أحزاب الوسط الأردنية: مرونة و«فك وتركيب» وائتلافات واندماج
استعداداً لمرحلة جديدة… موجة «تحديث مسار التحديث»

عمان ـ «القدس العربي»: بدأت ترصد في المشهد السياسي والحزبي الأردني تحديداً مظاهر «مرونة وفك وتركيب واندماج وائتلاف» على مستوى الأحزاب الوسطية استعداداً فيما يبدو للمرحلة اللاحقة التي قد يصبح عنوانها «تحديث مسار التحديث السياسي».
المعنى هنا هو التصويب وإنتاج حالة جديدة على مستوى الأحزاب الوسطية قد تقود إلى التخلص من المشكلات التي واجهت جبهة الوسط الحزبية تحديداً في الانتخابات الأخيرة.
الحراكات توحي باستقراء مسبق لأجواء «تحديث للتحديث» وعملية تصويب تستوجب التحرك. والانطباع حتى اللحظة سياسياً، أن المطلوب في المحصلة مسار تحديث سياسي لا يقتنصه الإسلاميون ويحولونه إلى مكاسب كما حصل في الانتخابات الأخيرة عام 2024 حيث حصد التيار الإسلامي 31 مقعداً مشكلاً الكتلة الأهم وكتلة الأغلبية في البرلمان، لكنها الكتلة الأصلب أيضاً.
وفي حال السعي لـ«تجميل» التكتيك، يمكن الإشارة إلى مسار تصويبي يعيد التيار الإسلامي في عمق النظام الانتخابي إلى «حجمه المنطقي المعقول». تلك تلميحات ليس سراً أن القيادي البارز المخضرم في كتلة جبهة العمل الإسلامي البرلمانية صالح عرموطي، يعتبرها «وقفة مريبة» ضمن محاولات «استهداف واقصاء» التيار الإسلامي، فيما يلمح النائب الإسلامي حسين رياطي إلى أن الأحزاب الوسطية لا تزال «طامعة» في «وراثة» مقاعد التيار الإسلامي عن القائمة الوطنية العامة وعددها 17 مقعداً، لها «وريث قانوني» -وفقاً للنائب الوسطي عبد الناصر الخصاونة- إذا تقرر قضائياً مستقبلاً حصول مخالفات تمس شرعية قانونية تخص حزب الجبهة. وبعيداً عن الإسلاميين، يمكن الوقوف على حافة «تحفز ومراقبة» على مستوى الخارطة الحزبية، وتحديداً الوسطية، على هامش موسم «توقعات تحديث التحديث»، حيث «بيروسترويكا» منظمة يتوقعها في المشهد الناشط السياسي والبرلماني محمد الحجوج.
أحزاب الوسط
أحزاب الوسط تعاني من مشكلات، بعضها مرتبط بعدم جدية رموزها وقواعدها، وبعضها الآخر ارتبط بانسحاب أعضاء برلمان من كتل الأحزاب التي شاركوا تحت يافطتها بالإضافة إلى مشكلات نخب رموز وإشكالات في المجالات الإدارية والمالية، حيث تواجه غالبية الأحزاب مشكلات في تدبير التمويل.
أحزاب الوسط هي محور عملية فك وتركيب هذه الأيام، وأغلب التقدير أن مشروع الاندماج ما بين حزبي «إرادة – تقدم» وهما محسوبان على التيار الوسطى، أصبح جدياً وبدأ يتلمس منابره وأصوله وجذوره في واقع الخارطة الحزبية المحلية. لم يعرف بعد ما الذي قد ينتج بالمدلول السياسي الانتخابي عن اندماج حزبي تقدم وإرادة، لكن عملية التعويض عن الفاقد الذي تسرب من خلال النواب بعد الانتخابات الأخيرة هي أساس محور الفك والتركيب والاندماج هنا.
استعداداً لمرحلة جديدة… موجة «تحديث مسار التحديث»
والانطباع العام أن ثنائي إرادة- تقدم يمكنه وراثة الصدارة في الجبهة الوسطية عند اللحظة التي يصل فيها قطار «تصويب التحديث» إلى مربع «4 أحزاب قوية وكبيرة فقط» خصوصاً إذا لم يبادر حزب الميثاق للنهوض من تعثره ومشكلاته الداخلية، فيما قد ينافس وبقوة في المساحة ذاتها حزب المحافظين الجديد تحت التأسيس. الاندماج هنا بين «إرادة» و«تقدم»، قد يفضي إلى تجربة حزبية باسم جديد، لكنها تمثل ثقلاً لا يستهان به مقارنه بالتحديات التي تواجه حزبي الميثاق والوطني الإسلامي، حيث تصدعات في الداخل من الصنف الذي لا يمكن تجاهله، وانسحابات وتجاذبات على خلفيات سياسية أو انتخابية.
تجربة الاندماج بين إرادة وتقدم، قد تكون الأقوى حتى الآن على المستوى الحزبي. لكن أمس الأول، تم الإعلان عن ائتلاف كتلوي برلماني جديد قبل نحو شهرين من انعقاد الدورة العادية البرلمانية، أما طرفا المعادلة في الائتلاف البرلماني هنا فهما كتلتا حزب عزم والحزب الوطني الإسلامي. يعني ذلك أن القائمة النيابية الموحدة التي كانت تجمع حزبي إرادة والوطن الإسلامي لم تعد قائمة، علماً بأن هذه الترتيبات على مستوى الكتل لن تكون نظامية أو رسمية وواقعية وقانونية إلا عند توثيقها بعد انعقاد الدورة البرلمانية.
اندماج الأحزاب
تحاول أحزاب الوسط الاندماج بين بعضها على أمل الصمود حتى الانتخابات المقبلة، في الوقت الذي أسست فيه تجربة حظر جمعية الإخوان المسلمين والأزمة بين السلطات السياسية والحكومية وبين الحركة الإسلامية لطموحات وأطماع أحياناً في مستويات الأحزاب الوسطية، حيث انعكاسات لا يستهان بها أيضاً تتطلب التقدم بقوة نحو البقاء أولاً، ثم تثبيت الأقدام بالنسبة للأحزاب الوسطية ثانياً.
ائتلافات البرلمان ستتأثر في انتخابات رئاسته، ومواقع الصف الأول وحركة الائتلافات البرلمانية تبدو ديناميكية هذه الأيام، لكن عملية الفك والتركيب والتمحور الجديد في أحزاب الوسط هي العنوان العريض. وليس سراً في عمق الأوساط السياسية المحلية أن الأنظار تتجه نحو رعاية وتغذية وتسمين خطة ما تحت عنوان تصويب وتعديل مسار التحديث السياسي، الأمر الذي يفرض بصماته عملياً على واجبات الأحزاب الوسطية وهويتها وشكلها الائتلافي الجديد.
وما يتسرب من مقترحات يوحي بأن تحصين قانوني الانتخاب والأحزاب بموجب مسار التحديث السياسي السابق لم يعد قائماً، وذلك يعني أن التصويب لمسار التحديث السياسي قد ينتهي ولأول مرة بمبادرات تعمل في اتجاه تعديل قانوني الانتخاب والأحزاب، وبصيغة تسمح ببقاء حزب جبهة العمل الإسلامي -ممثل التيار الإسلامي السياسي – تحت أنظار الرقابة والمتابعة القانونية، ولاحقاً التحجيم إن تيسر ذلك.