نعاتب الأرز: بيروت وهي تبحث عن «سماعة طبيب» لطفل فلسطيني و«عوني مطيع شو» بنكهة الدراما التركية
اختصرها الزميل معتز مطر، وهو يصرخ نثرا في برنامجه الشهير على محطة «الشروق» تعليقا على حادثة وفاة الطفل الفلسطيني محمد وهبة… «يا ولدي لا تبحث للعرب عن كرامة وإنسانية». واختصرتها فيروز قبل الجميع حينما أنشدت «لا تندهي ما في حدا».
أي غفران يرتجيه الشقيق العربي من «الفلسطيني» بعد كل هذا «الموت والمنع» المحيط به من العربي قبل العدو الصهيوني؟!
لا نريد التحدث طويلا عن موت الطفل محمد وهبة، لأن مستشفيات لبنان رفضت استقباله، فالفقير اليوم – بصرف النظر عن هويته – أمامه خياران الثورة أو الموت وأنا أصوت لخيار الثورة. «العتب» أكبر من جبل «أُحد» على كل المتشدقين بالعروبة والقومية والثقافة والفن في لبنان الأرز.
ما هي بصورة محددة فائدة الأغاني والتيارات وحزب الله وحركة أمل والسيد الرئيس وأناشيد العيد وقصر بعبدا والمختارة والضاحية، بجناحيها إذا لم يجد طفل مستضعف سماعة طبيب تؤجل موته قليلا؟!
ما فائدة الأغاني والتيارات وحزب الله وحركة أمل والسيد الرئيس وأناشيد العيد وقصر بعبدا والمختارة والضاحية، إذا لم يجد طفل مستضعف سماعة طبيب تؤجل موته قليلا؟
ثمة ما هو مخجل جدا في المشهد. محطة «المنار» مثلا تجاهلت الأمر تماما وكأنه «حادث عند الجيران»، بينما خاضت بإسم «المقاومة» حربا ضروسا في سوريا، لأن أحد المرتزقة حاول تلويث قبر «السيدة زينب». حياة طفل لاجىء في أي مكان أهم من كل القبور والمعابد. بدورها، لا تشعر القناة الثانية في تلفزيون «خادم الحرمين الشريفين» بأي خجل وهي تتشدق باستعراض «الأموال» التي دفعت للقضية الفلسطينية، فيما «تمنع مناسك العمرة وفريضة الحج» عن الفلسطيني إلا بوثيقة توطينية.
حتى قنوات النيل وعددها 50 لا تنشر أي معلومة عن حصار قطاع غزة. قالها الفلسطيني جدا أحمد الشيخ مبكرا «لو كانت شواطئنا حرة لسهر العرب عندنا كل ليلة». لكن، أيها الفلسطيني أنت «الحر» وعروبتنا برمتها في «الإحتلال»!
عجة دون بيض
كيف يقترح الراغبون في الحكومة والشارع في الأردن تقليص ميزانية محطة «المملكة» عن طريق إعداد طبق العجة بدون «تكسير البيض».
تقول الأنباء إن وزارة المالية بصدد ترشيد النفقات على هذه الشاشة التي أثارت الجدل وولدت ولادة متعسرة بعد 4 سنوات من الحمل .
اتفقنا مع محطة «المملكة» أو اختلفنا هي «نبتة برية» وسط العتمة حركت الأجواء تلفزيونيا في البلد.
لا تعجبني كاميرا المملكة إطلاقا عندما «تعبث بالتغطية» وتتذاكى لصالح النص الرسمي فقط.
لكنها تبقى شاشة حيوية وديناميكية وبددت شعورنا بالرتابة المزمنة عندما يتعلق الأمر ببرامج وشاشات «فوائد الميرمية».
طبعا الاستمرار في تقديم أداء فني ومهني رفيع يحتاج للمال.
ومن غير المنطقي أن يطال التقشف شاشة وليدة للتو لا تزال تحبو، فمن يريد اليوم المنافسة والتحكم بالايقاع وتطبيق نظريات معلبة عن تلفزيون الخدمة الاجتماعية عليه أن يدفع مالا. إطلاقا وفي الحالات كلها لا يمكن قلي البيض بالمياه بدلا من الزيت. ولا يمكن طبعا إعداد العجة بدون تكسير البيض، ورغم كل شيء نصوت لصالح الحفاظ على هذه الشاشة ودعمها .
أسكوبار إياه
لكن الشاشتين، ونقصد «المملكة» والتلفزيون الرسمي تجاهلتا تماما البعد الحقوقي والقانوني، حتى لا نقول الإنساني في «استعراض ممل ومضجر» وطويل بقدر المسلسلات التركية يحمل إسم أسكوبار الأردن ورجل التبغ عوني مطيع.
تماما الشعب الأردني برمته لم يسمع بإسم الرجل إطلاقا إلا قبل ستة أشهر وحتى اكتشفنا فجأة أننا نلتهم ومنذ عام 2004 سجائره المزيفة والهاربة من الجمارك و«اللذيذة» في الواقع مثل كل ما هو غير قانوني، أبعدنا الله وإياكم عن كل ما هو غير شرعي.
ورغم شعورنا أن قصة إمبراطور التبغ حظيت بمبالغة درامية، خصوصا من رئيس وزراء «إستشهادي» ضد الفساد مثل الدكتور عمر الرزاز، إلا أنها تخفي ما هو أعظم «تحت السجادة».
ما علينا، الرجل متهم ومطلوب للقضاء ويحضر للبلاد من الخارج «مخفورا»، حسنا هذا أبهى ما في العدالة عندما تتحرك .
القبض على مطلوب لا تستدعي الاحتفال ولا البهرجة الخداعة فهي في صلب الواجب الرسمي الذي يدفع الناس كلفته
لكن التصوير والسماح لكاميرات التلفزيون بالتقاط صور للرجل مقيدا بالسلاسل، وفي المطار ثم إظهاره بزي السجين الأزرق مخالف بوضوح للقانون وللمألوف البيروقراطي. حتى الإرهابيين لم تفعل بهم الحكومة ذلك، لكن المشهد لزوم تلك الروح الفدائية التي تسيطر على ايقاع حكومة قررت كسر ظهر الفساد وخالفت التقاليد القانونية وهي ترتدي ثوب حكم القانون والمؤسسات.
شخصيا – وكلامي لن يعجب كثيرين – اعتبر القبض على مطلوب أو متهم أو مجرم خطوة جيدة، لكنها لا تستدعي الاحتفال ولا البهرجة الخداعة فهي في صلب الواجب الرسمي، الذي يدفع الناس كلفته من تلك الضرائب والجمارك التي تهرب منها النجم إياه.
تحية… خاصة
نشعر بالزهو فعلا عندما نتابع برنامجين على «أم بي سي»، الأول بإسم «لفة السعودية» والثاني عن المواهب بقيادة المايسترو الكوميدي أحمد حلمي.
طفلة سعودية تخترع نموذجا لإنسان آلي ..طبعا خبر مفرح.
كذلك فتاة سعودية حضارية مغامرة تتسلق وتركب الدراجات وتظهر في العالم وتتحدث باعتزاز عن بلدها.
هذه صورة محببة وينبغي أن تكرس روحا جديدة للشعب السعودي الشقيق ونتمنى فعلا التركيز عليها تنمويا بعد إغلاق صفحة «الوحل التكتيكي»، الذي غرقت فيه.
مدير مكتب «القدس العربي» في عمان