اراء و مقالات

«خل وخردل»: محاكمة «الفحل ترامب» … وسموتريتش مع بهارات في «طنجرة ضغط» … قريبا «قمم أمنية» في «الباص السريع»

بقيت محطة «سي أن أن»، وهي تعيد تعليق نانسي بيلوسي، السيدة الحديدية، على محاكمة دونالد ترامب، قائلة «حقا لا أحد فوق القانون».
نعم، يفاجئنا الأمريكيون بين الحين والآخر، بإظهار  قدراتهم الاستثنائية على الإلتزام بـ«مسطرة قانونية».
لكن تلك المسطرة، ومعها شقيقتها «الأخلاقية»، تصاب بإغماء وسبات دوما، عندما يتعلق الأمر بممارسات الكيان الإسرائيلي وجرائمه ضد الشعب الفلسطيني.
ما يقلقنا من تركيز المحطات التلفزيونية، ومن بينها «بي بي سي» و«سكاي نيوز» على «ملاحقة ترامب»، هو أن الحصة الأكبر من الهواء تحظى بها جزئية «دفع أموال لممثلة إباحية حتى تصمت»!
المذيعة على قناة «الجزيرة» سألت المراسل في واشنطن: هل ثمة معلومات عن تلك الممثلة؟
أجاب زميلنا «لا.. لائحة الإتهامات سرية».
نعم، مسبقا ترامب سيفلت من الجزء السياسي في الملاحقة. والسؤال: ما الذي يعنيه التركيز على «علاقة ما» مع ممثلة إباحية لمرشح رئاسي أمريكي، أقام أصلا غالبية حملته الانتخابية، وهو يراقص الممثلات الإباحيات والفتيات العاريات علنا، وفي الشوارع أمام الكاميرات؟!
انتخب الأمريكيون ترامب لأنه «فحل صريح»، ويدير شركة إنتاج فنية متخصصة بالدراما الإباحية، ولا يطارده القضاء الأمريكي، لأنه «اقتطع القدس» تبرعا للإحتلال الوحشي، أو أوقف الإتفاق النووي الإيراني، أو لأنه ارتكب «حماقة كونية»!
بل يلاحق الرجل، لأنه يتعامل مع الممثلات الإباحيات، وتصورنا أن ذلك سيزيد من رصيد خزانه الانتخابي من الأصوات، فترامب له شعبية بحكم تكوينه للعالم السفلي، والفن الهابط، ويقدر، لأنه لا يخفي الأمر، ومنافسوه في الحزبين حتى بايدن «لا يحبون الإباحية»، ويزورون الكنيسة ويخاطبون السماء.
في اختصار، بالنسبة لنا نحن ضحايا الإمبراطورية «الخل أخو الخردل». بالعكس، أي حبة خردل واضحة وصادقة ولا تنكر ذاتها، أفضل لقضايانا من أي»خردلة» تتقمص دور «الخل».
لاحظوا، أننا اقتربنا من «ورشة مخللات»، ونحن نتابع المشهد، والسبب، خلافا لتأثير الصيام ورمضان، هو تلك الليلة التي بقيت فيها شبكة «الجزيرة» في حالة استنفار لمدة 6 ساعات، حتى الفجر، وهي تتابع كل تفصيلات التحرك القضائي ضد ترامب، وهي وجبة تغطية أحصينا فيها 12 خبيرا وضيفا ومعلقا، شاركوا فيها من فرط الاهتمام.

سموتريتش وطنجرة الضغط

أردنيا، تابعت محطة «رؤيا» الفضائية، آخر الحركات الاستعراضية للنواب ضد الحكومة، تحت قبة البرلمان، وخصصت مساحة لمحاولة أحدهم «استجواب» وزير الخارجية أيمن الصفدي، بسبب «وجبة تعيينات».
الوزير بقي شرسا في الجواب، و»أفسد الإستجواب»، قبل تسجيله قانونيا، لكن الأهم تجاهلته المحطة، كما تجاهله تلفزيون «المملكة»، وهو يمارس العبور اللطيف على آخر أنباء «المشاركة الأردنية في قمة شرم الشيخ الأمنية».
وهنا يمكن استعمال «العصفورة»: في أحد الاجتماعات، سئل وزير الخارجية عن «آخر التطورات بعد قمتي شرم الشيخ والعقبة الأمنيتين».
صاحبنا احتفى ب»النصر المبين»، الذي تكوم على شكل «فقاعة هواء» المراوغة، مشيرا إلى أن القمتين حققتا ما لم يتحقق سابقا، وهو «ربط المسارين السياسي والأمني معا».
حسنا، كمراقبين سلبيين وعبثيين، لكل قنوات التلفزيون المصرية، ومعها تلفزيون الحكومة الرسمي في عمان، لم نسمع أي «نبأ»، ولو كان صغيرا عن «أي تطور»، لا في السياسي ولا الأمني.
ما الذي يعنيه بصورة محددة «ربط الأمني بالسياسي»، خصوصا بعد خارطة سموتريتش إياها للأردن تحديدا؟
سؤال صعب، لكن القناة الثانية الإسرائيلية أجابت عليه، وعلى لسان سموتريتش نفسه، بعد «تصويب طروحاته بطنجرة ضغط أمريكية، مع شوية بهارات»، حين قال وزير المالية الإسرائيلي للمذيع «حسنا فليتكفل العالم بإقامة دولة فلسطينية، لكن في مكان آخر».
نحمد الله، الذي لا يحمد على مكروه سواه. أقله «يا متعلمين يا بتوع الفضائيات والمدارس» حققت الدبلوماسية العربية انجازا جديدا مذهلًا، فقد امتنع سموتريتش عن اظهار خارطته، وتوقف عند قوله إن «فلسطين في مكان آخر». أرأيتم، لقد تغير موقف الوزير المتشدد، الذي يمسك نتنياهو من رقبته، جراء ذلك الربط، بين المسارين الأمني والسياسية، مع أن الأوكراني سموتريتش لم يحدد هوية وجغرافية المكان الآخر، ويترك التكهن للعرب.

قمم أمنية والباص السريع

يعني باختصار، نحتاج لثلاث قمم أمنية أخرى، أقترح اقامتها كلها قرب سوق الخضار المركزي، في شرقي عمان، أو في محطة «الباص السريع»،  التي تؤسس فهما متطورا لقصة «السرعة البطيئة»، حتى يتسامح سموتريتش معنا قليلا، ويقدم لنا تفصيلا أدق عن «المكان»، الذي يرشحه لإقامة الوطن البديل، ما دامت الخارطة إياها قد غادرت باريس، بدون «أدنى اعتذار» من حاملها، وبدأت ترفع في المستوطنات!
قلناها لكم في الماضي: هدف المستوطنات، ليس إسقاط المدن المحتلة، فهي محتلة، بل إسقاط بغداد ودمشق وعمان والقاهرة ومكة.
ويوما ما أبلغ راحلنا الكبير الدكتور عبد السلام المجالي، صديقا طبيبا، رحمهما الله أثناء رحلة شفاء ثنائية في أحد المنتجعات الصحية، أنه «نادم على تصريحه الشهير» عند توقيع «وادي عربه»، والقائل» اليوم تم دفن الوطن البديل».
وللعلم، سألت الراحل عن «قناعته الجديدة» قبل عدة أعوام فتجنب نفيها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى