اراء و مقالات

الأردن: تغذية الخلافات مع الإخوان وغياب «رغبات التحاور»

أصل الخلاف مع الأوقاف برز مع إعلان الوزارة رصدها لمخالفات مالية وإدارية ولشكاوي من المجتمع بخصوص مراكز تحفيظ القرآن الكريم.

عمان ـ «القدس العربي»: أي قراءة ولو على سطح الحدث في المواجهة المفتوحة بتوقيع وزارات أردنية بينها الأوقاف والثقافة مع الحركة الإسلامية تظهر مجددا مسألتين.
الأولى: صعوبة التدقيق في الروايات عندما تتحرش السلطة بالمعارضة الوطنية أو العكس.
وثانيا: توفر مادة سياسية أو عابرة للقرار البيروقراطي السياسي تشير إلى ان بعض الأطراف في المعادلة الرسمية المحلية لديها رغبة ما ولغرض مجهول في العودة لمربع الاشتباك مع جماعة الإخوان المسلمين رغم انها اليوم جماعة أميل إلى الهدوء الشديد والنعومة وترشيد الاشتباك في القضايا الشعبية أو الشعبوية خلافا لأنها ترسل ولو عن بعد رغبات الحوار والتلاقي مع الإدارة العليا للدولة ومع الحكومة وحتى مع المستوى السيادي.
يبدو ان الطاقم الذي يدير الأمور في بعض الوزارات ومنها الأوقاف حصريا لديه تصور مختلف لكن غير معروف حتى اللحظة ما إذا كان هذا التصور يمثل الحكومة الحالية أو متوافق عليه أو لديه أجندة أبعد وأعمق مما يقال على سطح الحدث بعد فتح ملف قضية مراكز تحفيظ القرآن الكريم.
تحصل بطبيعة الحال مثل هذه المماحكات أحيانا لسبب في الأردن وأحيانا بدونه. لكن في الجولة الأخيرة من افتعال مواجهة مع الإسلاميين تحت عنوان شرعي ديني ووقفي تنظيمي ولاحقا افتعال التيار لمواجهة ردية تحت عنوان «قانون حقوق الطفل» ينمو مسار الاتهامات وتتقلص مساحات «الحوار والتفاهمات» فيما الخلاف يمكن أصلا الاستغناء عنه بسبب حساسية ظروف المنطقة والتوقيت.
الأهم بروز صعوبة تفكيك ألغاز المواجهات عندما تفتعلها أو تركب موجهتها بعض التعبيرات البيروقراطية في الحكومة أو الكلاسيكية في التيار، مع ان المناخ الوطني العام يؤشر على حكومة «محظوظة» على تعبير عضو مجلس الأعيان خالد بكار وهو يصر على لفت نظر «القدس العربي» وغيرها إلى وجود خطط ومشاريع وطنية أفقية اليوم منتجة من بينها مشروع تحديث المنظومة السياسية وآخر تحت عنوان الرؤية الاقتصادية وثالث بعنوان القطاع العام والإصلاح الإداري.
يميل البكار وينضم له آخرون إلى التعاطي بإيجابية مع التحذير من أي محاولات لاستغلال الظرف العام ومن جهة أي مكون سياسي في الشارع.
بالمقابل فجأة وقبل أسابيع قليلة صرح وزير الأوقاف محمد خلاليله «إنهم يهاجموننا».
المراقبون في حالة بحث عن الأسباب التي تحول دون حصول «تفاهمات» بين الحكومة ومستويات القيادة في الحركة الإخوانية رغم أنه لا بيانات حتى اللحظة باسم جماعة الإخوان المسلمين ضد الحكومة مع بروز ترشيد في لعبة اللجوء للشارع وتطورات يفترض انها ترضي الإسلاميين في «التواصل مع حماس» وآمال في احتواء ملف أزمة نقابة المعلمين التي خضعت لـ«شيطنة» غير مبررة.
«الظرف عموما حساس والوطن يحتاج للجميع»…هذا ما قاله القيادي الشاب في الحركة الإسلامية الدكتور رامي العياصرة وهو يحذر من «هجمة بعض الوزارات» على المجتمع بكل مكوناته وليس العكس.
بكل حال قد تكون لوزير الأوقاف أو لغيره من كبار المسؤولين وجهة نظر واعتبارات وظروف أو توجيهات متفق عليها، هذا وضع لا ينازع أي مسؤول فيه أحد.
لكن السؤال ينتقل للوسطين الإعلامي والسياسي فورا: في زمن تحديث المنظومة هل البروز بإشكالية جديدة مع جماعة الإخوان والبحث عن صدام معهم مطلوب أو متوافق عليه في الدولة؟
طبيعي ان يبحث العياصرة ورفاقه عن إجابة على هذا السؤال الآن.
وطبيعي ان يصر الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي الشيخ مراد العضايلة دوما ومجددا على انه لا مصلحة لأي طرف بالعودة لمناخات التصعيد مع مكونات ونسيج المجتمع، وان الحاجة ملحة وجدا للتنفيس عن الاحتقان وسط الناس وتوفير ملاذات الحماية الوطنية حتى للمؤسسات التي تحتاج لإصلاح أكثر وقبل غيرها حيث سيناريو التضييق والتصعيد والتدخل بالحريات كان ويبقى عدميا بامتياز.
أصل الخلاف مع الأوقاف برز مع إعلان الوزارة رصدها لمخالفات مالية وإدارية ولشكاوي من المجتمع بخصوص مراكز تحفيظ القرآن الكريم.
قال طاقم الأوقاف انه لا ينشد إلا مواجهة التجاوزات والمخالفات والتنظيم والإشراف وخضوع جميع المؤسسات ذات الطابع الديني إلى مجريات القانون واللوائح.
ويقول الناقدون بان الهدف قد يكون أبعد وأعمق لا بل سياسيا أخطر ورسالته مقلقة وتحاول التستر تحت هتاف تنظيم الأمور في الجمعيات لصالح برنامج أبعد يستهدف هوية الأردنيين الإسلامية والعروبية.
كلاهما لا يقدم أدلة وقرائن مقنعة على السرديتين.
لكن مهم الانتباه إلى ان الاشتباك في ملفي الأوقاف وحقوق الطفل وقبل ذلك المعلمين ليس أكثر من مشروع لتقديم «وجبات جاهزة» تغذي الخلاف الرسمي مع الإسلاميين بين الحين والآخر ودون آمال بفتح حوار حقيقي يطالب فيه المعارضون وتعتبره السلطة «دلالا لا مبرر له».

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى