اراء و مقالات

جدة أورسولا الأوروبية مع «برتقالة يافا»… فانتازيا السودان و»حرب البتاع»: قصف النفايات والمخابز والمشافي!

أبدع زميلنا عارف البطوش، عندما اختصر مشهد الفانتازيا في السودان  بإصدار بيان مشترك بين «الجيش» و»الدعم السريع»، فكرته البسيطة «بصراحة إحنا مش عارفين ليش عملنا هيك؟»!
نعم  كل من يتابع حالة الطوارىء في غرفة الأخبار، التابعة لمحطة «الجزيرة» – حفظها الله وأبقاها ذخرا للأمة – لا يعلم بعد، بصورة محددة،  على ماذا يختلف القوم في بلاد الزول؟!
مشهد ممثل الصحة العالمية، عبر شاشة «سي أن أن» موجع، وهو يناشد السودانيين أن  يخففوا قليلا من احتلال المستشفيات، التي تخدم شعبهم، مع خلفية مصورة على الشاشة للرصاص، على طريقة بيروت، على جدران غرفة العمليات، في أحد مشافي الخرطوم.
لا توجد أي رواية متماسكة ومقنعة تفسر أسباب أو سبب الصراع المسلح.
ولا يوجد منطق إنساني من أي صنف، يمكنه أن يقنعنا كمشاهدين عرب محبين للسودان أن رفاق سلاح الأمس تماما في «جهنم» معا، ويقتلون بعضهم البعض، دون فهم أصل الحكاية!

معركة بين «البتوع»

مخجل أن تنقل النسخة التركية من «سي أن أن» أنباء قصف طائرة إجلاء تركية، وهي تحاول الهبوط لنقل الهاربين من القصف.
مخجلة أكثر تلك البيانات التي تعرضها شاشة «الجزيرة» للمتحدثين باسم الطرفين، في معركة واضح أن من يخسر فيها حتى الآن المستشفى والمخبز ومرآب سيارات النقل العام.
قصف المستشفيات  وسرقة سيارات الإسعاف، مشهد رأيناه فقط كونيا بتوقيع ما يسمى «جيش الدفاع الإسرائيلي» الإرهابي، وضد شعبنا في قطاع غزة.
رصدت لقطة لمجموعة مسلحين تائهين يطلقون النار على «ركام»، ثم على برميل نفايات، ولاحقا على دراجة هوائية، مع صرخات وعويل يتقمص لحظة انتصار الذئب الوحش، على شاة مذبوحة ومسلوخة!
غير معقول أن يدعي أي جنرال حرصه على «مصلحة الوطن»، ثم يقصف البنية التحتية، فقط نكاية بجنرال آخر!
نعم هي حرب «منحطة»، ولا معنى أو رواية لها، وسرعان ما تحولت إلى «معارك قبلية» في دارفور، التي عانت كثيرا.
ثمة شعراء وكتاب ومثقفون في الخرطوم. على الأقل واجبهم تزويد صديقنا البطوش برواية ما «أي رواية» تصلح  لاستيعاب عقلنا البشري، خارج تلك السردية المختلة، التي سمعتها من «مصدر مغرق في الإطلاع»، بعنوان يقول إن» بتوع الدعم السريع قرروا فجأة التغدي ببتوع البرهان قبل ما يتعشى الأخير بهم».
حرب ال»بتوع» تلك، تصيبنا بحق بالغثيان.

أورسولا والبرتقالة

حسنا فعل تليفزيون السلطة الفلسطينية الرسمي، وهو يفرد البث لبيان وزارة الخارجية ضد  رئيسة المفوضية الأوروبية، التي تحمل بدروها اسما غريبا بالنسبة لنا نحن العرب، يشبه مسلسل الألقاب، التي كانت تسبق الزعيم الراحل معمر القذافي.
اورسولا فون دير لاين قالت بالحرف في رسالة مصورة لكيان الاحتلال «إسرائيل حولت الصحراء إلى جنة».
لاحقا، حاولت شاشة «بي بي سي» التفاعل والتوضيح، ودخلت  قنوات شبكة «كان» الإسرائيلية على خط الابتهاج، بما قررته ممثلة القارة العجوز من تفهم للظروف الصعبة، التي تعمل فيها «واحة الديمقراطية اليتيمة» في صحراء العرب!
نفاق أوروبا، ليس جديدا علينا معشر العرب. لكن الإنحطاط السياسي معلب عندما يتعلق الأمر بمسؤولة أوروبية قررت «التملق» فجأة لبسطار الجندي!
أغلب التقدير أن الأخت أورسولا لديها «مصالح ما» تتعلق بوظيفتها تطلبت تلك القفزة في هواء كيان الإحتفال، فقد أسر سفير سابق لي أن كل مجاملات السياسيين الأوروبيين للكيان مرتبطة دوما إما بابتزاز أو تعيين أو انتخابات.
ما علينا، لو سألت أورسولا جدتها مثلا عن أول برتقالة التهمتها، عندما كانت أوروبا تحبو بعد صراعات ظلامية دموية، ستبلغ الجدة حفيدتها أن تلك البرتقالة وصلت قريتها من «ميناء حيفا الصحراوي» وأنها بالتأكيد برتقالة فلسطينية، تسبق في عمرها تأسيس الكيان، بتاع تحويل الصحراء إلى جنة.
ولو استفتت جدة جارة جدها لعلمت أن أصدقاء عائلتها تخيلوا يوما أنهم يزورون أجمل المدن الحضارية على حوض المتوسط، حيث يسهرون على شواطئء عكا وحيفا، مع أم كلثوم أو يرقصون الباليه ويستمعون لمعزوفة «بيت هوفن».
فلسطين كانت جنة وإسرائيل بدعم أوسورلا وشقيقاتها حولتها إلى صحراء حقيقية، متجردة من الإنسانية أو محطة لأبشع مجزرة بحق الإنسان والأرض، والصحراء الفلسطينية الوحيدة حولها الكيان إلى «فرن نووي» في النقب!

تهنئة العيد 55

من جهتي يستحق التليفزيون الأردني الحكومي – الذي يصبر كالجمل على الانتقادات، رغم أن «العطب في الشريك»، وهو الحكومة – كل تقدير واحترام، بمناسبة عيد تأسيسه، رقم 55.
هذه المؤسسة العريقة قدمت نجوما كبارا للشاشات العربية، وأبدعت عندما سمح للمهنية فقط بالتزاوج الفني مع «الحرية والسقف»، فيما الزوج المسيطر يمارس كل  عقده في زراعة الفلاتر والنظريات القديمة في طريق زملاء مبدعين، المطلوب منهم العمل وسط ظروف غاية في التعقيد.
نهنىء التلفزيون الأردني والعاملين معه وفيه، ونتمنى أن يقيض لهم الله حكومة تدرك بعد الآن أن مصالحها ومصالح المملكة تتطلب الارتقاء بالسقف، ولو قليلا على الأقل تجاوبا مع مسارات التحديث.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى