خاص
بين “شيرين” و”أبو العبد”..رحيل “نبيل” قبل “موعد مع عمان
رحيل يليق بصاحبه فيما يموت الآخرون بصيغة"البعير"
ألح علي السؤال لسبب غامض : ما الذي يحصل بصورة محددة مع “مراقب” لا يفعل شيئا حقيقيا في مواجهة “الكيان” عندما يسقط “شهيد” يعرفه شخصيا للتو بعدما “قابله وناقشه مؤخرا” ؟.
أحد فنادق إسطنبول الآسيوية وفي اليوم الختامي لمؤتمر “الشتات” وبالصدفة المحضة قابلت الزميلة الشهيدة شيرين أبو عاقلة- رحمها ألله رغم أنف الكل- على بوابة المصعد وهي في طريقها للمطار.
بسرعة ذكرتني ب”وجبة محددة” تناولتها في عمان..ثم قالت:” نلتقي قريبا في عمان ..أريد تلك الوجبة..ولازم أتسوق مطرزات من جبل الحسين”.
..أيام فقط إرتقت شهيدتنا برصاصة غادرة .
في عمان أيضا حضر تحت يافطة إنسانية بزيارة خاطفة شهيدنا الكبير “أبو العبد” الحاج إسماعيل هنية.
بعد 7 أكتوبر قابلنا”الأخ أبو العبد” كما يصفه مرافقوه عدة مرات في الدوحة وإسطنبول .
في اللقاء الأخير إستقبلنا”أنا وصحبي” حافي القدميين وكان للتو قد فقد أولادا واحفادا ثم أطل علينا شاب في الثلاثينيات وإبتسم الحاج الشهيد القائد ..:هذا إبني فلان..نفذ من الإغتيال لإنه يعمل بعقد خارج غزة”.
هذا الرجل وبعد سلسلة لقاءات مهنية جمعتني به أكاد أحلف أنه “يحتقر الموت ويسخر منه” وينشد “الشهادة”..قال أمامي: المفارقة أن الحفيد ينبغي أن يدفن الجد وليس العكس إلا عند الشعب الفلسطيني حيث يدفن اي منهما الثاني بكل بساطة وبأي وقت.
قبل ذلك وفي “الدوحة “كنا وفدا مسائيا يزور مقر”أبو العبد”..بعد حديث ترحيبي وقف الرجل ثم سأل مرافقيه..”العشاء جاهز يا شباب؟”.
تناولنا برفقة أبو العبد وجبة “عشاء تقشفي” وفي مطبخ مكتبه وكان بحياء أهل النبل والكرم يلتمس العذر ..”مش واجبكم لكن ظروف شعبنا لا تسمح بإستضافتكم إلا على الميسور”.
“هاتو صحن بيض يا شباب”…” كمان حمص ولبنة”..”وين الشطة؟”..”شباب زيدوا الفول”.
كأنها تماما “مأدبة شهيد” عينه على “طعام الجنة” ويحصل من الدنيا على ما توقفنا في بيوتنا عن تناوله.
بكل حال على تلك الوجبة المذهلة بدأ”الحوار الأردني”.
سألني الشهيد مباشرة وقد جلس أمامي:” ممكن تفهمني… ما هي خلفية الحساسية التي تظهر عند الأخوة في عمان كلما وجه شبابنا التحية للنشامى ؟”.
دخل على خط نفس الإستفسار موسى أبو مرزوق وخالد مشعل..قلنا ما قلناه ونصحنا بما نصحناه مع صحبنا على مائدة العشاء تلك .
لاحقا طلب أبو العبد مني نقل رسالة كان قد طلبها ذاتها قبل “5 سنوات” ونشرتها في القدس العربي:” أمن وإستقرار الأردن “عقيدة” في حماس..لا نؤمن بأي ضغط على المملكة أو تدخل لا سمح ألله ..نحن وأنتم على خط واحد ..لا نريد إلا ما يرضي ألله …ممتنون للغاية لموقف جلالة الملك ودعمه ولموقف الأردن الشقيق..الشعبان في مركب واحد والعدو نفسه.
..تدفق الشهيد بملاحظة هادفة:” كل ما نأمله من الأشقاء في الأردن فقط ليس الإنفتاح علينا ونحترم حساباتهم فقط ما نأمله أن لا تشارك عمان سياسيا مع وجهة النظر التي تؤمن ب” حرمان المقاومة من مكاسب سياسية لمعركة الطوفان”.
“عتاب بمنتهى الرقة” لا أعلم شخصيا ما إذا كان قد حقق هدفا عندنا وللتذكير بما أعلمه شخصيا وسمعته من شهيدنا عدة مرات مؤخرا : رحل إسماعيل هنية عن الدنيا الفانية وهو يحتفظ ب”رغبة يتيمة” أردنية فكرتها ..” ألا أستقبل رسميا في عمان ولو لمرة واحدة يا قوم؟”.
يعلم كبارنا وبما فيهم رؤساء مجالس وزراء وأعيان تواصلوا مرارا مع الشهيد أنه كان محب لعمان ويرغب بزيارتها “سياسيا وليس إنسانيا”.
لسبب ما “فوتت عمان” المسألة في سؤال سيبقى أردنيا ويخصنا بكل حال.
المسيحية العروبية المناضلة شيرين أبو عاقلة إرتقت شهيدة وهي على موعد مع عمان.
العروبي المجاهد إسماعيل هنية إرتقى في طهران فجر يوم موجع للأمة وهو على موعد ايضا مع عمان لم ينجز.
الرصاصة نفسها والعدو واحد والخذلان على مستوى الأمة.
طوبى لشيخنا الجليل “أبو العبد” جد ووالد الشهداء.
المجد والخلود لشهيدتنا شيرين.
العزة والكرامة والجنة لأنبلنا كل شهداء فلسطين أينما إرتقوا.
كانت تسمى فلسطين وستبقى.
عاش الأردن ..عاشت عمان.. عاشت فلسطين ..عاشت القدس.
..وإنا على فراقكم يا أيها الجد الجليل القائد الشهيد لمحزونون..رحيل يليق بصاحبه فيما يموت الآخرون بصيغة”البعير”.