اراء و مقالات

الحدود السورية – الأردنية: «حرب مخدرات» وهواجس «طائرات مسيرة»

الجيش الأردني يتهم جماعات إيران ونصائح لعمان بتجنب «التورط»

عمان – «القدس العربي»: بدأت التكهنات والتسريبات وأحياناً «شائعات» تلتهم المشهد بصورة مبكرة جداً عندما يتعلق الأمر بـ»المستجدات الحساسة» على مشهد الحدود الأردنية – السورية ضمن مسار «حرب المخدرات» التي تقول عمان إنها تشن عليها.

الجيش الأردني يتهم جماعات إيران ونصائح لعمان بتجنب «التورط»

يعني ذلك أن ما تحدثت عنه القيادة الأردنية بخصوص احتمالات وسيناريوهات التصعيد شمالي البلاد وعلى الحدود مع سوريا يدخل حيز التنفيذ بصورة درامية قليلاً، وسط التحذيرات من قبل سياسيين ومثقفين أردنيين بالبقاء في منطقة الأمان سياسياً قدر الإمكان، وتجنب التورط مرة أخرى بأي مغامرة لها علاقة مع سوريا، خصوصاً في ظل ظرف إقليمي ودولي حساس للغاية. مسألة الفراغ الروسي في العمق السوري تطل برأسها وهي تداعب وتلاعب هواجس ومخاطر الأمن الحدودي والوطني والقومي الأردني.

تسريبات

والتسريبات التي انتشرت في وقت متأخر فجر أمس الثلاثاء، وتوحي بالتصعيد وتعني فعلاً بأن احتمالات التصعيد قائمة، وبأن بعض الأطراف بدأت تلجأ إلى الدعاية الإعلامية في إطار استحقاقات سياسية يبدو أنها قادمة وغامضة ومجهولة، رغم أن الأردن عسكرياً وأمنياً وسياسياً في حالة تحذير طارئة على أساس احتمالات التصعيد على الحدود، وهي تصعيدات لم تحصل حتى هذه اللحظة خارج سياق ما سمّته مديرية الإعلام العسكري الأردني، أمس الأول، بحرب المخدرات على المجتمع الأردني.
التعبير المستخدم في بيان عسكري أردني على لسان مدير الإعلام العسكري بخصوص حرب مخدرات تشن على المجتمع الأردني، جديد تماماً في قياسات ومقاربات الإفصاح العسكري؛ فقد شرح العقيد مصطفى الحياري بأنه خلافاً لكل مرة، الانطباع بأن المخدرات التي تحاول مجموعات مسلحة ومنظمة تهريبها إلى الأردن كانت في الماضي عبارة عن مهربات ترانزيت، لكن يبدو أنها اليوم تبحث عن الاستقرار في الأردن، مما يعني بأن المجتمع الأردني بات هو الهدف، بصرف النظر عن وجود طرف مستقبل لتلك المخدرات.
تلك هي المقاربة السيادية الأردنية اليوم التي تتحدث عن حرب مخدرات تشن على البلاد.
وهي أدبيات تعني -برأي المحلل السياسي الدكتور عامر السبايلة- ضرورة الانتباه للأيام المقبلة، حيث مفاجآت وكمائن إقليمية من كل الأصناف.
المتهم واضح، وبصورة محددة، الحديث عن مجموعات ومنظمات مرتبطة بجمعيات وجماعات إرهابية تستهدف أمن المجتمع الأردني عبر إغراقه بالمخدرات، وهو متهم أقرب -حسب معلومات الأردنيين- إلى «خليط» بين جهات منفلتة في الجيش السوري ومجموعات تتبع تنظيمات إرهابية، وأخرى تأتمر بالحرس الثوري الإيراني.
طبعاً، لا توجد أدلة وقرائن مباشرة وأساسية ومفصلية تشرح هذه النظرية، لكن الانطباع كبير وسط الأردنيين بأن هذه الحرب تزداد سخونة، وهذه المواجهة أصبحت شبه يومية، فيما الجيش العربي الأردني يتصدى لتفاصيلها بصورة يومية أيضاً.
والانطباع أكبر، بطبيعة الحال، بأن الأردن يواجه عملاً منظماً عبر الحدود المنفلتة مع سوريا وسط اتهامات، هذه المرة، بوجود جهات سورية وأخرى تابعة لميليشيات ومجموعات مسلحة محسوبة على إيران منفلتة، بمعنى أنها تسمح بتجارة هذه المخدرات التي يحاول المسلحون، رغم التصدي لهم ودفعهم لفواتير الدم عدة مرات عبر مواجهة الجيش الأردني، على تهريبها إلى الحدود الجنوبية مع الأردن، وانطلاقاً من مناطق وعرة جداً، مما يدفع القوات الحدود الأردنية لأقصى درجات التأهب واستخدام تقنيات في الرصد والرادار، والملاحقة وسط احتمالات بأن تتطور المسألة مع طائرات مسيرة؛ الأولى أردنية قيد التصنيع، كما قال الإعلام العسكري، تطارد المهربين، والثانية مع تلميحات بأنها قد تكون تابعة للمهربين أيضاً.
تلك اعتبارات ومؤشرات تعني بأن الأجواء مفتوحة فعلاً على التصعيد الآن، وهو تصعيد بدأ بمرحلة التسريبات التي تتحدث عن تجمع القوات على الحدود الأردنية السورية، أو حصول وتوقع المزيد من المواجهات، مما يعني أن الأمر أصبح جدياً، خصوصاً أن الغطاء السياسي وفره الأردن بعد تقارير ميدانية أمنية مفصلة عبر التحذير العلني من انسحاب القوات الروسية في سوريا.
وهو انسحاب ليس سراً أن عمان لا تريده إطلاقاً؛ لأنه يعني مع غياب مظاهر السيادة السورية أو الدولة السورية على الحدود من الجانب الآخر، تكريس نفوذ الجماعات المسلحة اللبنانية والعراقية والإيرانية التي تأتمر بأمر الحرس الثوري، والعمل على تأسيس هدف لها عبر دعم نشاطات إرهابية.
لا يريد الأردن أن تكون حدوده مع سوريا مفتوحة للتصعيد ما بين مجموعات قابلة للتمدد والعودة مثل «داعش» وشقيقاتها، أو جبهة النصرة وبقاياها، وما بين مجموعات الحرس الثوري؛ لأن ذلك التصعيد مضر جداً بمصالح الأردن، فيما لا تعلق حكومة دمشق إطلاقاً على هذه التسريبات والشائعات، ولا على الوقائع المستجدة، ولا تقول إنها بصدد تشكيل لجان أمنية للتفاهم مع الأردن على ضبط نشاطات المخدرات.

«حزب الله»

والمثير حتى اللحظة في المسألة أن العامل الجيوسياسي بدأ يلعب بكل أوراق الجاهزية والاستعدادات، لا بل والاستفزازات أيضاً، فيما بدأت تنطلق مبكراً تلك الأصوات الأردنية التي تدعو للرشد والعقلانية وتجنب أي مواجهة علنية أو يمكن تجنبها مع المجموعات المسلحة في الجنوب السوري وعلى طول الحدود الوعرة مع شمالي الأردن، باعتبار هذه المجموعات مدفوعة بأجندة إقليمية بكل الأحوال، وباعتبار تمويل تهريب السلاح والذخائر والمخدرات هو من الآليات التي تعرف المؤسسات الأردنية تمام المعرفة أنها جزء من عملية تمويل أشمل يعتقد بأن موالين لإيران متورطون فيها، وخصوصاً من قيادة «حزب الله» اللبناني أو «حزب الله» العراقي الموجود اليوم في العراق واليمن وفي جنوب لبنان.
بمعنى آخر، ما سيحصل بعد انتخابات لبنان الأخيرة، وما سيتصدر في اليمن، والمعادلة في العراق، أصبحت كلها عناصر تؤثر بصورة جاذبة ومركزية في أي أحداث لها علاقة بالحدود الأردنية السورية، وهذا مستجد جديد تماماً في المشهد، يعني أن احتمالات التصعيد قائمة فعلاً.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى