اراء و مقالات

«آكشن محتمل»… الأردن: مجموعة «توكسيدو»: تمكين أم تكريم؟

عمان- «القدس العربي»: اختار الناشط الإعلامي الأردني محمد الخطيب عبارة لطيفة للتحدث عن توقعات محتملة، مشيراً إلى أن الكثير من الآكشن -على حد تعبيره- قد يبرز هذا الأسبوع.
وأغلب التقدير أن المقصود بـ”الآكشن” هو تلك التغييرات الكبيرة التي لا تزال منتظرة، وقيل إنها ستعقب زفاف ولي العهد في المشهد السياسي والداخلي والمحلي الأردني على صعيد الرموز وكبار الموظفين.
بورصة الأسماء والتبديلات والمناقلات والتغييرات اشتعلت مجدداً كالعادة بانتظار الحسم الملكي.
وبعض كبار الموظفين تحت انطباع يقول ان التغييرات المتوقعة قد لا تنتظر لنهاية الشهر كما قيل سابقاً؛ لأن تفاصيل ورسائل وألغاز ودلائل حفل عرس ولي العهد عناصر قلصت السقف الزمني في توقعات التعديل والتغيير، إضافة إلى أنها لعبت دوراً كبيراً وملموساً في تزايد طرح الأسئلة.
تفصيلات عرس ولي العهد كانت لها آثار وبصمات كبيرة في وجدان الأردنيين وانعكس ذلك على سلسلة كبيرة من المقالات والآراء والاجتهادات التي تلح وتضغط بسؤال: ما الخطوة التالية؟
في الأجندة الزمنية انطباع قوي بأن دورة صيفية استثنائية لمجلس النواب دخلت على برنامج العمل. والانطباع متاح أيضاً بأن تركيبة مجلس الأعيان المحلية أصبحت محط استفسار وسط أنباء وتكهنات عن إعادة رسم الصورة والملامح والتركيبة.
يتردد في سياق المناقلات والتغييرات بأن شخصيات جديدة من المرجح أن تتسلم واجباتها في الطاقم العامل في مؤسسة القصر استشارياً وإدارياً، لأن صورة الانضباط والاحتراف الذي ظهر على هامش احتفالات وابتهاجات زفاف ولي العهد رفعت من مستوى ليس التوقعات فقط ولكن المعايير أيضاً، ولأن الأخطاء البسيطة التي رصدت أغلبها في المسار المرتبط بالتغطية الإعلامية.
وهنا طبعاً تكثر التقولات عن طاقم جديد ينضج الآن في البعد الاستشاري وعن مهام خارج المؤسسة المرجعية لبعض الموظفين الكبار قريباً.

رئيس وزراء جديد

لا تترك الترشيحات أيضاً أي توقع له علاقة باحتمالية الاستعانة برئيس جديد وبمهام سياسية للديوان الملكي مع بقاء رئيس الديوان الحالي يوسف العيسوي في الخدمة والموقع بكل حال، بسبب دوره الكبير في احتواء الانفعالات والأزمات والقيام بواجباته بمهنية رفيعة وبأقل صخب وضجيج ممكن.
مجموعة “التوكسيدو” كما وصفت في الإعلام الإلكتروني، أثارت الانتباه.
والمقصود هنا التثبيت والبقاء أو التكريم والرحيل في الوقت نفسه، حيث 6 من كبار المسؤولين ويمثلون رؤساء السلطات والمناصب العليا فقط ظهروا بصورة يرتدون فيها بدلة “التوكسيدو” خلال حفل العشاء الخاص والاستثنائي الذي أقامه الملك عبد الله الثاني لكبار ضيوف المملكة بمناسبة الزفاف.
بين هؤلاء وزير واحد فقط، هو وزير الخارجية أيمن الصفدي. وهؤلاء جميعاً ارتدوا الأوسمة التي يحوزونها مع بدلة “التوكسيدو” المخصصة للاحتفالات الرسمية الملكية.
وحتى لا يتشتت الانطباع ولا النتائج، فارتداء تلك البدلة لا يعني الثبات والتمكين، وقد يعني لفتة تكريم قبل المغادرة والرحيل خصوصاً إذا ظهرت ملامح خريطة طبقة سياسية جديدة تناسب أكثر تلك الدلالات العميقة مرحلياً والتي ظهرت في إطار العلاقة بين الشعب والمؤسسة على هامش الزفاف.
بعيداً عن الأوسمة و”التوكسيدو”، تبدو الحاجة للتغيير متطلباً إجبارياً اليوم ليس فقط لأنها نتاج موضوعي لبطء وزحف عمل الفريق الموجود في مسار التمكين الاقتصادي أو لافتقاد حماسة السلطة التنفيذية لبرنامج التحديث السياسي، وليس فقط لأن مراكز القرار تكتشف فجأة بأن من يتحدثون عن الإصلاح الإداري المهم لا يضعون مضامين حماسية لإنجازه.
أزمة المحتوى والمضمون ظهرت في الطبقة والنخبة، والقوة الإدارية الكامنة التي أدهشت الجميع في الزفاف تحديداً لفتت النظر إلى صعوبة شراء وتصديق تلك الروايات عن عجز الإدارة الأردنية؛ ولكن قد ثبت العكس تماماً واكتشف الجميع اليوم بواسطة دلالات العرس إياه بأن الإشكال في أزمة القرار والقادة وليس في أزمة الإدارة.
في المقابل، إعادة صياغة محتوى الخطاب الوطني أصبح الآن إلزامياً أكثر بعد مفاعيل الزفاف التي خلطت أوراق الإدارة والنخب، لأن أغلبية رموز الإدارة في كل المؤسسات تقريباً بنت مجدها على فكرة ضبط الشارع ووجود مشكلة في موقفه وضرورة السيطرة عليه ونواياه السلبية السوداوية.

التشكيك في ولاء

وبنت مجدها أيضاً على فكرة التشكيك في ولاء الناس للدولة وللمؤسسة، فيما قال الزفاف بوضوح عكس ذلك كله.
بكل حال، المعطيات تبدلت قليلاً بـ “صدفة وطنية مثيرة”، وإن تبادل الرسائل بين المستوى المرجعي والناس في الشارع من كل مكوناتهم وصل إلى مناسيب عميقة جداً تساند الآن فكرة تغيير الأدوات، وإن كان المطلوب -في رأي سياسي خبير مثل الدكتور ممدوح العبادي- نظرة مقاربة منتجة أكثر للسيناريو نفسه أو للمنهجية التي تحترف اختيار أدوات ورموز.
بعض الاختيارات تؤسس بانتهازية شديدة مساحتها بناء على التشكيك بالأردنيين عموماً وبنواياهم وولائهم.
ثمة ما يوحي بأن النهج يفترض أن يتغير، وثمة ما يوحي بأن فترة الترقب لنهاية الشهر تبدو عصيبة على بعض الأطراف والرموز.
وفي الأثناء، على الأرجح لا دلائل أو قرائن قوية على تغيير وزاري في هذه المرحلة، بل تسريبات عن ضوء أخضر لتعديل قد يشمل خمسة وزراء بارزين، ومؤشرات على إعادة تفويض المكتب الدائم لمجلس النواب بالاستثمار في الوقت المتبقي لعمر البرلمان بهدف بناء نمط مأسسة جديد، وإن وارتداء بدلة “التوكسيدو” هنا اختبار وتفويض جديد قد يلقى في مرحلة ما إنذاراً من طراز خاص يهدف بعمق إلى رفع مستوى الإنتاجية والأداء وإلا.
ثمة تغييرات أخرى منتظرة، وليس سراً أن إيقاع بعضها قد ضبط على توقيت الملف الذي أحرج الجميع قبل أسابيع باسم عضو سابق في البرلمان اتهمته إسرائيل بتهريب الأسلحة، حيث لا تزال بقايا هذه القصة عالقة.
ومن المرجح في المقابل، إعادة تموضع في مسألة تحديث المنظومة السياسية والأحزاب بعد أخطاء ارتكبت وتم الإقرار بها داخل المؤسسة وليس خارجها.
وبعد رسائل مشوشة وصلت للرأي العام فيما يقر الجميع وعلى رأسهم كما فهمت “القدس العربي” رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات موسى المعايطة، بأن انتخابات 2024 محطة في غاية الأهمية لفهم مآلات مشروع التحديث نفسه، فيما الفرصة متاحة لمنطق خطوة وإعادة تنظيم مرسومة بالبيكار الدستوري على أساس أن مؤسسة ولاية العهد التي تمثل تطلعات الأردنيين وأشواقهم لمستقبل مستقر تموضعت أكثر، وستتموضع وهي قادمة للاشتباك مع التفاصيل، مما يتطلب رفع مستوى الجاهزية والإنذار عند النخب والمفاصل.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى