أثناء القصف… رسائل «أردنية»: لا «خصومات» للإسلاميين… لوجستيات «الطيران» تفوقت و«الفنادق» استفادت

عمان ـ «القدس العربي»: السياسي الأردني عند جزئية إدارة وتدوير زوايا المصالح في ظل أزمة التصعيد العسكري الأخيرة بين إسرائيل وإيران، هو دلالات على خارطة الطريق السياسي لا تقرأ النتائج والتداعيات كما يقرأها الجمهور.
مبكراً، وجهت الحكومة ألأردنية رسالة إجرائية وسياسية بامتياز تلفت النظر فيها إلى أن أجواء الاحتقان العسكري والحرب وتطورات الإقليم لا تعني ولن تعني إظهار أي مساحة مرونة أو تساهل لها علاقة بملف التيار الإسلامي، وحصراً بالتحقيقات الشهيرة والعميقة التي أعقبت حظر الجماعة الأهم والأقدم في تعبيرات الإسلام السياسي.
قيل للإسلاميين وللرأي العام مبكراً، إن التحقيقات استمرت وإنه لا خصومات تحت عناوين أي تسوية سياسية بسبب التصعيد العسكري الأخير إقليمياً، بدلالة أن التحقيقات تواصلت، واللجنة المكلفة بمصادرة أموال الجمعية المحظورة أرسلت ملفاتها للنيابة، لا بل أيضاً بدلالة حصول اعتقالات واستدعاءات لأغراض التحقيق حصراً في ملف مالية جمعية الإخوان المحظورة، طالت شخصيات بارزة في الحركة الإسلامية أثناء تبادل القصف الذي علقت وسطه الجغرافيا الأردنية بين تل أبيب وطهران.
استدعاء قياديين من وزن جميل أبو بكر، ثم مراد العضايلة، واستدعاء آخرين أثناء مناخ الحرب، كان رسالة سيادية تعيد الترقيم والتسمية في الاتجاه المعاكس لما اقترحه علناً الناشط النقابي الإسلامي أحمد أبو غنيمة، عندما دعا في تغريدة أرسلها لـ «القدس العربي» إلى توحيد صفوف الأردنيين، دولة وشعباً، في مواجهة استحقاقات الحرب وتداعياتها. وهي نصيحة لا أحد في السلطة الحكومية يريد الإصغاء إليها.
المعطيات قالت بكل اللهجات، إن مناخات الحرب بين إسرائيل وإيران لن تنتهي بتسويات سياسية في ملف الجماعة المحظورة، ما يعني ضمناً بأن سيناريو التسوية السياسية وضع في الأدراج؛ للخلاف مع الإسلاميين، والميكانيزم الذي تقرر هو السياق القانوني فقط، والذي يكمل في الملف المالي بعد حظر التنظيمي، وقد يكمل لاحقاً في ملف التعبير الحزبي حيث حزب جبهة العمل الإسلامي. هنا تقول السلطات وبكل اللغات، إن خياراتها هي مواجهة استحقاقات الحرب بثبات مع استمرار جدول الأعمال كما هو.
وهو ما أشار إليه في تصريح جريء إلى حد ملموس رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان، ظهر أمس الأربعاء، عندما أعلن بأن حكومته لن تتعامل مع الحرب وأحداث الإقليم، باعتبارها حجة وذرائع لأي تراجع وعلى أساس معادلة الأردن القوي.
في ملف الطاقة تحديداً، وبعدما طرحت الكثير من الأسئلة، أعلن صباح أمس الأربعاء عن عودة ضخ الغاز الإسرائيلي بعدما ارتبك الملف قليلاً وتوسعت فيه الاجتهادات أثناء تبادل القصف، فيما بقيت الحكومة في إطار التصريح المتزن تجنباً للهلع والمبالغة، مع أن شركات في القطاع الخاص هي التي أقلقت الجميع عندما تحدثت أكثر من مرة في بدايات التصعيد العسكري الأخير عن صمود لعدة أيام فقط في مخزون إنتاج الطاقة، ليتبين أن لدى الحكومة خيارات تم تفعيل بعضها فعلاً.
في ملف الطيران، ورغم إسقاط العشرات من الشظايا والأجسام الطائرة، وجدت سلطة الطيران المدني الأردني وبطريقة غامضة حتى الآن، آلية وتقنية للعبور من الأزمة ونتائجها بالحد الأدنى من التكاليف والفواتير والتعطيل.
خطوط الطيران الأردني وسط أجواء القصف كانت الأقل تعطلاً قياساً بخطوط الطيران الأخرى، الأمر الذي صنف مبكراً باعتباره تعبيراً عن نجاح عملياتي في هذا المجال. وبرز لاحقاً أن عمان تمكنت أثناء التوتر العسكري من استقبال وتأمين سفر مئات أو آلاف من الأجانب الذين تحركوا فور الحرب براً في اتجاه عمان من داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وحتى من داخل الكيان الإسرائيلي.
سجل هؤلاء باعتبارهم زواراً وسياحاً مؤقتين، لكن استفادت منهم المنشآت السياحية والفندقية بطريقة ملموسة في العقبة وعمان، ما يشير مجدداً إلى القدرات والخبرات اللوجستية الأردنية في توقيت الأزمة والحرب، علماً بأن الأجهزة المختصة بالدفاع الجوي حرصت بدورها على تطبيق ما تيسر من قواعد الاشتباك ومعايير الحياد العملياتي وسلامة الأجواء الأردنية.
قد لا يقف الأمر عند هذه الحدود، فالجانب اللوجستي والعملياتي برز أثناء الاشتباك العسكري الإسرائيلي الإيراني هنا وهناك.
ما هو غير مفهوم بعد حتى هذه اللحظة، هو نتائج وتداعيات ما بعد وقف إطلاق النار الأخير على مروحة وخارطة المصالح الأردنية الحيوية، حيث تصدرت آراء من أوساط مقربة من الحكومة والسلطات، تقترح تدشين صنف من الحوار تحت عنوان تقدير الموقف لضمان ألا تؤثر تسوية مفترضة بين الكبار قريباً على مصالح الأردن.
وهو الرأي الذي ألمح إليه في مقال خاص السياسي الإسلامي والوزير السابق الدكتور بسام العموش. الأردن في الخلاصة، غادر منطقة الأزمة الأخيرة بكفاءة دفاعية وبعض المكاسب الاقتصادية للقطاع الخاص، وبالحد الأدنى للخسائر السياسية، وقدر مرصود من الخسائر الإعلامية.
وفي الصورة العامة، فبعدما أعلن وقف إطلاق النار، يتوقع أن تبدأ ملفات التسوية، والأردن في العمق الجيوسياسي للأطراف المشتبكة… هنا حصراً سؤال الحضور الأردني بلا إجابة بعد.