تطمينات للأردنيين: «مشاجرات نوابكم بالمعدل الطبيعي»… رصاص «أحول وعبيط» في غزة والخليل وابن علوي مهتم بـ«شبع إسرائيل»
تخيلت في اللحظة الأولى أنه يتحدث بسبب خلفيته كمهندس مقاولات عن نسبة الرطوبة المقبولة علميا في خلطات الاسمنت.
حسنا يظهر رئيس مجلس النواب الأردني المهندس عاطف الطراونة في حوار صريح مع محطة تلفزيون رؤيا يوجه فيه رسالة مهمة، فكرتها باختصار سقوط شعبي لاتفاقية الغاز مع العدو الإسرائيلي.
لاحقا يتداول الجميع وبجنون التعليق الأكثر لطفا فصاحبنا يلمح لأن أربع مشاجرات خلال 60 اجتماعا معدل رقمي طبيعي في البرلمانات.
بصراحة لا أعرف وسيلة القياس والمقارنة هنا، فأنا لم أشاهد في حياتي عضوا في الكونغرس الأمريكي مثلا يخلع حذاءه لضرب زميل له كلما احتد نقاش رقابي أو تشريعي.
حتى في الصين تحصل مشاحنات، لكن لا توجد مسدسات ولا زجاجات مياه تفرض الايقاع، ولا يوجد من يهدد بنتف لحية أحد رموز الوطن.
مشاجرات تحت القبة
نسبة 50% من المشاجرات التي يتحدث عنها طراونة كان بطلها عضو واحد في المجلس اعتذر للشعب عن عصبيته المبالغ فيها فاصطحبه الرئيس معه ضمن وفد عريض يفترض أن يمثل الأردن في اجتماع الاتحاد البرلماني الدولي.
بمعنى آخر تستطيع أن تتسبب بنصف مشاجرات السلطة التشريعية وتهاجم زملاءك وتحاول ضرب بعضهم وتشتم وتتهم وتلجأ إلى التخوين باسترخاء وستمثل بلادك في اليوم التالي أمام شعوب العالم مكافأة يبدو أنها تجنبك لـ50% الثانية التي لم تكن طرفا فيها من المشاجرات.
لا يريد طراونة أن يقول علنا ما يقوله مع بقية نواب الأمة وممثلي الشعب وراء الكواليس، فالمشاجرات التي يفتعلها نواب الأردن وتتحول إلى أخبار عاجلة على التلفزيون الياباني مثلا، وبكل أصنافها مسجلة حصريا بأسماء اربعة فقط من اعضاء المجلس يعتدون على الجميع بين الحين والآخر، دون أي محاولة لردعهم فيصنعون تلك الأخبار السلبية التي تطيح بهيبة وصورة مجلس النواب.
تعودنا على الفاصل الدعائي الشهير الذي يقول «ادخر لنفسك وبنك كذا يكافئك».. اليوم: «إضرب الوزير والزميل واشتم الشعب والسيستم يكافئك بسفرة خمسة نجوم».
هنية و«الخلل الفني»
أعترف ببساطة أنني اندهشت عندما شاهدت تقرير محطة «الجزيرة» الذي يتحدث فيه الشيخ اسماعيل هنية عن «خلل فني» تسبب في إطلاق الصاروخ على تل أبيب الذي أثار الرعب والجدل فتحركت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية مجددا لاحتواء الموقف.
حتى يوسف بن علوي المخضرم وعلى هامش حوارات دافوس الأخيرة يريد أن يقنعنا بأن المقاومة عبثية وأن المنطقة لن ترتاح إلا إذا ارتاحت إسرائيل. والحقيقة أعتقد بأن إسرائيل كيان لا يمكنه ان يرتاح مهما قدمنا له من تنازلات وتنزيلات على بقايا الكرامة العربية فهي كيان احتلالي استيطاني«لن يشبع».
وكل ما في الأمر أن معظم الأنظمة العربية وتحديدا الخليجية تتصور في ان «الصمود والبقاء» طريقه الوحيد التبرع بفلسطين ومعها أغوار الاردن وجزء من مصر.
ما علينا، حماس مثلا لها رأي آخر تحدثت عنه محطة اليرموك: أخيرا وبعد عقود أصبح لدى الجوعى والمحاصرين من ابناء شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة منظومة صواريخ صغيرة يصيبها «خلل فني».
مثل هذا النبأ يبعث على النشوة، فقد تعودنا على القناة الثانية الإسرائيلية وهي تبلغنا بأن اخطاء غير مقصودة نتجت عنها عمليات قصف أطاحت بعشرات الشهداء.
ندعم المقاومة طبعا ودون نقاش ونأمل من الله العزيز القدير أن يزيد من قدرتها على التصويب الدقيق ومجددا أقول بصراحة: أدهشتنا عبارة «الخلل الفني»، لأول مرة في حياتي.
الرصاص الأحول
في المقابل يتحفنا التلفزيون الفلسطيني بمشهد الانتصار الصريح لحركة فتح على حماس في انتخابات هيئة طلاب في جامعة الخليل، حيث سلاح صقور الحركة يتجول ويزأر بالرصاص في جوار الحرم الابراهيمي احتفالا بالنصر الفتحاوي.
الرصاص الفتحاوي «الخليلي» إياه لم نشاهده قريبا دفاعا عن الحرم الابراهيمي أو لإنصاف مطارد او شريد او مشروع شهيد.
وحتى لا نتهم بتعزيز الانقسام نضم إلى حفلة الرصاص «الأحول» رصاص المقاومة الكاذب عندما ينطلق بشوارع غزة لأغراض الاستعراض، الذي لا يقل «عباطة» برأينا عن عباطة سلاح الاخوة وانتخابات الطلاب.
معجزة السيسي
لم نسلم الأسبوع الماضي من زميلنا الإماراتي الذي يقبل «حذاء الشيخ» علنا على الهواء مباشرة حتى أمطرتنا قناة «تين» وعبر برنامج «صباح الورد» بوردة جميلة على لسان ناطق باسم وزارة الاوقاف المصرية اسمه جابر طايع يتحدث عن «معجزة السيسي» التي ترافقت مع معجزة الاسراء والمعراج.
صاحبنا أبو الاوقاف المصرية يريد تقديم وصلة «تسحيج» خاصة تبدو مختلفة عن ما في الأسواق حاليا فقرر الاستزادة من السيرة النبوية العطرة وفبركة قصة تصلح لإعلام «السح إندح بو» الذي اجزم بأن الرئيس السيسي أول من يشعر بالغثيان عندما يشاهده.
على كل حال هؤلاء هم تحديدا «شيوخ الكوكتيل» والخلاطات. بالمناسبة لدينا في الأردن عدة نسخ منهم .