اراء و مقالات

ملفات حساسة قيد المراجعة الحادة في الأردن: منظومات «التهريب» وإدارة ملف «الانتخابات ـ البرلمان» والمعابر

بعد الإفراج عن النائب العدوان… إغلاق صفحة «مقلقة ومزعجة»

عمان ـ «القدس العربي»: أغلب التقدير في المشهد السياسي والبرلماني وحتى الأمني الأردني اليوم أن قرار الإفراج عن النائب عماد العدوان يغلق صفحة كانت «مقلقة ومزعجة» وفيها الكثير من الرسائل والدلالات العميقة، لكنه «يفتح صفحة أخرى» بالمقابل محلياً وداخلياً وسياسياً، عنوانها الأهم هو الإجابة عن السؤال المركزي الذي أثارته أصلاً قضية العدوان، وهو: لماذا حصل أصلاً ما حصل وكيف نضمن ألا يتكرر؟
رغم بساطة هذا السؤال، إلا أنه «كبير وضخم» في دلالاته العميقة. ومن المرجح أن الأولوية كانت بالنسبة لمركز القرار هي الضغط وبشدة واستخدام كل الوسائل والتقنيات لتأمين إعادة العدوان والإفراج عنه إلى بلاده. وهو ما حصل في عملية منسقة بقيت في الظل طوال أسبوعين ونجحت الدبلوماسية الأردنية في إنجازها بالنهاية بدعم مباشر وأساسي من الملك عبد الله الثاني.
وبعد التمكن من إنجاز تلك الأولوية، يصبح السؤال مشروعاً مجدداً: لماذا حصل ما حصل؟ وما الذي ينبغي أن يتخذ من إجراءات حتى لا يتكرر؟
القاعدة التي تقول «لنفعل ما نستطيعه الآن ونؤجل ما لا نستطيعه» قد تكون هي الفيصل، وإن طرح السؤال داخل منسوب دوائر القرار وعلى طاولاته يعني التطرق إلى العديد من المفاصل الحساسة.
جزء من تلك المفاصل له علاقة بحيثيات مسألة التهريب نفسها على الحدود الطويلة التي تربط الأردن بفلسطين المحتلة، والاعتقاد سائد اليوم بأن إجراءات غير مسبوقة يفترض أن تتخذ في هذا الاتجاه، فتلك لم تكن المرة الأولى التي يتم فيها تهريب سلاح أو طيور أو ممنوعات إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة. وعمان لاحظت بأن وسائل الإعلام الإسرائيلية اتهمت النائب العدوان ليس فقط بتهريب أسلحة وكميات من الذهب، بل بتهريب سجائر إلكترونية وبعض أنواع الطيور أيضاً.
اللافت هنا وبصرف النظر عن طبيعة ونهايات التحقيق المحلي مع العدوان بعد تجريده من حصانته الدستورية، أن عمليات التهريب برمتها على حدود فلسطين المحتلة ولأسباب إسرائيلية، تحظى بشرعية دائمة في الوجدان الشعبي العام. وبكل حال، ملف التهريب كما فتح على مصراعيه على الحدود الأردنية السورية بحملات أمنية مكثفة ومنتجة وفرت الحماية للأردنيين أغلب التقدير أن معادلة المهربين بصرف النظر عن دوافعهم وطبيعة منتجاتهم التي يحاولون تهريبها إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة ـ فتح أيضاً على مصراعيه. وثمة حملات أمنية بالتأكيد في الطريق ومتابعات.
الجزء الثاني في الأولويات الآن هو دراسة ليس فقط طبيعة وهوية ما يفعله في المستوى الفردي بعض أعضاء مجلس النواب الحالي، ولكن مستقبل العملية البرلمانية نفسها، والأهم مستقبل الخيارات الانتخابية المتعلقة بالبرلمان.

بعد الإفراج عن النائب العدوان… إغلاق صفحة «مقلقة ومزعجة»

النائب العدوان ورغم أن قضيته تبدو ليست نضالية ومرتبطة بحسابات تجارية، وهو أمر طبعاً متروك لسلطات القضاء العسكري الأردني المستقلة، لكنه النائب الثالث الذي ترفع عنه الحصانة لأسباب جنائية.
تم رفع الحصانة عن النائب أسامة العجارمة في ظرف يعرفه الجميع، ثم رفعت عن النائب محمد عناد الفايز بعد رسالة مثيرة لدولة مجاورة طالب فيها بعدم تقديم المساعدات لبلاده.
ولاحقاً، رفعت صباح الأحد بعملية متسارعة عن النائب عماد العدوان، الأمر الذي يثير عشرات الأسئلة حول كيفية اختيار النواب ومساعدتهم، لا بل والأهم كيفية ضبط أدائهم الفردي بعد الآن ومستقبلاً، ومنع هذا الأداء من التأثير على مصالح وحسابات الدولة المركزية.
البند الثالث في جدول الأولويات على الأرجح سيكون محاولة بناء سيناريو للإجابة على الظروف والملابسات التي أدت إلى عملية تهريب كشفها الاحتلال الإسرائيلي وحاول اليمين استثمارها فيه، ونتج عنها إحراج كبير في البعد الرسمي الأردني، ومتابعات وصمت هادئ وعمل دبلوماسي منتج طوال أكثر من أسبوعين تم خلالهما توجيه سلسلة من الاتهامات للنواب وللحكومة.
مراجعات بالجملة في إطار المنظومة الأمنية البيروقراطية ومنظومة المعابر والحدود أصبحت الآن بين الأولويات والاستحقاقات. وهذا يعني بكل صراحة ووضوح وجود أشخاص وأفراد يتحملون المسؤولية.
ولاحقاً، عملية «تصويب إدارية» وعواقب بعد «التقصير» سيتحملها موظفون كبار ومتوسطون، إضافة إلى وجود حملات أمنية شرسة بالقياس الذي خاضته القوات المسلحة الأردنية وهي تعلن حربها على المخدرات القادمة من القطر السوري الشقيق.
متوقع إجراءات قد تكون قاسية أو غير مسبوقة في سياق حرب الدولة على الشرائح التي تتجاوز القانون وحسابات ومصالح الدولة بعد الآن، وبعض حلقات المسؤولية ستتكلف أو تتعدل أو تتغير، والنظرة أساساً بعد الاختراقات المحرجة في طبقة «نواب منتخبين» ستتبدل في عقل الدولة المركزي في مسألة «الانتخابات» أولاً، أو يفترض أن تتبدل، وثانياً ستعيد قراءة منظومة السيطرة والتحكم في الملف البرلماني.
ومبكراً، قد تكون عملية التحقيق مع العدوان واتهامه بتهريب الأسلحة من حدود المملكة الدستورية إلى طرف آخر أو جهة أخرى أيضاً محاكمة مقلقة إلى حد ما وفيها الكثير من التقاطعات، لكن هيبة الدولة الأردنية على المحك، وطبيعة إداراتها لملفاتها الدبلوماسية على المحك.
أما في البعد السياسي، فمن المرجح أن تتخذ إجراءات على صعيد الأدوات والتغييرات على صعيد بعض الموظفين في مناصب الصف الأول خلافاً للدروس السياسية المطلوبة والمراجعات التي ينشدها الجميع الآن بعد ما حصل من النائب العدوان على طريقة التفكير باختيار النواب ودعم بعضهم دون الآخر. والمقاربة هي ما بين كلف وفواتير النواب المحسوبين على تيارات الولاء الرسمي والنواب الذين ينتمون للمعارضة. العديد من الاعتبارات على الأرجح في سياق المراجعة الآن.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى