرسمية على التفاصيل والحيثيات يمكن أن نقترح عليها قليلا من الجهد وبعض الكاميرات على السطر المنقوص، حيث لا يمنع تورط نفر من الأردنيين بالقضية التفاهم والالتقاء على طاولة موحدة تؤسس للإجابة على السؤال العالق «كيف نضع إستراتيجية حماية وطنية؟»
صالة الشرف في دمشق
كل التجارب المحيطة التي انتهت بتراجع دور «الدولة» لصالح «فوضى السلاح أو الفصائلية» بذريعة «التصدي والممانعة» لم تقدم أي خدمة حقيقية لا في تحرير فلسطين ولا حتى في «اتقاء شر» الآلة الإسرائيلية العسكرية المتوحشة.. على الأقل حصل ذلك في سوريا ولبنان والعراق.
آخر دليل على ذلك يمكن استخلاصه من متابعة التغطية الحية، التي أفردتها قناة «الجزيرة» لنبأ زيارة عضوين في الكونغرس مؤخرا لدمشق، وتصريح أحدهما المجلجل، الذي قال فيه «اكتشفنا في دمشق احتمالية وجود حكومة صديقة للولايات المتحدة».
لا أعرف كيف توصل صاحبنا الأمريكاني لهذا الاكتشاف العظيم، لكن محطة «سي أن أن» استمرت في بث تقرير لمراسلتها عن «دمشق المتجددة».
الكاميرا كانت ترصد الابتهاجات باستقبال الوفد الأمريكي أمام لافتة ضخمة كتب عليها «صالة الشرف». أي شرف يستقبل «الدجل الأمريكي»، بعد 11 مليون مهجر وأكثر من نصف مليون قتيل ومثلهم أسرى وجرحى؟
لاحظوا: بعد الابتهاج الدمشقي الساذج باستقبال عضوي كونغرس، لم يطرح أي معلق سؤالا عن مستقبل «قانون قيصر»، الذي أهلك الزرع والضرع في المدن السورية؟
معلقة على قناة 13 الإسرائيلية قالت إن قانون قيصر له وظيفة متفق عليها مع إسرائيل.. هذه الوظيفة لا نزال بحاجة لها.
الحكاية واضحة ولا تحتاج لشروحات: عندما يتحدث قيادي أمريكي في عمق دمشق عن اكتشاف «حكومة يمكن أن تصبح صديقة» يقصد حصرا «صديقة لإسرائيل» وتعريف اليمين الإسرائيلي لـ»الصداقة» ينحصر في مفردتي «موالية وتابعة».
«هاكابي» ما غيره
لذلك أوهام المطارات وصالات الشرف يتوجب أن لا تخطف أبصار حكام سوريا الجدد أو شعبها، لأن مصاصي دماءهم الذين يحكمون اليوم في تل أبيب وواشنطن.
للأسف في بعض عواصم العرب أيضا، والدليل ذلك المهرجان الذي بثته على الهواء مباشرة القناة 12 الإسرائيلية، وهي تعيد تذكرينا بهوية السفير هاكابي بعدما عينه الرئيس دونالد ترامب سفيرا لواشنطن في تل أبيب، حيث دبلوماسي يميني متطرف يلوث بلحيته الصغيرة جدران الحرم المقدسي، ثم يمد يداه بحثا عن «قطعة نقدية» يضعها باسم «رب إسرائيل» بين شقوق صخرتين في القدس.
لماذا تضع الولايات المتحدة قطعة نقدية بين شقوق صخرتين في القدس؟ سؤال الإجابة عليه تتطلب فتح أرشيف محطة «أم بي سي» ومشاهدة «دراما داحس والغبراء» مجددا وعدة مرات!
الرجل – نقصد هاكابي – لا يخفي لا مشاعره، التي تحتقر العرب والمسلمين، ولا مواقفه التي لا تعترف بوجود «شعب فلسطيني». فأحد المعلقين على «سكاي نيوز» شكك علنا بأن هاكابي يستطيع فعلا الالتزام بمعايير «السيد الرئيس ترامب» وانتحال صفة «المندوب السامي الجديد»!