ماذا لو كنت موسى التعمري؟..”غيبوبة” الإنكار و”التورم” الوطني
ماذا لو كنت أنا أو غيري موسى التعمري أوتقمصته لوهلة؟..يتحدث عني المعلق الشهير رؤوف بصفتي “نجم نشمي بمواصفات عالمية” ويقلدني الحراك وأنا أرقص في الملعب ويسارع أحد الهواة من أقاربي لتصوير فيلم توثيقي تظهر فيه “حنفيات” المسجد الذي أصلي فيه في حي نزال ويهتف شعب جريح ومكسور وخائف برمته بإسمي وينشد لي على طريقة “إسلق وتوكل” عمر العبداللات أغنية”ممولة”.
وتتحول مباراتي أمام أستراليا إلى “قصة كونية” تذهب بعامل وطن بسيط إلى الحضرة الملكية بعد تمريرتي على رأس زميلي المسجل للهدف.
كل ذلك ولا زلت “أحبي” في كرة القدم وعمري لم يتجاوز ربع قرن قضيت معظمها العب الكرة في الأزقة حيث ان منطقتي “الإنتخابية” بالقرب من الشيخ عبد المنعم أبو زبط رحمه الله لا يوجد فيها “ملعب او حديقة او حتى مسرح أو دار للسينما” تكمل مهمة المساجد ودور الله في صلاح المجتمع.
ألح علي هذا السؤال وانا أحاول “تفسير” مزاجي المنقلب بعد مباراة فيتنام الاخيرة خصوصا بعدما تراكمت صيغة من”الخيبة الوطنية”.
لا أحد وقف “منا وفينا” ليقول: هذا منتخب شاب يعمل بعض نجومه باعة للخضار أو موظفين في امانة عمان يحتاج لتدريب وإستثمار طويل الأمد وخطة إعداد و”تفريغ”.
لا أحد فينا او منا قال:حسنا أبدع النشامى الشباب وأظهروا موجودية ويبنغي ان نحرسهم بمقلة العين ونعدهم للمستقبل بصرف النظر عن النتائج.
القطاع الخاص الذي”يبيض” حيتانه اليوم محذرين من رفع الضريبة على البنوك او شمول الشيكات بالعفو العام لم يقدم لموسى او لأمثاله اي قيمة إضافية…الدولة ايضا في نفس الموقع من “إحتقار وتهميش” الرياضة والشباب والثقافة والفنون .
حتى أن مؤسسات باكملها تقود البلاد والعباد لا تصادف فيها اليوم شخصا واحدا فقط يحفظ نصف قصيدة أو قرأ رواية لكاتب عالمي أو حتى ينتبه لأن الاسترسال في “خديعة العالم” لم يعد يجدي على طريقة نشر مقال في الغارديان عن “عاصمة خالية من السجائر” مباشرة بعد قضية عوني مطيع الذي اغرق المملكة بسجائره المزورة.
التورم والشعر والوطنيات الفارغة ستبقى برنامجنا الوحيد ما دامت سيجارة مالبورو هي المفضلة على موقع رئاسة الوزراء في نفس الوقت الذي يكتب فيه “عمدة العاصمة” وفي الصحافة العالمية وباللغة الانجليزية- ما شاء الله- عن المدينة التي ستخلو من ثاني أكسيد الكربون والسجائر مع انه لم يحدد ما إذا كان يقصد سجائر مطيع أم تلك الحقيقية.
شاهدت بعيني 7 من اعضاء فريق وطني لكرة القدم يشربون السجائر في حظيرة المدخنين بمطار إسطنبول مع “طبيب الفريق” وعندما سألت قال لي هداف مشهور للنشامى ان المدخنين اعضاء في فريق كرة اليد رغم انهم ليسوا كذلك فقد غادر جماعتنا عبر اسطنبول للتو بعد خسارة مباراة بثلاثة أهداف لصفر.
عندما يتعلق الأمر بتصفيات آسيا ..هذا ما حصل: ..”طشنا “كالعادة على شبر مياه وأغرقنا في التفاؤل على طريقة عز الدين كناكريه وهو يعلن”أضخم قرض” وإندفعنا في ترديد عبارات “لا معنى لها” تشبه تلك المعنية ب”طقطقة عظام الآخر” من وزن” لا سلامه مع النشامى” ومن صنف” إلى النهائي بدون شكوك” أو فليسخأ”حراق أصبعه” و”منسفنا” بطح الكنغر إلخ.
نبحث عن اي حزمة من”الفرح”…لذلك يندفع صديق عزيز لمطالبة مدير الامن العام بإعتقال اي مواطن يتجول في الشارع ولا يتسمر امام الشاشة في محاولة لمعاقبة كل من أفلت من مطب الخيبة في لحظتها.
متميزون في “نفخ الذات الوطنية” حتى أركن النشامى على ان رصيدهم كبير ولا مبرر للقتال في الميدان.
بالرياضة وغيرها لابد من طريقة نتفق عبرها وطنيا على ان الإنجازات تحتاج لإعداد وخطط وكادر وعلم ولا تكفينا هنا الأناشيد والرايات والهتافات والاستعراضات وبصورة تذكرني بمقولة الفاضل الدكتور وليد عبد الحي عن”تورم في الشعور الوطني وانيميا في الإنتاج”.
المباراة مع فيتنام كانت طبعا مجرد “لعبة كرة قدم” لكن ما حصل قبلها وعلى هامشها لا يمكنه ان يمثل رياضة او لعبة او مباراة بل أكثر بكثير ويشرح الخيبة بعدها .
والقصة ليست مجرد مباراة فقد سمعت شخصيا وبحسرة أحد كبار المسئولين وهو يتحدث بلهجة..”الدنيا ربيع والجو بديع” أمام ضيف قادم من أعالي البحار يسمع بدوره في عاصمة أوروبية مسئولين أردنيين من مختلف الصنوف عن كل ما نواجهه كأردنيين وبصراحة غريبة تكشف فيها كل الاوراق حتى اني أخجل عندما يسألني بقصد المتابعة وبصيغة :معقول هالحكي؟.
بصراحة ما يسربه الموظفون والمسئولون الاردنيون عندما يزورون لندن تحديدا في البارات والمطاعم من شائعات ومعطيات وفضائح أكثر بكثير مما ينتجه الحراك المأزوم او الحردانيين من أبناء الدولة او خصوم البلد.
عليه يمكن تعليب العبث وتوزيعه على الشعب الاردني عندما نصر على “إنكار” الحقائق والوقائع حيث الخطوط غامضة ما بين حقن الروح الوطنية بجرعات تفاؤل وبين “طمس” الحقيقة و”غيبوبة الإنكار” على نحو مخجل خلافا لأنه لا يفيد وغير منتج.