اراء و مقالات

بعد مناورات الرفاعي في كل الاتجاهات: هل يلعب الخصاونة ورقة «التعديل الوزاري»؟

عمان – «القدس العربي»: هل يجد رئيس الوزراء الأردني الدكتور بشر الخصاونة نفسه مضطراً إلى الاتجاه نحو تعديل وزاري على طاقمه الحالي تجنباً لخيارات التغيير الوزاري وسعياً للتعامل مع استحقاقات وتداعيات المرحلة الإصلاحية الجديدة؟
هذا هو السؤال الذي يدور في ذهن الكثير من المراقبين، خصوصاً أن الإيحاء المسبق بأن مصير الحكومة ومصير مجلس النواب مرتبطان عملياً بما ستقرره اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية يسبق بقية الاعتبارات، عندما يتعلق الأمر بتحديد بوصلة ومسار السلطتين التشريعية والتنفيذية في المرحلة اللاحقة، ومع نهاية أعمال وبرنامج عمل اللجنة الملكية المشار إليها.
قد يكون سؤالاً لا لزوم له في المسار السياسي للأحداث، لكنه سؤال مطروح، خصوصاً أن رئيس اللجنة الملكية سمير الرفاعي، تقصد مؤخراً أن يكثف من جرعة الرسالة التي تقول ضمنياً بأن التوصيات والتعديلات القانونية التي ستضعها لجنته مع نهاية شهر آب/أغسطس ومع نهاية شهر أيلول/سبتمبر لاحقاً بعد تنقيحها بين يدي جلالة الملك هي توصيات ليس بالضرورة أن تطبق فوراً بعد وضعها، مما يمنح المساحة أو المسافة اللازمة لبقاء ثلاث سنوات انتقالية. يعني ذلك ضمنياً أن موجبات تعديل قانوني الأحزاب والانتخابات قد تحتاج للتحول إلى وقائع على الأرض بعد فترة زمنية قوامها ثلاث سنوات، مما يؤشر على أن اللجنة الملكية أرادت طمأنة مجلس النواب الحالي. بمعنى أن رحيله ليس في إطار الاستحقاقات بمجرد انتهاء أعمال اللجنة الملكية، ومن هنا قفزت فترة أو مهلة السنوات الثلاث.

مجلس النواب باقٍ

وذلك يعني أن مجلس النواب الحالي باقٍ في موقعه، وبأن ما ستقرره اللجنة الملكية لاحقاً خلال الأسابيع السبعة المقبلة قد يدخل في نطاق الاستحقاق تمهيداً للانتخابات المقبلة، وهو ما أشار إليه عملياً أيضاً وأمام “القدس العربي” رئيس اللجنة الفرعية لقانون الانتخاب في لجنة التحديث خالد البكار عدة مرات، بمعنى أن التشريعات الجديدة ستبدأ فعالياتها في حال المضي قدماً فيها وحصولها على كل الأضواء الخضراء بعد فترة زمنية لا تقل عن 3 سنوات، هي عمر البرلمان الحالي على الأرجح. وهي فترة زمنية يفترض أن تحافظ جميع مراكز القوى خلالها على وجود مجلس النواب الحالي حتى لا يشعر أنه مستهدف أو أنه بعد انتخابه بعام واحد سيدفع ثمن كلفة فاتورة الإصلاح الجديدة، خصوصاً أن الجميع بات مقتنعاً الآن، كما أوضح الوزير والبرلماني المخضرم الدكتور محمد الحلايقة بأن مفهوم هندسة الانتخابات الأخيرة هو الذي حشر الجميع في زاوية ضيقة من حيث عناصر الاشتباك والمناورة، وبالتالي دفع الأمور باتجاه الوجبة أو الجرعة الإصلاحية الحالية التي أمر بها القصر الملكي.
بكل حال، ثمة رسائل تطمينات تصل لمجلس النواب الذي يناقش الآن وبحماسة مع بعض أجنحة الحكومة في الواقع ملف قانون أو تعديلات قانون اللامركزية والبلديات، فيما اللجنة المختصة في هذا السياق لا تزال تعمل تحت يافطة المؤسسة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، وذلك مشهد عبر عن بعض التنافر والتجاذب بين اللجنة والبرلمان. لكن المطلوب الآن إرسال ضمانات للنواب بأنهم سيكملون فترتهم الدستورية، وبأن التعديلات التي تقترحها اللجنة ليس ضرورياً أن تنتهي الآن بترحيل البرلمان الحالي أو بخيار لسيناريو انتخابات مبكرة غير مطروح حتى هذه اللحظة.
في الأثناء، تحصل الحكومة على مساحة ديناميكية أكثر ومرنة للتعامل مع الوقائع وتطوير آليات الاشتباك الخاصة بها، وقد تؤشر هذه الترتيبات ضمنياً على أن حكومة الرئيس الخصاونة تستطيع الاستمرار في عملها ووضع الخطة الاقتصادية التي تحدثت عنها بين يدي القصر الملكي في غضون وقت قصير، والاستمرار في معالجة المشكلات التي تواجهها والتحديات في البعد الوطني دون الحاجة للشعور بأنها تحت ضغط استحقاق الإصلاح السياسي، خصوصاً بعدما تضاءل تأثير التكهنات السابقة بأن تتولى حكومة جديدة بعد انتهاء توصيات اللجنة الملكية أغلبها من أعضاء اللجنة نفسها، سير العملية الانتقالية.

خيار لا يعارضه الخصاونة

وهو خيار لا يعارضه حتى الرئيس الخصاونة، وإن لم يكن مطروحاً حتى هذه اللحظة. باختصار، حكومة الخصاونة تندفع باتجاه الاشتباك مع تفاصيل خدمات القطاع العام، والرئيس الخصاونة نفسه بدأ يرصد في أكثر من مساحة وأكثر من مكان وفي زيارات تفقدية وفي حالة نفض للغبار عن العديد من الملفات، في الوقت الذي تبدو فيه الحكومة مسترخية أكثر بعد تجاوز مرحلة التكهنات والتوقعات التي رافقت تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية.
وهذا وضع ديناميكي ومرن ومفتوح على كل الاحتمالات، ويعني ضمنياً بأن أوراق البقاء موجودة في جيب الرئيس الخصاونة، لكن أوراق البقاء والاستمرار في البقاء وكيفية البقاء هي التي ينبغي أن تشهد عملية تطوير ومتابعة وخطة عمل جديدة حتى الآن. ما يظهر من ملامح أولى لخطة عمل الخصاونة في هذه المرحلة، مسألتان: الأولى الاشتباك مع قضايا القطاع العام ومتابعة الملفات على نظام القطعة والتفقد بين الحين والآخر والاشتباك مع التفاصيل.
والثانية، وضع خطة اقتصادية تحفيزية أمر بها القصر الملكي ستنتهي قريباً. الورقة الأهم في السياق هي إمكانية الانتقال إلى مستوى اشتباك أفضل وتوفير آلية تسمح بتعديل وزاري يبدو أنه مطلوب، وإن كان قيد التفكير، مع أن الرئيس الخصاونة رفض، وأمام “القدس العربي”، التلميح بأن التعديل الوزاري استحقاق أساسي ومطلوب بقوة في هذه المرحلة، مستفسراً عن حكمة التفكير بتعديل بدون سبب.
ثمة مؤشرات تفيد بأن ورقة التعديل الوزاري قد تسمح ببقاء الحكومة أكثر، وبإطالة النفس السياسي بالفريق الوزاري، مما يعني أن بعض المشكلات التي واجهت بعض أفراد الطاقم يمكن للخصاونة التخلص منها أو مواجهتها، ومما يعني أن إيجاد قائد حقيقي للطاقم الاقتصادي في الحكومة بدلاً من الوضع الحالي الذي لا يعتبر مفيداً لكل الأطراف، قد يكون من المحطات التي ينبغي لرئيس الوزراء الوقوف عليها ملياً خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى