اراء و مقالات

رئيس «أعيان الأردن» في «التذكير قبل التحذير»: هل سمع قادة «حماس» و«الإخوان»؟

كيف «أخلى» الإسرائيلي «مكاتب خالية»؟

عمان ـ «القدس العربي»: لا يحتاج القيادي في حماس خالد مشعل، لتذكيره بأن ملك الأردن الراحل الحسين بن طلال «أنقذه» عندما حاول الموساد الإسرائيلي اغتياله في شوارع عمان بواقعة معروفة. مشعل نفسه لا يستقبل أردنياً منذ ربع قرن دون أن يبلغه بتلك الحادثة وما فعله معه ومع الشيخ أحمد ياسين الملك الراحل.
وفي حضور «القدس العربي» على الأقل 3 مرات وعلى الهواء المباشر، استذكر مشعل تلك الحادثة من باب الامتنان.
رغم ذلك، قرر رئيس مجلس الأعيان المخضرم فيصل الفايز، لسبب على الأرجح، «تذكير مشعل وقادة حركة حماس» بالمسألة وغيرها وبصورة علنية أمس الأول وعبر خطاب مكتوب وآخر مصور.
في المقابل، بالتأكيد، مصالح الأردن وتقاليده وقيمه السياسية والوطنية لا تحتاج بدورها لدعوة «وزراء سابقين» لسحب الجنسية من أحفاد وأولاد مشعل وغيره من قادة الفصائل دون أي ذكر لسحبها من أولاد وأحفاد عدد هائل من رموز هرم السلطة الفلسطينية وحركة فتح.
الأهم أن «ماكينة ما» انتقادية حادة تحركت في عمان ضد حماس وقيادتها على نحو مباغت، ليس بعد ظهور متكرر لدعوات تدعم «التظاهرات الأردنية» بل على هامش تفاعل النقاش المتشنج الذي يسعى لفهم وقراءة مسألتين غامضتين هما: أولاً عودة الاحتجاجات وبقوة للشارع الأردني في منطقة الرابية تحت شعار «محاصرة سفارة الكيان».
وثانياً، بروز حالة تحريضية غريبة ضد حراك الرابية بالتزامن مع توجيه رسائل «بعضها تطوعي» تنتقد قادة حماس وأخرى تعيد استنساخ تجربة أخفقت في الماضي بعنوان «شيطنة الإخوان المسلمين».

«إنارة وحركة ما»

في مقايسات القيادي الناشط نقابياً، بادي رفايعة، يعبر الشارع الأردني سلمياً طبعاً ودوماً عن مشاعره ضد الاستمرار بوجود سفارة للعدو. وقد لاحظ الجميع بأن الكيان الإسرائيلي ومن باب الجاهزية لرد إيراني عسكري، أعلن إخلاء مقرات 7 سفارات له في المنطقة، من بينها السفارة التي يفترض ـ حسب تصريحات المسؤولين الأردنيين ـ أنها «خالية».
هل قام الإسرائيليون بإخلاء مقرهم «الخالي» وفقاً للبيانات الأردنية؟
سؤال لا تجيب عليه في ملاحظات رفايعة وغيره إلا تلك الرواية المسربة كعنصر أساسي في تفسير عودة النشاط للجمهور الأردني وبزخم غير مسبوق في النصف الثاني من شهر رمضان المبارك، وهي حصراً المعلومة التي ذكرها حراكيون، من بينهم المعتقل الآن ميسرة ملص، بعنوان «شوهدت أضواء وإنارة في مقر سفارة تل أبيب».
شاهد مواطنون الطابق الذي فيه سفارة الكيان في ضاحية الرابية وفيه «إنارة وحركة ما» وتداولوا المعلومة عبر المنصات. ولأن الحكومة سبق أن أعلنت خلو مكاتب السفارة، توصل النشطاء إلى استنتاج بأن الطاقم الدبلوماسي الإسرائيلي «سمح له بالعودة» فساهم ذلك دوماً في «تنشيط الحراك» مجدداً.

كيف «أخلى» الإسرائيلي «مكاتب خالية»؟

قدم في الأثناء تقرير متلفز إفادة عن عمليات اغتصاب في محيط مستشفى الشفاء، فخرج الأردنيون لمنطقة الرابية قبل 12 يوماً بكثافة غير مسبوقة، الأمر الذي يثبت بأن الاتجاه الجماهيري الذي ظهر متجدداً في شوارع عمان قد لا يكون له علاقة لا بمؤامرة ولا بدعوات من قادة حماس.. تلك «محض افتراءات» قال السياسي مروان فاعوري لـ «القدس العربي».
الأغرب أن «كبار المنتقدين» لقادة حماس، وبينهم علناً نائب رئيس الوزراء الأسبق الدكتور رجائي المعشر ووزراء من شريحة الصدفة ومقالات من صنف «ركوب الموجة» لم يشر أي منهم لتلك المعطيات في محاولة تفسير وقراءة 12 ليلة من الاعتصام الدائم والمفتوح. لاحقاً، برزت المداخلة الأكثر أهمية في سياق «الانزعاج الرسمي» الأردني بلسان رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، الذي وجه ما قال إنها «رسائل تحذيرية مباشرة» ومصورة لكل من قادة حماس وحزب جبهة العمل الإسلامي.
الفايز كان مباشراً في «التحذير والتذكير» وهو أمر لا يحصل ببساطة ولا بدون أضواء خضراء عميقة وسيادية، ويعكس -وهذه هي الخلاصة السياسية الأهم- وجود «معلومات ومعطيات» لدى شخصية بارزة تترأس مجلس الأعيان الملكي، تطلبت «الاقتحام» وتوجيه رسائل تحذير علنية لكل من رموز حماس والإخوان المسلمين معاً في الدوحة وعمان.

لماذا قالها وفعلها؟

لماذا قالها وفعلها فيصل الفايز منفرداً بين «كبار مسؤولي اليوم»؟
سؤال مهم لمن أراد «تفكيك الألغاز والتحليل» فالفايز أحد أبرز القيادات الصريحة المباشرة في هيكل المؤسسات الأردنية، والأهم أنه احتفظ لسنوات بصفة «الناصح الصديق والصريح» للإسلاميين ولحماس في الماضي القريب، ولم يصنف يوماً خارج هذا السياق.
تعلم «القدس العربي» يقيناً أن رئيس أعيان الأردن كان دوماً «الأكثر مرونة» في استقبال اتصالات وإيصال رسائل مع قادة حماس، لا بل بمجاملتهم والتواصل معهم عندما كانت تغلق كل النوافذ. ويعلم الجميع أن الفايز وبوجود «القدس العربي» وأمام نحو 40 شخصية، كشف بصراحة عن مضمون «نصائح نقاشية» جمعته بقادة الحركة الإسلامية قبل أشهر، لا بل أحد السياسيين الذين يلخصون ببساطة «إشكالية الإخوان المسلمين» مع الدولة باسم «ولائهم لاعتبارات خارجية قبل الوطنية والشكوك في هذا الولاء».
ذلك ليس سراً؛ فقد سمعه قادة الحركة الإسلامية عدة مرات من الفايز مباشرة ونقلته حتى «القدس العربي» لبعضهم، وكان التقدير بالحديث عن «شطط في التشكيك بالولاء، مرده حسابات خارجية من جهة دوائر القرار وليس من جهة الإسلاميين».

«شيطنة» الجماعتين

يحب العديد من المسؤولين في عمان لعبة «الربط العضوي بين حماس والإخوان» قبل «شيطنة» الجهتين. وهي بكل حال، برأي الفاعوري وغيره، «لعبة يفضلها بعض المجتهدين» لأغراض شخصية، مثل العبور والبحث عن دور ووظيفة وسط «حسابات التكيف» المرهقة التي تجازف أحياناً بمشاعر الشعب مع واشنطن وتل أبيب.
طوال الوقت وقبل 7 أكتوبر وحراكات رمضان، يتبادل الإسلاميون الغمز واللمز بالسياق مع رسميين وسياسيين. لكن عندما احتاجت «المؤسسة» مشاركة التيار الإسلامي في نقاشات مسار وثيقة التحديث السياسي، شارك التيار وبـ 3 قادة وممثلين في اللجنة الملكية الأم لإظهار «حسن النية». وبناء عليه، يصبح مهماً لأي تحليل فهم الخلفيات والمعطيات التي دفعت شخصية ناصحة وواضحة ومعتدلة مثل الرئيس الفايز لانتقاد حماس والإخوان علناً، وتوجيه رسائل تحذيرية تجاوباً مع تنامي الجدل بالسياق مؤخراً إثر حزمة مظاهرات الرابية الأخيرة.
بين السلطات عزف الفايز منفرداً هنا، فما وثقه من رسائل في غضون 48 ساعة لوحظ أن الحكومة لم تشاركه فيه ولا مجلس النواب، وهو ما يدل على أن الجبهة الإخوانية- الحمساوية بصرف النظر عن بهلوانيات بعض رموز «الوزن الخفيف» يجب أن تصغى وتستفسر بعمق عندما يتحدث رجل مثل الرئيس الفايز. في المقابل، باستثناء الإشارة لعبارة يفترض أنها وردت على لسان مشعل، «تم توضيحها، وضمناً الاعتذار عنها لاحقاً» لم يقدم مجلس الأعيان عموماً، الذي ظهر وبرز في الدور والاشتباك الأسبوع الماضي للجمهور الأردني، «أدلة حقيقية وقرائن» تشرح أو توضح خلفيات التحذير.
عدة جبهات محلية انشغلت بالحديث عن «مؤامرة الرابية» واختطاف الشارع ومعه الدولة… حتى اللحظة، ومع التقدير لوزن تحذيرات شخصية مثل الفايز، لا بصمة ولا آثار لإجابة عن السؤال المركزي: من ومتى وكيف تآمرت أي جهة خارجية أو محلية عبر اعتصامات الرابية؟

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى