اراء و مقالاتمقالات وآراء

الجيش الأردني: قلقون على العاصمة فالفيروس على أطرافها والاستقصاء الوبائي في المواجهة الأهم

الجمعة والسبت حظر شامل و «لن يسمح لأي شخص بالتنقل»

 حسناً، بدأت مؤسسة الجيش تتحدث إلى مواطنين الأردنيين وتنصحهم وتحاول ردعهم عن السلوكيات الشاذة وتغرق في التفاصيل. هذا تماماً ما فعله العميد مازن الفراية، المدير العسكري لخلية الأزمة، الذي يرتاح له الشارع عندما يتحدث بعمق وجدية وبدون اجتهادات. في المقابل، يخفّ ظهور الحكومة في المشهد، ويقتصر على توضيحات مقتضبة تصدر عن وزيرين فقط مختصين بالإعلام والصحة، هما سعد جابر وأمجد عضايلة، فيما يغيب على الأقل عن المشهد الإعلامي وزراء التأزيم.
خلافاً لما أثاره من غموض وجدل أمر الدفاع الحكومي رقم «6» بخصوص رواتب العمال والمنشآت بطرفي الإنتاج، فإن وجبة التوضيح الأخيرة للعميد الفراية كانت أكثر تفصيلاً ووضوحاً خصوصاً أنها برزت عبر أثير الإذاعة الرسمية الأردنية. الحكومة قررت إعلان الحظر الشامل لـ48 ساعة كاملة، بحيث لن يسمح لأي شخص أو مركبة بالتنقل وبصرف النظر عن السبب، إلا للمعنيين بالقطاع الطبي. مرة أخرى وخلافاً لما قالته الحكومة، شرح العميد الفراية للناس الهدف الأساسي من يومي الحظر الشامل، حيث يلزم الجميع بدون استثناء في بيوتهم، بما في ذلك حملة تصاريح التنقل وكبار الشخصيات وحتى المسؤولين والوزراء، وفقاً لما حصل في تجربة حظر مماثلة الأسبوع الماضي لـ24 ساعة.
أولاً، قال الجيش إنه «لن يسمح لأي شخص بخرق القرار». وفي الشرح ثلاثة أهداف أساسية تتمثل في تمكين فرق الاستقصاء الوبائي من الوصول للمخالطين بسهولة وأخذ العينات المطلوبة للفحص، خصوصاً بعد توفير 100الف شريحة فحص جديدة بمساعدة من الملياردير الصيني «جاك ما» وبعد مبادرة ملكية.

الهدف الثاني أن القوات المسلحة والأمنية ستعيد خلال الحظر الشامل توزيع نفسها وانتشارها وفقاً للمستجدات. أما الثالث فله علاقة بتجرية ميدانية تقول بأن حركة المواطنين تحت عنوان التسوق تعيق واجبات الأطقم الأمنية والطبية. وخلافاً لكل مرة، توضيحات الناطق باسم خلية الأزمة العسكرية تتضمن حديثاً معقداً عن وضع العاصمة عمان التي وصل الفيروس على ما يبدو أو بدأ يصل إلى أطرافها، وهو السيناريو المتعلق بذروة الانتشار الذي تريد وزارة الصحة واللجنة الطبية الوبائية التعامل معه.
الوضع مسيطر عليه تماماً في بؤرة الفيروس في منطقة محافظة إربد المعزولة شمالي المملكة.. هذا ما قاله الناطق العسكري وهو يبلغ الرأي العام بالرسالة التالية.. «ما زلنا قلقين على النقاط الساخنة التي وصل إليها الفيروس في عمان العاصمة، ونواصل العمل في مختلف المحافظات».
بمعنى واضح، وبعد تسجيل حالات «صفر» في إربد بعد عزلها، وفي ظل الفحوصات التي أظهرت – حسب رئيس مجلس النواب عاطف طراونة – أن الفيروس غير موجود في محافظات الجنوب، يصبح التركيز قوياً مع نهاية الأسبوع الحالي على العاصمة، حيث ظهر الفيروس في أكثر من منطقة.
طراونة كان قد اقترح على الحكومة كتابة «تشغيل» كل القطاعات وإنهاء الحظر ضمنياً في محافظات الجنوب لأنها «نظيفة» من الفيروس، بما في ذلك تشغيل شركات ومصانع ضخمة تساعد في خدمات التزويد للمملكة بصورة عامة، خصوصاً مع وجود ميناء العقبة وشركات الفوسفات والبوتاس في الجنوب. اقتراح طراونة مبكر ومقلق وفقاً لحسابات لجنة الأوبئة، ولم تعلق عليه الحكومة، وقد لا يشكل الحل الأمثل في مسألة تخفيف أحمال حظر التجول جغرافياً، وهي الفكرة التي ينادي بها أصلاً كبار رموز الاقتصاد والقطاع الخاص على أساس تحريك قطاعات الإنتاج.
والأهم لأول مرة يقولها الجيش وليس أي طرف آخر: «قلقون على العاصمة». سياسياً وطبياً، لهذا القلق الوبائي والأمني ما يبرره؛ فالعاصمة مترامية الأطراف جغرافياً وفيها الكثافة البشرية الأهم، والوضع فيها – خلافاً لبقية المحافظات – يحتاج إلى ميكانزمات سيطرة متقدمة خصوصاً أمنياً، مما يبرر قصة «إعادة الانتشار الأمني» وحظر التجول الشامل ليومين.
لكن السؤال عما حصل في العاصمة في تقديرات لجنة الأوبئة ووزارة الصحة خلال الأيام الأربعة الماضية ويبرر القلق. هنا الإجابة واضحة من تلك البيانات الرقمية والصحية المقتضبة، فآخر سبع حالات ظهرت في العاصمة في الاستقصاء الرقمي، وثمة فرق وبائية طهرت إحدى البنايات في العاصمة وموظفين في القطاع الطبي ظهرت عليهم الإصابة.
والمخاوف كبيرة بأن تكون حركة الناس في العاصمة من مسببات الانتشار، خصوصاً بعد ظهور إصابات في اثنين على الأقل من مستشفيات القطاع الخاص الصغيرة، وتقصد عمليات تطهير في العديد من المشافي والمراكز الصحية.
عملياً، تريد لجنة الأوبئة إكمال سيطرتها على إيقاع الفيروس، وتستعد للاشتباك مع حالة معقدة في أحياء ومناطق العاصمة، بعد جهد كبير في المحافظات والأطراف أسس لحالة نجاح كبيرة، وإن كان الاختبار الأكثر قسوة في العاصمة وفي مدينة الزرقاء المكتظة التي ما زالت نظيفة عموماً.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى