اراء و مقالات

المجموعة العربية في «المواصفة» التي يعتمدها «الوصي الهاشمي»… ما الذي حصلت عليه خارجية الأردن بعد «لقاء عمان»؟

عمان – «القدس العربي»: بيان باسم مجموعة اللجنة الوزارية العربية المعنية بملف القدس والمسجد الأقصى يوفر الغطاء السياسي والدبلوماسي باسم النظام العربي الرسمي للوصاية الأردنية الهاشمية.
هذا ما حصلت عليه تماماً وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية وهي تتفاعل مع تفاصيل وبروتوكولات وخلفيات وتسريبات الاجتماع الوزاري الذي عقد في عمان وبنشاط مكثف صباح أمس الخميس، مع غياب بعض وزراء الخارجية العرب.
عملياً، وفر البيان باسم المجموعة العربية الغطاء لمبدأ «الوصاية الهاشمية». لا بل دخل في التفاصيل ليحدد بأن الوصي الهاشمي الأردني هو المرجع على الحرم القدسي الشريف وعلى حرم المسجد الأقصى، وعلى أساس أن قوة الاحتلال عليها أن تعترف وتقر بهذا السياق التاريخي والقانوني. في التفاصيل تحدث البيان عن المواصفة كما يراها الوصي الأردني من حيث التفاصيل المكانية والزمانية، وفي ذلك انحياز ذكي في الاجتماع التفصيلي بين ثمانية من ممثلي الدول العربية بضيافة الوزير الأردني أيمن الصفدي.
وهي تفاصيل تشير بطبيعة الحال إلى المواصفات والمقاييس الأردنية في الرد على برنامج التقاسم الزماني والمكاني، الذي تقترحه حكومة اليمين الإسرائيلي اليوم. وهو نفسه البرنامج الذي دفع الأردن وبحماسة شديدة أيضاً لعقد اجتماع عمان الطارئ، حيث استقبل الصفدي خمسة من وزراء الخارجية العرب، فيما تغيب عن الاجتماع ثلاثة منهم ولأسباب وأعذار تم إبلاغ عمان بها، خصوصاً تغيب وزيري الخارجية الإماراتي والسعودي، وكلاهما أرسل موفداً لحضور الاجتماع.
في كل حال، اجتماع عمان أمس الخميس لم يعقد بنصاب الرجل الأول في الدبلوماسية للدول الثماني، لكنه يوفر الغطاء اللوجستي والسياسي للحراك الأردني الآن المضاد لحكومة تل أبيب. وعندما يتعلق الأمر بالمواصفات والمقاييس الأردنية، تطرق بيان مجموعة عمان إلى تلك التفاصيل التي تعتبر مرجعية تنظيم أي زيارة لغير المسلمين إلى أي زاوية لها علاقة بالمسجد الأقصى والحرم القدسي هو طاقم وزارة الأوقاف الأردنية، مع تكليف الاجتماع بأن يبقى منعقداً، وتكليف الأمانة العامة للجامعة العربية بالتصرف على هذا الأساس. حتى إن البيان أشار أيضاً إلى حجم المساحة التي ينبغي أن تفرض على أساسها الوصاية الهاشمية، وهي 144 دونماً من الأراضي والعقارات.
المعنى السياسي والدبلوماسي لهذا الحراك واضح تماماً، وهو رفض منح أي شرعية لسلوكين إسرائيليين: الأول هو العودة لبرنامج التقاسم الزماني والمكاني والتدخل في الأماكن الإسلامية المخصصة لصلاة المسلمين وطقوسهم. والثاني هو توفير إطار سياسي عربي أو مظلة سياسية عربية هذه المرة للحيلولة دون بروز أي سيناريوهات مستقبلاً يمكن أن تلجأ إليها الأوساط الإسرائيلية لتستبدل بالرعاية الأردنية أدواراً لدول أخرى، من بينها تركيا أو السعودية أو حتى المغرب العربي؛ بمعنى توسيع إطار إسلامي. وهو ما حصل عليه الأردن بإجماع وبوضوح؛ لأن كثيراً من السيناريوهات والتحريضات وردت في الصحافة الإسرائيلية خلال الأيام العشرة الماضية تحت عنوان التنديد بالوصاية الأردنية الهاشمية والبحث عن بدائل لها.
وبالتالي، لقاء عمان يحسم هذا الجدل ويجدد الثقة والدعم العربي للوصاية الهاشمية وهو يتطرق للتفاصيل. ورغم ذلك، الإشارة إلى أن وزيرين من وزراء الخارجية العرب، السعودي والإماراتي، لم يحضرا هذا اللقاء، وإن كانت الدولتان حضرتا عبر مندوب برتبة دبلوماسية أقل.
وكانت عمان بمعنى أو بآخر حصلت على ما تريده. وبعد الحصول على ما تريده في هذا السياق، استقبل الملك عبد الله الثاني الوفد العربي، وتم إضفاء الشرعية على خطة اشتباك تفصيلية ميدانية بالمستوى الدبلوماسي الدولي، وظهر الموقف الفلسطيني والأردني موحداً في هذا السياق، حيث أيمن الصفدي ورياض المالكي وحدهما في مؤتمر صحافي يوجه البوصلة الدبلوماسية بموجب ما تتقرر في اجتماع عمان، وفي مسلك يظهر بأن أصل شرعية الوصاية الأردنية أصلاً على ضفتي نهر الأردن.
على نحو أو آخر، يمكن القول بأن هذا الاجتماع حقق سنداً ووفر ذخيرة لأي حراك يمكن أن تقوم به المؤسسة الدبلوماسية الأردنية، خصوصاً أن العاهل الملك عبد الله الثاني قرر، وبصورة علنية، الاشتباك مع الخطة الإسرائيلية الجديدة.
وهو أمر يغضب تل أبيب وحكومة الائتلاف بقيادة نفتالي بينت بطبيعة الحال كما لم يحصل من قبل، بدلالة حجم ومستوى الهجوم في الصحافة الإسرائيلية اليمينية من خمسة أيام، على موقف الأردن، مع تذكيره بأن إسرائيل تقدم له المياه، وبأن العلاقات كانت دوماً إيجابية إضافة إلى تذكير الأردنيين بأنه يوجد بعض الأطراف المتطرفة في المجتمع الإسرائيلي التي تعتبر أن الأردن هو فلسطين.
عملياً، المثير والمهم في اجتماع عمان الوزاري أنه انعقد في ظل توتر غير مسبوق في العلاقات الأردنية الإسرائيلية، التي كانت دوماً علاقات قابلة للطي وفيها قدر كبير من المرونة.
لكن الأزمة كبيرة بين الحكومة الأردنية اليوم وحكومة اليمين الإسرائيلي، بدلالة الاعتراض الإسرائيلي الكبير على مضمون خطاب رئيس الوزراء الأردني تحت قبة البرلمان الأسبوع الماضي، حيث كان الدكتور بشر الخصاونة قد تحدث عن «تدنيس متطرفين صهاينة للمسجد الأقصى».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى